الطبقة المتوسطة تدفع فاتورة الاضطرابات في لبنان
في لبنان طبقة وسطى قوامها الموظفين لكن تلك الطبقة تتلاشى تدريجيا بعد أن نال انخفاض الليرة من قدراتها الشرائية
في لبنان طبقة وسطى قوامها من موظفي القطاعين العام والخاص، والمتقاعدين منهما، لكن تلك الطبقة تتلاشى تدريجيا بعد أن نال الانخفاض الكبير في سعر صرف الليرة من قدراتها الشرائية إثر سلسلة من الاضطرابات بالبلاد.
وتتقلص الطبقة المتوسطة في البلاد من نسبة مقدرة بنحو 50% من السكان، بينما يزيد تعداد الفقراء إلى نحو 55% حاليا، وفق صندوق النقد الدولي.
- بعد الانهيار الكبير لـ"الليرة".. مصرف لبنان المركزي يحدد سعر الدولار
- تفاصيل خطة إنقاذ الاقتصاد اللبناني المقدمة لصندوق النقد
برواتبها من الوظائف الحكومية ولدى القطاع الخاص، تمكنت الطبقة المتوسطة في الماضي من تأمين مستلزمات العيش والتعليم مع قدر لا بأس به من الإنفاق على النشاطات الترفيهية.
لكن تلك الميزانية "المتوسطة" أصبحت في مهب الريح بعد ارتفع سعر صرف الدولار من 1500 ليرة إلى حوالي 4 آلاف ليرة في الأسواق الموازية.
ويقدر خبراء أن يؤدي ارتفاع الدولار الذي تعتمد عليه لبنان في استيراد احتياجاتها وفي بعض معاملاتها الداخلية، إلى تراجع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة بنسب تتراوح بين 60 و70%.
وجاء ارتفاع سعر الصرف في التعاملات غير الرسمية نتيجة شح الدولار في القنوات الرسمية، وبعد سلسلة من الاضطرابات التي عصف بلبنان منذ سلسلة الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، وما تبعها من تأثيرات سلبية حادة لتفشي فيروس كورونا.
الأزمة تطيح بالطبقة المتوسطة
ويقول فرحات فرحات الخبير الاقتصادي لـ "العين الاخبارية": "لا شك أن ارتفاع سعر صرف الدولار وانخفاض القدرة الشرائية من شأنه أن ينعكس على المنظومة الاجتماعية في لبنان.. ستتقلص الطبقة المتوسطة ويزيد الفقراء فقرا".
ويوضح: "الطبقة المتوسطة التي تتشكل أساسا من موظفي القطاع العام والمؤسسات الخاصة اللبنانية، كانت قادرة على الاستهلاك في السنوات الماضية، لكن مع الأزمة الاقتصادية تراجعت قدراتها بشكل كبير".
ويرى فرحات أن الطبقة المتوسطة ستتآكل بعد أن يتحول معظم أفرادها إلى فقراء.
ويقدر عدد الموظفين في القطاع العام اللبناني بنحو 300 ألف موظف يشكلون نسبة 25% من إجمالي موظفي البلاد وهي نسبة تعتبر مرتفعة مقارنة مع دول أخرى.
ويلفت فرحات إلى أن الطبقة المتوسطة تشمل إضافة الى موظفي القطاع العام، المعملين والأساتذة في المدارس والجامعات وموظفي المؤسسات الخاصة.
وقبل أيام قال النائب البرلماني نعمة افرام رئيس لجنة الاقتصاد والتخطيط النيابية، إن القطاع الخاص "يحتضر أمام أعيننا" بعد أن انعدمت القدرة الشرائية وبات 70% من موظفيه بلا عمل.
ويعطي فرحات مثالا على ذلك، قائلا: "راتب الأستاذ الذي كان حوالي مليوني ليرة أي ما يقارب 1300 دولار بات اليوم يوازي 500 دولار".
وأوضح: "كذلك فإن الحد الأدنى للأجور الذي يعتبر أساسا متدني، والمحدد في لبنان بـ 675 ألف ليرة لبنانية، كان يوازي وفق سعر الصرف السابق 450 دولارا وبات اليوم يوازي 168 دولارا وهو رقم منخفض جدا مقارنة مع ارتفاع الأسعار الحادث حاليا".
تعويضات المتقاعدين تتآكل
ولا تقتصر تداعيات الأزمة الاقتصادية على الموظفين والعاملين، بل طالت المتقاعدين أيضا المتقاعدين.
ورغم طول المدة التي قضوها في الوظيفة (سن التقاعد 64 عاما) فإن تعويضات نهاية الخدمة التي يقبضونها من الضمان الاجتماعي أصبحت أيضا تحت مقصلة الغلاء وارتفاع الدولار.
وحال تُرك المتقاعدون لفخ التعويضات المتآكلة فإنهم سيتمكنون بالكاد من تأمين لقمة عيشهم قبل الانضمام إلى فئة الفقراء.
وقد دفع هذا الأمر، الاتحاد العمالي العام في لبنان إلى المطالبة بتحويل التعويضات إلى الدولار بالسعر الرسمي وصرفها على هذا الأساس قبل أن تحدث "كارثة اجتماعية".
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yMzEg جزيرة ام اند امز