في بلاد المهاجرين.. الجنسية والعمل حلم صعب المنال
أستراليا قررت تشديد شروط منح الجنسية سيرًا على خطا الكثير من الدول التي توصف بأنها بلاد مهاجرين مثل نيوزيلندا وأمريكا وبلاد أوروبية
شددت أستراليا، الخميس، شروطها لمنح الجنسية، وذلك في إطار سلسلة إجراءات متسارعة تتعلق بالحد من تدفق المهاجرين.
ومن بين الشروط الجديدة ما يتعلق بتبني "القيم الأسترالية" والتمتع بمستوى جيد للغة الإنجليزية، وخضوع المتقدم للجنسية لفترة اختبار مدتها 4 سنوات.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم ترنبول للصحفيين إن الأستراليين لا يجمعهم "العرق أو الدين أو الثقافة مثل أمم كثيرة غيرنا".
واعتبر أن ما يجمعهم هو "تبنينا قيما مشتركة، قيما سياسية، دولة القانون، الديموقراطية، الحرية، الاحترام المتبادل المساواة بين الرجال والنساء".
وعلى هذا الأساس قال إن إجراءات الحصول على الجنسية يجب أن تعكس ذلك.
"اليوم نعلن عن تغييرات لتعزيز المواطنة، وليكن لدينا أستراليا أقوى ومواطنة أقوى ومواطنون أقوى".
ولطلب الجنسية الأسترالية يفترض أن يقيم المرشح 4 سنوات في البلاد بعد أن كانت سنة واحدة.
وبحسب وزارة الهجرة فإن الاختبارات "المدنية" التي سيخضعون لها سيتم تعزيزها بأسئلة عن "العنف الأسري" مثلا.
وقال ترنبول: "يحق لنا القول إنه إذا أراد شخص ما أن يصبح مواطنا أستراليا فعليه أن يبرهن على أنه يقاسمنا بعض الأمور".
وأضاف أن "التزام قيمنا والولاء لبلدنا ومستوى جيدا في اللغة الإنجليزية وإقامة مدتها 4 سنوات هنا، الأمر ليس مجرد إجراء إداري بسيط".
وفي مقابل التشديد في منح الجنسية، تتخذ أستراليا إجراءات لتسهيل سحب الجنسية، خاصة من المتورطين في الإرهاب وتهديد أمن البلاد.
ففي 2015 أقرت أستراليا قانونًا بسحب الجنسية من المدانين بارتكاب أعمال إرهابية.
وبالفعل أسقطت الجنسية في فبراير/شباط الماضي عن مزدوج الجنسية يدعى خالد شروف لتورطه في أعمال إرهابية داخل أستراليا وفي العراق.
ويأتي قرار تشديد شروط منح الجنسية وسط خطوات متسارعة وغير مسبوقة في أستراليا للحد من تدفق المهاجرين، بالرغم من أنها تصنف ضمن بلاد المهاجرين، أي البلاد التي تكونت في العصر الحديث على استقبال الهجرات.
فقد ألغت الحكومة، الخميس الماضي، برنامجًا للتأشيرات الخاصة بدخول العمال الأجانب، وأقرت نظامًا جديدًا يهدف إلى إعطاء الأفضلية في التوظيف للأستراليين.
وعلق رئيس الوزراء بالقول: "سيطبق النظام الجديد بدقة وبشكل واضح وحاسم، ليصب في المصلحة الوطنية (...) جعل الأستراليين أولى بالوظائف الأسترالية".
كما تضمن النظام الجديد تشديدات في اختيار المقبولين من العمالة الأجنبية، ومنها تعديلات تتضمن أن يكون المتقدمون أكثر إتقانا للغة الإنجليزية، ويخضعون لتدقيق جنائي، ويخضعون لاختبارات سوق العمل.
وتم حذف 200 مهنة من القائمة التي كانت تقبل أستراليا عمالة أجنبية فيها.
وتتخذ الحكومة والبرلمان هذه الخطوات في أجواء من الضغوط الشعبية المتزايدة للحد من دخول المهاجرين إلى البلاد، خاصة مع تنامي خطر الإرهاب.
ولا يقتصر الأمر على أستراليا؛ فأمس الأربعاء أعلنت حكومة نيوزيلندا عزمها فرض شروط أكثر تشددًا على منح تأشيرات الدخول للعمال الأجانب.
وقال وزير الهجرة النيوزيلندي مايكل وودهاوس إنه سيتبع نهجًا لتفضيل مواطني بلاده بدلًا من المهاجرين والأجانب في شغل الوظائف.
ومن مبررات الحكومة للحد من دخول مهاجرين جدد هو صعوبة حصول المواطنين على فرص عمل أمام المهاجرين الذين يقبلون برواتب أقل، وتسبب المهاجرين في رفع أسعار الإيجارات.
وفي نفس اليوم وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مرسومًا بدراسة تشديد شروط منح التأشيرات الخاصة بجلب العمال الأجانب المهرة إلى الولايات المتحدة، وذلك في إطار تنفيذ تعهداته خلال حملته الانتخابية بأن تكون "أمريكا أولاً".
كما جدد ترامب دعوته للأمريكيين بأن يعطوا مواطنيهم الأولوية في التوظيف، وكذلك في شراء المنتجات.
وردد شعاراته التي رفعها في حملته الانتخابية: "وظف أمريكي"، "اشترِ الأمريكي".
وفي روسيا يسعى نواب في مجلس الدوما "البرلمان" إلى تعديل دستوري يتيح سحب الجنسية من الروس في حال تم إدانتهم بالإرهاب.
أما في بريطانيا فيوجد بالفعل قانون يسمح بسحب الجنسية من مزدوجي الجنسية المدانين بالإرهاب، وسحبت جنسيتها من 20 حاصلاً عليها بالاكتساب عام 2014 لمشاركتهم في القتال بسوريا.
وفوق ذلك تدور مقترحات في بريطانيا لسنّ قانون لسحب الجنسية من البريطاني الأصل الذي لا يملك سوى جنسية واحدة إذا ما أدين بالإرهاب أيضا.
وعقب تفجيرات باريس ونيس في 2015 و2016، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لتعديل دستوري يسهل سحب الجنسية من المتورطين في الإرهاب، ورغم رفض هذا الاقتراح في حينه، إلا أن هذا الاقتراح يتجدد خاصة في برامج بعض مرشحي الرئاسة المعادين لفتح الباب أمام المهاجرين.