امتناع عن التصفيق، فتعليق لافتات فانسحاب.. ثلاثية "احتجاج صامت" عرقلت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على سلم برلمان النمسا.
أجواء ملبدة بالرفض صاحبت إلقاء الرئيس الأوكراني خطابه "عن بعد" في البرلمان النمساوي، صباح الخميس، بعد عام طويل من انتظار هذه الفرصة.
ومع بداية كلمة زيلينسكي في البرلمان رفض نواب حزب الحرية اليميني المتطرف، وعددهم 31 من أصل 183 عضوا بالبرلمان، التصفيق، ثم أخرجوا من حقائب بنيةرلافتات مدون عليها "مكان للحرية" "مكان للحياد".
قبل أن يغادر الـ31 نائبا الجلسة ويتركون اللافتات في مواقعهم، في احتجاج هو الأكبر في برلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ضد كلمة لرئيس أوكرانيا.
وما فاقم الأمر، هو لجوء أغلبية نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي؛ أحد الأحزاب التاريخية في البلاد، وثاني أكبر كتلة في البرلمان، إلى "استراتيجية الغياب" عن الجلسة، في خطوة تعبر على ما يبدو عن رفضهم كلمة زيلينسكي التي يراها البعض "انتهاكا لحياد النمسا".
١٨ نائبا فقط من أصل ٤٠ يمثلون الحزب الاشتراكي الديمقراطي حضروا الجلسة، حتى رئيسة الحزب باميلا ريندي فاغنر فاغنر لم تحضر وقالت إنها مريضة.
وفي كلمته أمام البرلمان، شكر الرئيس الأوكراني النمسا لمساعدتها بلاده من الناحية الإنسانية.
وأكد في خطاب جرى بثه في القاعة العامة للمجلس الوطني (البرلمان)، "من المهم ألا نكون محايدين أخلاقيا تجاه الشر".
وقال زيلينسكي "اليوم هو الـ400 للحرب الروسية ضد أوكرانيا.. هذه حرب شاملة يفقد الناس حياتهم فيها كل يوم".
وأضاف "174000 كيلومتر مربع؛ أي ضعف مساحة النمسا، ملوثة بالألغام والقذائف التي لم تنفجر بعد"، مستطردا "الروس تركوا مئات الآلاف من الألغام والقنابل اليدوية في المباني والحدائق".
ومضى "أوكرانيا تريد أن تعيش في أمن وسلام وحرية".
وقبل يومين، أعلن رئيس حزب الحرية اليميني المتطرف هيربرت كيكل، في مؤتمر صحفي، رفض الحزب هذه الخطوة، متهما إدارة البرلمان بـ"الخداع" بعد أن لجأت لحيلة تنظيم الكلمة أمام "فعالية برلمانية"، وليس "جلسة رسمية" تفاديا لفيتو الحزب.
كيكل اعتبر أن كلمة زيلنيسكي في البرلمان تدل على أن الأحزاب النمساوية الأخرى تخلت بالفعل عن الحياد الذي تتبناه البلاد منذ 1955، واصفا إلقاء الخطاب بأنه "أمر متفجر للغاية".
وهاجم كيكل ما وصفه بسياسة "إثارة الحروب"، معلنا أنه سينظم احتجاجا أثناء الخطاب، لكنه رفض الكشف عن طبيعته، وإن كان سيحتفظ بكونه أول احتجاج كبير ومنظم ضد كلمة زيلينسكي في بلد أوروبي منذ بداية الحرب.
وقبل أيام، أعلن رئيس حزب "الحرية"، وهو متصدر استطلاعات الرأي في النمسا، أن الخطاب "لعب بالنار ضد الحياد".
وكان من المقرر أن يلقي زيلينسكي هذا الخطاب قبل عام من الآن، لكن الأمر فشل بسبب معارضة حزب "الحرية".
ومع تأخر إلقاء رئيس أوكرانيا هذا الخطاب، باتت النمسا ضمن ٣ دول فقط من أصل 27 دولة أوروبية لم تمنح زيلينسكي فرصة الحديث أمام برلمانها.
وتبقى الدولتان الأخريان بعد إلقاء زيلينسكي خطابه اليوم في النمسا، هما المجر وبلغاريا.