المحاولة الأخيرة قبل السقوط.. حكومة لبنان تضاعف سعر الدولار
حاكم مصرف لبنان وعد بضخ الدولار في السوق اللبناني منعا لارتفاع الدولار إلى 6 آلاف ليرة
في محاولة أخيرة لإنقاذ حكومة حسان دياب قبل سقوطها، قرر لبنان مضاعفة سعر صرف الدولار رسميا إلى 3200 ليرة ابتداء من الجمعة بنسبة زيادة 112%.
وعقدت الحكومة اللبنانية، الجمعة، اجتماعاً طارئاً مخصصا لبحث الأوضاع النقدية، أعقبه اجتماع برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، وحضور رئيس البرلمان نبيه بري، بعدما أثار هبوط سعر صرف الليرة غير المسبوق مساء الخميس، موجة احتجاجات.
ومنذ أمس الخميس، يتظاهر مئات اللبنانيين في شوارع مدن طرابلس وعكار شمالاً، وصيدا وصور جنوباً وفي البقاع شرقاً، وفي العاصمة بيروت، احتجاجا على دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع.
وأحرق المتظاهرون إطارات و مستوعبات نفايات وقطعوا طرقاً رئيسية وفرعية، وهتفوا ضد الحكومة برئاسة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
ويأتي تدهور سعر صرف الليرة في وقتٍ تعقد السلطات اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد الدولي أملاً بالحصول على دعم مالي يضع حدّاً للأزمة المتفاقمة، في حين تقترب الليرة من خسارة نحو 70% من قيمتها منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبدأت الحكومة جلستها الطارئة لمعالجة الأوضاع النقدية برئاسة رئيس الحكومة، حسان دياب، وفي حضور رياض سلامة،حاكم مصرف لبنان، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ووفد من نقابة الصيارفة.
وبعد انتهاء الجلسة في السراي الحكومي انتقل المجتمعون الى القصر الرئاسي لاستكمال الجزء الثاني منها برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، كما حضر أيضا رئيس البرلمان نبيه بري وعقد اجتماع بين الرؤساء الثلاثة.
وقال بري بعد اللقاء الثلاثي، تم الاتفاق خلال الاجتماع مع الرئيسين عون ودياب على زيادة سعر صرف الدولار رسميا إلى 3200 ليرة ابتداء من اليوم الجمعة واتُفق على الإجراءات خلال جلسة مجلس الوزراء.
وهوى سعر الليرة اللبنانية، الخميس، في السوق الموازية غير الرسمية "السوداء" مسجلا أدنى مستوى في تاريخه، وقاع لم يتوقع أحد أن تصل العملة إليه عند 6 آلاف ليرة للدولار الواحد، بينما ظل سعر الصرف الرسمي ثابتا عند 1507 ليرات.
فيما حدّدت نقابة الصرافين الخميس سعر شراء الدولار بـ 3890 كحد أدنى والبيع بـ3940 كحد أقصى، في خطوة بدأتها منذ أيام بالتنسيق مع الحكومة ضمن محاولة لتثبيت سعر الصرف على 3200 ليرة.
ولم يصدر أي قرارات رسمية على الجزء الأول من الجلسة، علمت "العين الاخبارية" من مصادر وزارية ان البحث تركز على كيفية ضخ الدولار في السوق اللبناني من قبل مصرف لبنان.
وحسب المصادر، وعد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، بضخ الدولار في السوق اللبناني منعا لتكرار ما حصل مساء الخميس، وأدى الى ارتفاع الدولار لحدود الستة آلاف ليرة.
وشككت المصادر الوزارية في قدرة المصرف المركزي على القيام بهذه الخطوة بقولها "لو كانت المبالغ الكافية موجودة لما وصلنا الى هذه المرحلة، وإذا ضخّ الدولار كيف سيتم دعم المواد الأولية في المرحلة المقبلة؟".
وبعد الجلسة قال وفد الصيارفة أن "هناك إصرارا من الحكومة على دعم الدولار وتم الاتفاق على ضخ الدولار بما يكفي لتلبية حاجة اللبنانيين من المستلزمات الضرورية اضافة الى دعم القوى الامنية لقمع السوق السوداء".
وترددت معلومات في لبنان عن نية لدى الحكومة وتحديدا حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائه عن التوجه لإقالة سلامة وتحميله مسؤولية ما حصل، لإنقاذ نفسها، وهو ما تحذّر منه المعارضة.
وفي هذا الإطار، كتب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عبر حسابه على تويتر قائلا: " الحكومة تقود اللبنانيين الى المجهول بتحويل الاقتصاد رهينة لتصفية الحسابات السياسية.. ذهنية كيدية وانتقام تبحث عن كبش محرقة لامتصاص غضب الناس المحق وصرخات الجوع من كل المناطق."
وأضاف: "التهويل باقالة رياض سلامة جنون اقتصادي وسياسي ودستوري سيذبح الاقتصاد اللبناني من الوريد الى الوريد.. يبحثون عن مخرج لإنقاذ أنفسهم من شر قراراتهم وأفعالهم، وليس عن حل لإنقاذ الاقتصاد ووقف تدهور الليرة".
ومن جهته قال النائب في تيار المستقبل محمد الحجار في تصريح له، إن "الحكومة لا تسقط إلا إذا كان هناك اتفاق سياسي، ومصداقيتها تتراجع يوماً بعد يوم".
وتابع: أن "الدعوة إلى إسقاط الحكومة قد تكون محقة، لكن السؤال هل هذا الأمر ممكن، وهل القوى التي ترعاها تريد إسقاطها؟".
وأوضح، أن "عدم رغبة "حزب الله" بإسقاط الحكومة، تعني أن الحكومة مستمرة".
وشدد الحجار على أن إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعني أن البلد يتجه إلى مزيد من المجهول.. لا أحد يقول إن مصرف لبنان والمصارف لا يتحمّلان مسؤولية، لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الدولة بكل مؤسساتها التي استدانت أهدرت المال العام.
من جهته قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر حسابه على تويتر، "طالما أن حزب الله والنائب جبران باسيل وحلفائهم موجودون في السلطة.. تحضروا لخبر سيئ وتدهور جديد مع كل إشراقة شمس".
ومن جانبه قال عماد سلامة، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأمريكية إن "بعض الأطراف الموجودة في الحركة الاحتجاجية تريد إسقاط حاكم مصرف لبنان وتحميله المسؤولية عن كامل المشكلة المالية".
وأضاف "أعتقد أن حزب الله يسعى إلى تغيير حاكم مصرف لبنان" فيما "أطراف متنوعة أخرى تدفع باتجاه اسقاط الحكومة، وهي القوى والناس والمجتمع المدني الذي أسقط حكومة سعد الحريري".
ومنذ تشكيلها، تبدو حكومة حسان دياب عاجزة عن احتواء الأزمة والحدّ من انعكاساتها الاجتماعية والمعيشية.
ويتهمها متظاهرون وناشطون وقوى معارضة بمواصلة اتباع سياسة المحسوبيات في القرارات والتعيينات بخلاف ما تعهّدت به.
وسبق للحكومة الحالية أن اشتبكت خلال شهر أبريل /نيسان الماضي مع سلامة. وحمّله دياب حينها مسؤولية وصول سعر الصرف الليرة إلى أربعة آلاف مقابل الدولار.
وردّ سلامة بالتأكيد على أن "البنك المركزي موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال".
وكان ينظر الى سلامة طيلة عقود على أنه عراب استقرار الليرة في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، لكن قوى سياسية عدة تعتبره "عراب" سياسة الاستدانة التي قامت بها الحكومات المتعاقبة.
هذا ويواصل المتظاهرون، اليوم الجمعة قطع طرق رئيسية في مناطق عدة، وتعمل القوى الأمنية على فتحها.
ويحتج المتظاهرون أيضا على الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية وخسارة قدرتهم الشرائية.
وتأمل الحكومة الحصول من صندوق النقد على أكثر من 20 مليار دولار دعم خارجي، بينها 11 مليار أقرّها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018 مشترطاً إجراء إصلاحات لم تبصر النور.
ويشهد لبنان أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، يتزامن مع شحّ الدولار وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بـ ودائعهم الدولارية.
وتسبّبت الأزمة بارتفاع معدل التضخم ودفعت قرابة نصف السكان تحت خط الفقر.
ودفعت هذه الأزمة مئات آلاف اللبنانيين للخروج إلى الشارع منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والفشل في إدارة الأزمات المتلاحقة.
ووجد عشرات الآلاف أنفسهم خلال الأشهر الأخيرة يخسرون وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم، ما رفع معدل البطالة بحسب إحصاءات رسمية، إلى أكثر من .35%
وينعكس الانخفاض في قيمة العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج كالمفروشات والأدوات الكهربائية وقطع السيارات.
ولا تزال الحكومة عاجزة عن احتواء الأزمة وتعلّق آمالها على صندوق النقد في محاولة للحصول على أكثر من 20 مليار دولار بينها 11 مليار أقرها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018 مشترطاً إجراء إصلاحات لم تبصر النور.
ونبّهت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير الإثنين إلى أن "لبنان يحتاج إلى مساعدات خارجية ملحّة لتفادي أسوأ العواقب الاجتماعية" شرط أن تكون مقرونة بتبني السلطات إصلاحات ضرورية ما زالت تتجاهلها.
aXA6IDE4LjE5MS4yMTIuMTQ2IA== جزيرة ام اند امز