بالأرقام.. طلبات المساعدة تفوق طاقة جمعيات الخير في لبنان
رئيسة جمعية بيت البركة تقول سنظل نحاول قدر استطاعتنا جمع الأموال والاستمرار في توزيع الطعام لكن لا يمكن إطعام 1.2 أو 2 مليون لبناني
في الوقت الذي يطول فيه أمد أزمة لبنان الاقتصادية المرهقة للبلاد، يزداد اعتماد اللبنانيين الذين ساءت أوضاع معيشتهم على منظومة للدعم آخذة في التنامي من الجمعيات الخيرية والمبادرات الخاصة للتصدي للجوع.
- الطبقة المتوسطة تدفع فاتورة الاضطرابات في لبنان
- لبنان يشن حربا ضد تهريب الدعم.. بدأت رحلة العلاج المر
وتتسبب الأزمة الاقتصادية التي بلغت ذروتها العام الماضي في معاناة متزايدة للبنانيين الذين عانوا من زيادات حادة في الأسعار وتلاشي وظائف وتهاوي قيمة الليرة، وكان ذلك قبل الضربة الإضافية من جائحة فيروس كورونا.
وبينما تتفاوض بيروت بشأن برنامج من صندوق النقد الدولي تعول عليه لإطلاق شرارة تعاف، تسارع مجموعة من المبادرات الخيرية لملء فراغ تركته الدولة المثقلة بالديون.
وفي الشهر الماضي، بدأ ما يقرب من 100 منظمة غير حكومية بشكل مشترك ما وصفتها بأنها واحدة من أكبر حملات الطعام على الإطلاق في البلاد بجمع تبرعات من مغتربين لتوفير طعام يكفي شهريا لنحو 50 ألف أسرة.
وقالت مايا إبراهيمشاه رئيسة بيت البركة، وهي واحدة من المنظمات المشاركة، "سنظل نحاول قدر استطاعتنا جمع أموال والاستمرار في توزيع (الطعام). لكننا لا يمكننا إطعام 1.2 مليون أو مليوني لبناني... هذا دور الدولة ونحن لسنا دولة".
وفق صندوق النقد الدولي، فإن تعداد الفقراء في لبنان يصل إلى نحو يتجاوز 55% حاليا.
وأسفرت عمليات توزيع الطعام عن ظهور مشاهد لم يكن من الممكن تصورها قبل عام واحد فقط في البلد المطل على البحر المتوسط والذي يقطنه 6 ملايين نسمة، حيث كانت الخدمات المصرفية والسياحة في وقت ما تصنعان ازدهارا نسبيا.
وأمس الأحد، اصطف لبنانيون معوزون على واجهة بيروت البحرية التي تضم معارض للسيارات الفارهة ومتاجر أزياء لكبار المصممين للحصول على البطاطا (البطاطس) والبصل والخبز، وذلك في إطار مبادرة منفصلة يديرها رجل الأعمال فادي خيرو.
وبينما كان يجري تحميل صناديق سيارات بالدجاج ومنتجات الألبان والبسكويت والملفوف (الكرنب)، قال خيرو "عائلات في أنحاء لبنان تناشدنا للوقوف بجانبها خلال هذه الأزمة حتى يمكنها إطعام أسرها".
وأضاف قائلا "هناك أناس يقولون لنا براداتنا خاوية. لا يمكننا إطعام أطفالنا. ليس لدي حليب لأطفالي...هذا يجعلك تبكي".
بدأ لبنان مطلع مايو/أيار الجاري محادثات مع صندوق النقد الدولي على أمل الحصول على تمويل بنحو 10 مليارات دولار، ويتطلع إلى قرابة 11 مليار دولار أخرى من مانحين آخرين.
والأزمة المالية مستمرة منذ فترة طويلة وتمثل أكبر تهديد لاستقرار البلاد منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.
وبرزت الأزمة إلى صدارة المشهد في أكتوبر/تشرين الأول عندما اندلعت احتجاجات واسعة ضد الفساد وسوء الإدارة من جانب النخبة الطائفية.
ويوفر البنك المركزي في لبنان الدولارات لاستيراد القمح والوقود والأدوية بسعر صرف 1507.5 ليرة وهو سعر الصرف الرسمي، لكن يجري تداول الدولار بأسعار صرف تزيد عن 4 آلاف ليرة في السوق الموازية للعملة الصعبة.
ويقدر خبراء أن يؤدي ارتفاع الدولار الذي تعتمد عليه لبنان في استيراد احتياجاتها وفي بعض معاملاتها الداخلية، إلى تراجع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة بنسب تتراوح بين 60 و70%.
وجاء ارتفاع سعر الصرف في التعاملات غير الرسمية نتيجة شح الدولار في القنوات الرسمية، وبعد سلسلة من الاضطرابات التي عصف بلبنان منذ سلسلة الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، وما تبعها من تأثيرات سلبية حادة لتفشي فيروس كورونا.