إخوان أوروبا.. من النمسا البداية وفيها النهاية
من النمسا، بدأ تنظيم الإخوان الإرهابي أولى خطوات تأسيسه أواخر خمسينيات القرن الماضي، ويبدو أن بداية النهاية له بأوروبا باتت قريبة.
وحاليا، يتعرض عناصر الإخوان التي اتخذت من النمسا ملاذا آمنا، إلى ضربات قوية تضع الجماعة على شفير الهاوية.
وقبل أيام، شنت الشرطة النمساوية مداهمات استهدفت 60 جمعية ومؤسسة وشخصا على صلة بالإخوان، وحققت مع 70 مشتبها بهم.
ووفق ما جاء في صحيفة ستاندارد النمساوية "خاصة"، فقد صادرت الشرطة خلال المداهمات عددا من الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، وكذلك الوثائق البسيطة.
مداهمات جاءت بعد نحو عام ونصف من فرض الحكومة النمساوية حظرا على استخدام ونشر شعارات الإخوان في البلاد.
البداية
بصفة عامة، يرجع أول ظهور لجماعة الإخوان في الدول الغربية إلى أواخر خمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي، حينما هربت مجموعة صغيرة ومتشددة من قيادات الجماعة، أبرزها يوسف ندا وسعيد رمضان، من الشرق الأوسط، للاستقرار في مدن أوروبا وأمريكا الشمالية.
الهجرة الإخوانية إلى الشمال، رصدتها دراسة "الإخوان المسلمون في النمسا" التي أعدها لورينزو فيدينو، مدير مركز التطرف في جامعة جورج واشنطن الأمريكية بمشاركة جامعة فيينا وهيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في النمسا.
تقول الدراسة إن معظم هذه العناصر الهاربة من الطلبة، كانوا من الذين استقروا في مدن أوروبا للدراسة في جامعاتها، فضلا عن بعض القيادات والمقاتلين المدربين ذوي الخبرة.
ومن النمسا في نفس الفترة الزمنية، دشّن الإخوان وجودهم في أوروبا، عندما وصل يوسف ندا، والقيادي الآخر في الجماعة أحمد القاضي، البلد الأوروبي، قبل أن ينتقل الأخير للولايات المتحدة ويؤسس شبكة الجماعة هناك.
وفي هذه المرحلة التي يمكن تسميتها مرحلة التأسيس، استغلت "الإخوان" عدم وجود مساجد أو منظمات للمسلمين في المدن الأوروبية، وبدأوا في غرس وجودهم المشبوه عن طريق إنشاء أماكن صغيرة للصلاة والاجتماعات.
لورينز قال في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية" عبر الهاتف من واشنطن: "في بدايات وجودها بأوروبا، استغلت قيادات الإخوان، حرية الصحافة والتعبير في دول القارة، لنشر فكرتهم المعادية للديمقراطية، عن طريق نشر المجلات وتنظيم الندوات، وغيرها من الأنشطة".
ملاذ آمن
مدير مركز التطرف في جامعة جورج واشنطن قال أيضا "خلال الخمسين عاما الماضية، استغلت الإخوان النمسا كملاذ آمن لقيادتها وعناصرها، وقاعدة لأنشطتها في الدول العربية وأوروبا، انطلاقا من أن النمسا دولة محايدة سياسيا تملك بنية تحتية جيدة وصحافة حرة، وفرص استثمار جديدة، ونظام بنكي جيدا، وكل هذا يجعلها قاعدة مهمة لأنشطة الجماعة".
ولفت إلى أن الجماعة "خططت وأدارت في الأعوام الماضية، أنشطة داعمة لحركة حماس في غزة ومصر، من النمسا".
مضيفا "بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، نظمت الجماعة حملات جمع أموال في هذا البلد الأوروبي، من أجل تنفيذ خططها في مصر".
ويرى أستاذ الدراسات الشرقية بجامعة فيينا، رودجر لولكر في تصريحات لـ"العين الإخبارية" مؤخرا، أن الإخوان "تعمل كتنظيم سري مغلق في النمسا.. هذه هي ثقافتها منذ تأسيسها في مصر".
وحذر من أن "الإخوان تعقد لقاءات سرية في النمسا تحرضها قياداتها في أوروبا، وتدور حول أنشطة الجماعة في القارة وسبل توسيع دوائر نفوذها".
بداية النهاية
لم تكن المداهمات التي شنتها السلطات النمساوية ضد جمعيات وقيادات الإخوان على أراضيها، ومصادرة نحو 20 مليون يورو في صورة أصول وأموال سائلة، وتجميد حسابات بنكية، مجرد حدث عارض، وإنما حملت إشارات حول مستقبل الجماعة في النمسا.
وفي هذا الإطار، قال عدنان أصلان أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة فيينا النمساوية في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "المداهمات الأخيرة مؤشر قوي على إدراك النمسا لخطر الإخوان، وعزمها التعاطي معه بقوة".
وأشار إلى أن "الحكومة أدركت الخطر الذي تشكله هذه الجماعة على الديمقراطية والعمل الحر، ولا تعد تريد أن تتسامح مع هذا الخطر".
وأمام هذا المشهد، لخّصت صحيفة "كورير" النمساوية "الخاصة"، الحملة الأمنية ضد الإخوان كمقدمة لما ينتظر الجماعة في الفترة المقبلة، وإشارة إلى أن الحكومة قررت وضع نهاية لاستغلال الأراضي النمساوية.
فيما قال ولفرام ريس، أستاذ الدراسات الدينية بجامعة فيينا لـ"العين الإخبارية" إن الإجراءات الحكومية ضد الإخوان "تهدف بوضوح إلى كبح جماح التطرف في البلاد".
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTU4IA==
جزيرة ام اند امز