لأول مرة في الإمارات.. تسجيل تسلسل الجينوم لفتى مصاب بطيف التوحد
قراءة تسلسل الجينوم البشري تكتسب أهمية متزايدة في الوقت الحالي ضمن الجهود التشخيصية والعلاجية.
نجحت جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية في تسجيل تسلسل الجينوم الكامل العائد لفتى إماراتي مصاب باضطراب طيف التوحد، في خطوة تعد الأولى من نوعها في دولة الإمارات.
يأتي ذلك في إطار جهود التعاون البحثية بين الجامعة وبرنامج التوحد التابع لمستشفى الجليلة التخصصي للأطفال بدبي.
ويُعد اضطراب طيف التوحد من الأمراض المرتبطة بالوراثة إلى حد كبير، وبالتالي فإن تسلسل الجينوم البشري يتيح إجراء التشخيص الدقيق لعدد مهم من حالات الإصابة بهذا الاضطراب.
ويُجسد الجينوم البشري مجموع المورثات أو المواد الوراثية التي تتضمنها الخلية، ويتشكل من خيوط الحمض النووي "DNA" المتجمعة ضمن 23 زوجاً من الصبغيات "الكروموسومات"، حيث يبلغ طول الجينوم البشري الطبيعي حوالي 3 مليارات زوج قاعدي، ويضم أكثر من 20 ألف مورثة.
وتكتسب قراءة تسلسل الجينوم البشري أهمية متزايدة في الوقت الحالي ضمن الجهود التشخيصية والعلاجية.
وفي هذا الإطار، قام فريق طبي تابع للمختبر الجزيئي بجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية بتسجيل تسلسل الجينوم الكامل العائد لفتى إماراتي مصاب باضطراب طيف التوحد من برنامج التوحد التابع لمستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، وذلك بقيادة الدكتور محمد الدين الأستاذ المساعد في علم الوراثة البشري في كلية الطب لدى الجامعة.
وأجرى الفريق الطبي الذي ضم أيضاً 4 من طلاب كلية الطب، عملية التسلسل باستخدام الجهاز المحمول واسع المدى لتسلسل الحمض النووي العامل بتكنولوجيا النانو.
وقال الدكتور محمد الدين: إن الفريق الطبي عمل على تسجيل وقراءة تسلسل الجينوم العائد لفتى من المصابين باضطراب طيف التوحد باستخدام أنظمة "نانوبور" التي تتميز بإعطاء نتائج تسلسل مباشرة للتحليل الكهربائي للجزيئات المفردة، حيث تجسد هذه الأنظمة تكنولوجيا جديدة تتميز بمستويات ابتكار أعلى بالمقارنة مع الأنظمة الحالية، ويعود ذلك إلى سهولة نقلها، وأوجه التقدم الحيوية التي توفرها.
وذكر أن عمليات تسلسل وتحليل الجينوم المتكامل معقدة، وتتطلب استخدام تقنيات تسلسل حديثة ومستويات كبيرة من قدرات الحوسبة عالية الأداء، منوهاً بأنه عادة ما يستغرق التحليل المتكامل للجينوم عدة أشهر للتعرف على الطفرات والنواحي الوظيفية التي تنطوي عليها.
كما عبّر عن فخر جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية بمنشآت البنية التحتية الداخلية، وبفريق العلماء والطلاب لديها، ممن أسهموا جميعاً في وضع هذا المشروع البحثي الأول من نوعه في دولة الإمارات موضع التنفيذ.
وأكد الدكتور محمد الدين أن قراءة تسلسل الجينوم لدى المصابين باضطراب طيف التوحد تنطوي على أهمية علمية كبيرة، وستفضي إلى نتائج مهمة، معرباً عن أمله في أن يتم من خلال هذا البحث التوصل إلى تحديد مورثات جديدة من شأنها المساعدة في تعزيز التشخيص والعلاجات الخاصة بالمصابين بطيف التوحد.
من جهته، قال الدكتور عمار البنا، الباحث الرئيسي المنتدب من مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال والأستاذ المساعد في الطب النفسي بجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية: إن الأبحاث الطبية تشير إلى أن الإصابة باضطراب طيف التوحد تعود إلى عوامل وراثية إلى حد كبير، حيث من الضروري فهم العوامل المورثية المحددة المرتبطة بالإصابة بهذا المرض في دولة الإمارات.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي للاختبارات المورثية في الوقت الحالي يتمثل في الوصول إلى مستويات تشخيصية أكثر دقة، إلى جانب توقع معدلات تكرار الأمراض ضمن كل عائلة والفحص لاستكشاف وجود أية أعراض أخرى.
وأضاف البنا أن استخدام هذا الاختبارات لن يتوقف عند هذا الحد، إذ سيتجسد الهدف المستقبلي الرئيسي في تقديم علاجات متخصصة مبنية على الأسباب المورثية الكامنة.
وأوضح أن فريق العمل المكون من الخبراء متعددي التخصصات في مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال، سيعمل على تقديم تقييمات مرضية شاملة وقائمة على الأدلة للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد، فضلاً عن إجراء المستشفى عدداً من الدراسات البحثية السريرية المستقبلية بالتعاون مع جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية.
بدوره، قال الدكتور علوي الشيخ علي، عميد كلية الطب بجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية: "نحن فخورون لكوننا أولى الهيئات العلمية في دولة الإمارات التي تقوم بتسجيل تسلسل الجينوم الكامل ودراسته.. وبشكل خاص لكون 4 من طلاب كلية الطب قد شاركوا ضمن هذا المشروع البحثي المميز".
وأضاف أنه تماشياً مع التركيز الحالي لدولة الإمارات المتمحور حول مشاريع الجينوم تعمل جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية على تطبيق إحدى تقنيات تسلسل الجينوم بغرض تسهيل الوصول إلى العلاجات الخاصة باضطرابات التطور العصبي.