المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذه استراتيجيتنا في سوريا وغزة ولبنان وإيران (حوار)
ملفات ساخنة من إسرائيل وفلسطين مرورا بسوريا ولبنان وصولا إلى إيران، شكّلت محاور مقابلة خاصة مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي.
ففي المقابلة الخاصة التي أجراها مراسل "العين الإخبارية" مع أدرعي، كشف الأخير النقاب عن إحباط إسرائيل حوالي 80% من المحاولات الإيرانية للتموضع في سوريا، مؤكدا أن بلاده ستواصل القيام بكل ما يلزم في سبيل إحباط هذا التموضع.
وقال: "لقد اتخذنا العديد من الإجراءات في هذه المنطقة، (سوريا) التي لا تكون مكشوفة على الجمهور في معظم الأحيان، وتكون سرية وفي طي الكتمان بيد أن مساهمتها كبيرة".
في سياق متصل، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الجيش "يعمل بشكل مستمر على رفع مستوى الجاهزية الحقيقية إزاء طيف واسع من التهديدات، من بينها التهديد النووي الإيراني".
ولدى وصفه 2022، اعتبره "أكثر الأعوام هدوءًا من الناحية الأمنية منذ آخر 15 عامًا" في قطاع غزة.
أما الجبهة اللبنانية، فأشار إلى أن إسرائيل "ليست بصدد الانجرار إلى مواجهة مع حزب الله"، مستدركا "لكننا لن نتردد في الدفاع عن سيادتنا وعن مواطني دولة إسرائيل بحزم وبقوة".
وفيما يلي نص حوار "العين الإخبارية" مع أفيخاي أدرعي:
س: ما هو تقدير الجيش الإسرائيلي بشكل عام للتطورات التي حصلت خلال 2022 وما هي توقعاته لعام 2023؟
كانت السنوات الأخيرة حافلة بالأنشطة العملياتية. من خلال تفعيل وممارسة القوة العسكرية ساهمنا في زيادة الاستقرار في بعض الساحات. تشهد إسرائيل حاليًا واقعًا أمنيًا محسّنًا، إذ تمكنّا من تعزيز قوة الردع وصورة عظمتنا لدى جميع الأعداء.
وعلى مدار العام الأخير، عملنا بشكل مستمر في سبيل الحفاظ على أمن مواطني دولة إسرائيل وتحقيق مهامنا حيث أحرز الجيش الإسرائيلي تقدمًا ملموسًا في المجالات الاستخباراتية، إذ بتنا نملك التفوق الاستخباراتي على جميع أعدائنا في كافة الساحات.
لقد قمنا بشن عملية "الفجر الصادق"، التي هي عبارة عن عملية هجومية، واستباقية ودقيقة استهدفت منظمة الجهاد الإسلامي، حيث وجهنا لها ضربة قوية نظرًا للتهديد التي كانت تشكله على مواطني إسرائيل من سكان منطقة غلاف قطاع غزة.
كما وأطلقنا عملية "كاسر الأمواج" بهدف إحباط العمليات العدائية التي تنطلق من يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، حيث قمنا بتحييد المنفذين، واعتقال المئات من المتورطين في عمليات، وصادرنا الوسائل القتالية الكثيرة التابعة للمنظمات المعادية، وتستمر هذه العملية في هذه اللحظات بالذات.
كما وعملنا على إحباط التموضع الإيراني على الأراضي السورية، وبناء القوة العسكرية المعادية هناك. سنواصل العمل على هذا النحو أيضًا في عام 2023 والحفاظ على أمننا في ست ساحات وستة أبعاد.
في سياق ممارسة القوة في قطاع غزة، كانت السنة الأخيرة فيه أكثر السنوات هدوءًا من الناحية الأمنية منذ آخر 15 عامًا، وذلك نتيجة قوة الردع العميقة والملموسة التي بُنيت والتي تتم صيانتها بفضل إنجازات العمليات الأخيرة.
أجرى الجيش الإسرائيلي العام المنصرم إحدى أكبر المناورات وأكثرها خصوصية على الإطلاق، شهر الحرب، واسمها العسكري "مناورات عربات النار" التي حاكت الحرب المتواصلة على الجبهة الشمالية، والتي أظهر خلالها القدرات العملياتية المتطورة لتحقيق الحسم في الحرب المقبلة.
سنواصل العمل على إحباط التهديدات والوقوف في مواجهة التحديات المختلفة في كافة الساحات والأبعاد، ونتوقع بأنه خلال عام 2023 سنواجه التحديات التي لا تقل أهمية.
المواجهة مع حزب الله
س: إلى أي مدى ساهم التوصل إلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان في تقليل احتمالات اندلاع مواجهة مع حزب الله؟
تشكل الاتفاقية التي تم إبرامها إنجازًا أمنيًا يلبي المتطلبات الأمنية من أجل الدفاع الأفضل عن خط الساحل الشمالي، والبلدات الواقعة في المنطقة الشمالية والموارد الاستراتيجية الخاصة بدولة إسرائيل في مياهها الاقتصادية.
حزب الله فشل في محاولته التهديد والحصول على "صورة النصر الإعلامية" من خلال إطلاق طائراته المسيرة التي تم اعتراضها باتجاه المنصة.
يتعين على الدولة اللبنانية أن تتصدى للنشاطات التي يقوم بها جيش حزب الله الإرهابي بشكل متواصل، وأن تمنع كل تهديد على دولة إسرائيل أو منشآتها والمنطلق من أراضيها.
نحن لسنا بصدد الانجرار إلى مواجهة مع حزب الله، لكننا لن نتردد في الدفاع عن سيادتنا وعن مواطني دولة إسرائيل بحزم وبقوة.
نؤدي دورنا في حماية موارد دولة إسرائيل الاستراتيجية في المياه الاقتصادية، وسنستمر بهذه الطريقة مستقبلاً.
إحباط 80% من محاولات إيران للتموضع في سوريا
س: أكثر من مسؤول إسرائيلي أعلن عن إحباط خطة قاسم سليماني بشأن سوريا؟ هل يعني ذلك أن الخطة الرامية إلى تثبيت التموضع الإيراني في سوريا قد تم إحباطها؟ ما هي تقديرات الجيش الإسرائيلي بخصوص العام الجديد على الجبهة السورية؟
التموضع العسكري الإيراني في سوريا لم يصل إلى المرحلة التي حرصوا وعملوا وأملوا لتحقيقها بحلول نهاية عام 2022، إذ قمنا بإحباط حوالي 80 بالمئة من المحاولات الإيرانية للتموضع في سوريا ونقل الوسائل القتالية المتقدمة إلى لبنان، ونجحنا في عرقلة رؤية سليماني وفي إحباط العديد من التهديدات على دولة إسرائيل.
رؤية سليماني شملت نشر المئات من صواريخ "أرض أرض"، و"أرض جو" على الأراضي السورية واللبنانية، وإنشاء منظمة فرعية تابعة لحزب الله في هضبة الجولان. إلا أنها أُحبِطت من خلال استراتيجية تبلورت بممارسة القوة العسكرية.
لقد اتخذنا العديد من الإجراءات في هذه المنطقة، والتي لا تكون مكشوفة على الجمهور في معظم الأحيان، وتكون سرية وفي طي الكتمان، بيد أن مساهمتها كبيرة. النظام السوري يتحمل المسؤولية عما يجري في دولته، بما في ذلك استمرار النشاطات الإيرانية ونشاطات أتباع إيران في المنطقة.
إيران تواصل العمل بشكل مستمر على تعزيز وتسليح أذرعها الإرهابية على الأراضي السورية واللبنانية، والعراقية واليمنية وغيرها من الدول.
حرية عملنا في المنطقة والتفوق الجوي يتم الحفاظ عليهما ولهما أهمية بالغة، حيث نواصل خوضنا للمعركة ما بين الحروب، رغم كافة التحديات المرتبطة بذلك. سنواصل القيام بكل ما يلزم في سبيل إحباط التموضع الإيراني في سوريا وفي مواجهة كل تهديد على دولة إسرائيل ومواطنيها.
س: أكثر من مسؤول إسرائيلي أعلن عن قيام الجيش الإسرائيلي بمناورات تهدف إلى منع إيران من امتلاك سلاح نووي؟ هل يخطط للقيام بذلك فعلاً وما هي التوقعات بالنسبة للعام الجديد؟
لن نتحدث عن الإجراءات التي تمت أو التي سيتم تنفيذها في سياق التهديد النووي الإيراني، لأسباب مفهومة.
الجيش الإسرائيلي يعمل بشكل مستمر على رفع مستوى الجاهزية الحقيقية إزاء طيف واسع من التهديدات، من بينها التهديد النووي الإيراني أيضًا.
الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع الولايات المتحدة يواصل العمل في جميع الأوقات من أجل إتاحة القدرات العملياتية الناجعة، ويسرع جهوزيته للتعامل مع كل التحديات والتهديدات سواء في دائرة التهديد الأولى أو الثانية أو الثالثة.
هدوء على جبهة غزة
س: هل كان عام 2022 أحد أكثر الأعوام هدوءًا على جبهة قطاع غزة؟ وهل يُتوقع استمرار هذا الهدوء النسبي خلال العام المقبل؟
ما عدا عملية "الفجر الصادق" يمكن الجزم بأن العام الماضي كان أكثر الأعوام هدوءًا من الناحية الأمنية منذ آخر 15 عامًا، نتيجة قوة الردع العميقة والملموسة التي تم بناؤها والتي تتم صيانتها من خلال إنجازات العمليات الأخيرة.
إن الحفاظ على الهدوء النسبي هو مصلحة مشتركة. الاستقرار الأمني المذكور تتم المكافأة عليه، علمًا بأن سكان القطاع يتمتعون بإجراءات وخطوات مدنية واسعة النطاق بل وغير مسبوقة - زعزعة الاستقرار سيشكل خطأ، لا سيما بالنسبة للجانب الآخر وراء السياج.
نعمل من خلال مجموعة واسعة من الأدوات في سبيل الحفاظ على الهدوء مع قطاع غزة، أيضًا بالتعاون مع الدول الأخرى.
وبمجرد انتهاء عملية "حارس الأسوار" بدأ جيش الدفاع الإسرائيلي في الاستعداد لمعركة أخرى. منذ انتهاء العملية الأخيرة قمنا بتحسين ونواصل تحسين قدرتنا على الهجوم في القطاع وخططنا العملياتية.
إن الجيش الإسرائيلي جاهز للتعامل مع طيف واسع من السيناريوهات، ولن يتردد في تحريك قواته من أجل التصدي للتهديدات الصادرة عن المنظمات.
احتمال حدوث تصعيد بالضفة
س: عام 2022 شهد تصعيدًا حقيقيًا بالضفة الغربية. هل يخشى الجيش الإسرائيلي اندلاع انتفاضة جديدة، كما يتبين من عدة تقديرات إسرائيلية؟
على مدار العام الماضي يعمل الجيش الإسرائيلي كجزء من عملية "كاسر الأمواج" من أجل إحباط الإرهاب، ومصادرة الوسائل القتالية واعتقال المطلوبين والمخربين المتورطين في النشاطات الإرهابية.
إن الغالبية العظمى من القتلى الفلسطينيين كانوا متورطين في نشاطات معادية لإسرائيل وشكلوا خطرًا على حياة قواتنا أو على حياة المواطنين الإسرائيليين.
هناك فترات تشهد ارتفاعًا في منسوب العمليات، وهناك فترات تشهد تراجعًا لها يعني "مد وجزر"، حيث نعي احتمال حدوث تصعيد ونعمل بذكاء على إحباط العمليات.
التعاون الوثيق مع الجيش الأمريكي
س: خلال العام الماضي لاحظنا المناورات العديدة التي أجراها الجيش الإسرائيلي، بمشاركة دولية، بما في ذلك الجيش الأمريكي. ما هو الهدف وراء تكثيف التدريبات وهل يُتوقع استمرار هذا التوجه خلال العام الجديد؟
نعمل باستمرار على توطيد التعاون الوثيق وواسع النطاق مع شركائنا حول العالم، وبشكل خاص مع شريكنا الأمريكي.
لقد أثمر التعاون الأمني القائم بين الدولتين العديد من النجاحات العملياتية سواء تلك التي تم الإعلان عنها أو تلك التي ظلت طي الكتمان، وعزز هذا التعاون قدرة كلا الجيشين، وهو يمثل مصلحة متبادلة مهمة للحفاظ على أمن الفضاء والمنطقة وتبادل الخبرات والمعرفة على أكثر من صعيد.
على مدار السنوات الأخيرة بنينا بمساعدة وبوساطة أمريكية شبكة للتعاونات الاستراتيجية الأمنية في الشرق الأوسط والتي تتعزز باستمرار لتشمل المناورات، والزيارات، والوفود والتدريبات في مواجهة التهديدات المشتركة في الشرق الأوسط.
وفقط خلال العام الماضي تم القيام بـ 79 رحلة إلى أمريكا الشمالية، و52 زيارة لمسؤولين عسكريين من أمريكا الشمالية، وهو ما يشكل زيادة ملموسة بالمقارنة مع العام المنصرم.
تُعتبر الولايات المتحدة لبنة أساسية في الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط وفي إحباط التهديدات الإقليمية والعالمية الصادرة منه.
تجدر الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى الولايات المتحدة، لقد عزز الجيش الإسرائيلي التعاون مع الجيوش الأخرى. مثال رئيسي على ذلك هو مؤتمر الابتكار والتحديث العسكري الذي استضافه الجيش وحضره رؤساء هيئات الأركان العامة وكبار قادة الجيوش المختلفة من كل أنحاء العالم والتي تُعدّ رائدة في مجال الابتكار والتحديث العسكري. حيث أسس هذا المؤتمر للبنية التحتية التي ستستند إليها المزيد من التعاونات في المستقبل.
سيتزايد اتجاه التدريبات والمناورات المشتركة خلال السنوات المقبلة.