كما حظّرت السلطات الفرنسية "الذئاب الرمادية" التركية المتطرّفة، على العواصم الأوروبية الأخرى أن تتخذ خطوات مشابهة كحظر جماعة "الإخوان".
في تطور جديد للأحداث، بدأت النمسا رسمياً قبل أيام بحملة واسعة وجديّة لملاحقة جماعاتٍ إرهابية تنشط داخل أراضيها، وهي أكبر خطوّة تقدم عليها دولة أوروبية بُعيد الهجماتٍ الدامية التي تستهدّف منذ الشهر الماضي مناطق مختلفة في فرنسا والنمسا، وقد داهمت الشرطة النمساوية مقرّات جمعياتٍ ومؤسسات تموّلها جماعة "الإخوان المسلمين" أو جهات مقرّبة منها، واعتقلت العشرات من أفرادها في 4 من مقاطعات البلاد.
والملفت أن هذه الحملة الأمنية التي قامت بها الشرطة النمسّاوية ليست على صلة بالهجوم المسلّح الذي قُتِل على إثره 4 أشخاص مطلع شهر نوفمبر الجاري في فيينا، الأمر الذي يؤكد نيّة الأخيرة للتحرّك بسرعة وقوة لملاحقة الإرهابيين داخل حدودها، لذلك داهمت خلال الحملة الأمنية الأكبر أوروبياً، أكثر من 60 موقعاً على صلة بجماعة "الإخوان" وحركة "حماس" خلال أقل من أسبوع.
وتأتي هذه الحملة الأمنية ضد معاقل الإرهاب الممول من تركيا وقطر على الأراضي النمساوية، بالتزامن مع الهجمات الدامية التي استهدفت الفرنسيين والنمساويين في دور العبادة وفي الشوارع العامة، وقد تمّت على نطاقٍ واسع من خلال مداهمة معظم الجمعيات والمؤسسات المشكوك بأمرها وبصلاتها مع جماعاتٍ دموّية خطرة، وهذه الخطوات الأمنية الجديّة باتت ضرورية أيضاً بالنسبة لباقي العواصم الأوروبية كباريس وبروكسل وبرلين وأثينا؛ حيث تنشط فيها الجماعات المتطرّفة والمحسّوبة على أنقرة والدوحة وإن كان بنسبٍ متفاوتة، إلا أنها موجودة ولديها خلايا نائمة تنتظر الإشارة لتتحرك وتحدث زعزعة في أمن وأمان تلك الدول.
ولذلك لن يكون مفيداً التأخر الأوروبي في اتخاذ قرار جدّي بملاحقة جماعة "الإخوان" وشقيقاتها من الكيانات الراديكالية المتطرفة والمصنفة أساساً على قوائم الإرهاب في عدد من الدول العربية. ومن هنا ينبغي على الاتحاد الأوروبي العمل سريعاً على فعل المثل وتصنيف هذه الجماعة منظمةٍ إرهابية، ومن ثم منع أنشطتها داخل القارة "العجوز" قبل فوات الأوان، خاصة أن بعض أفرادها حاصلين مسبقاً على جنسياتٍ أوروبية ويستغلون قوانين تلك الدول ومبدأ حريّة الرأي والمعتقد في نشر الإرهاب تحت اسم المجتمع المدني والجمعيات الخيرية.
كذلك ينبغي على العواصم الأوروبية التعاون مع فيينا، لتسهيل مهمتها المعقدة وحمايتها، لا سيما أن جماعة "الإخوان" والمدعّومين منها قد يتحرّكون بسرعة للردّ على الحملة الأمنية وتوقيفها من خلال ضرب أهدافٍ نمساوّية جديدة، وهذا يتطلب تعاوناً وثيقاً بين الأجهزة الأمنية النمساوية والأوروبية وحتى العربية، لا سيما أن جهاديين كُثر قدِموا من سوريا إلى أوروبا عبر تركيا خلال موجات الهجرة الجماعية قبل سنوات، وهم جاهزون اليوم للتحرك ونشر الرعب عند الطلب وبناءً على أوامرٍ تركية وأخرى قطرية إذا ما اقتضت الحاجة.
وبالتالي لدى أوروبا مسؤولية كبيرة اليوم، تتمثل بدرء خطر تلك الجماعات، وكما حذرت السلطات الفرنسية "الذئاب الرمادية" التركية المتطرّفة، على العواصم الأوروبية الأخرى أن تتخذ خطوات مشابهة كحظر جماعة "الإخوان" وكل من يدور في فلكها ضمن أراضيها، حيث لا يمكن أن تنجح محاربة الإرهاب في فيينا وحدها طالما الجماعة المتطرفة نفسها موجودة في عواصمٍ أوروبية أخرى، وتمارس فيها أنشطتها وأهدافها التخريبية بحريّة ودون حسيبٍ أو رقيب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة