غزة 2022.. عود على بدء بأمل منشود وانقسام يترسخ
رأى قيادي فلسطيني في قطاع غزة أن الانقسام ما بين قطاع غزة والضفة الغربية قد ترسخ في العام 2022 على المستويات كافة.
وقال الدكتور عماد محسن، المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي بحركة "فتح" قطاع غزة، في مقابلة مع "العين الإخبارية": "ظروف الانقسام البغيض الذي يلقي بظلاله على كل مناحي الحياة في القطاع".
وأضاف: "إنهاء الانقسام يتطلب توفر إرادة وطنية ورغبة بالمواجهة والاستعداد للتضحية إذا ما جرت هذه المواجهة، يجب ألا نكون انتهازيين بدعوة الناس إلى المواجهة ثم نعيش في أبراج عاجية أو نهدد ونتوعد بالخطابات وعند الفعل ننقص على أعقابنا ونعود إلى نغمة التنسيق الأمني المقدس".
وأشار إلى أن "الناس يعيشون ظروفا مأساوية وينظرون إلى كل بارقة أمل في أن يبقوا على قيد الحياة لكي يعيشوا حياة كريمة، هذه المسألة جوهرية بالنسبة لسكان قطاع غزة".
بالمقابل فقد ذكر محسن أن "الناس في قطاع غزة تنظر بامتنان وعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، لأن هذه الدولة بخطى ثابتة منذ تأسيسها تواصل المساعدة والإسناد ومناصرة الشعب الفلسطيني وقضاياه".
وأضاف: "دولة الإمارات ساهمت في قطاع غزة مساهمات يراها الإنسان بالعين".
وفيما يلي نص المقابلة مع الدكتور محسن مع "العين الإخبارية":
* كيف قيمت الأوضاع بشكل عام في قطاع غزة خلال العام 2022؟
الأوضاع في قطاع غزة تسير من سيئ إلى أسوأ، وذلك نتيجة ظروف الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل على كل جوانب الحياة في القطاع بحرا وبرا وجوا، وظروف الانقسام البغيض الذي يلقي بظلاله على كل مناحي الحياة في القطاع بدءا بالطعام مرورا بالصحة والتعليم ووصولا بالبنية التحتية والإسكان والبطالة.
ففي العام 2022 زادت نسبة البطالة في قطاع غزة وبالتالي ازدادت نسبة الفقر وازدادت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر.
لقد ازدادت المآسي في قطاع غزة مع التصعيد الذي قامت به إسرائيل عسكريا على القطاع في منتصف العام الجاري، فقد دمرت المزيد من البنى التحتية المتهاوية والمتهالكة في القطاع، وازدادت نسبة الفلسطينيين الذين يقتلون على يد الجيش الإسرائيلي.
في عام 2022 لم يتغير شيء في حياة السكان في قطاع غزة، فلم تزدد أعداد المدارس والمعاهد والكليات والجامعات وبالتالي ازداد الاكتظاظ داخل الغرف الصفية.
والحالة الصحية في قطاع غزة سيئة للغاية، الإعلانات متكررة من قبل وزارة الصحة بأن الدواء ينقص ولا يتوفر الحد الأدنى من متطلبات المشافي والعيادات الصحية.
كما أن اقتصاد قطاع غزة منهك ومدمر فلا استثمارات والمصانع والورشات تغلق، فيما أن القطاع العام بالكاد يستطيع أن يفي باحتياجات التشغيل الوظيفي وعدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات الخدمية تجاه المواطن.
أسباب استمرار الانقسام
* قطاع غزة هو أبرز ضحايا الانقسام الفلسطيني، جرت محاولات كثيرة لإنهاء الانقسام ولكنها فشلت، بما في ذلك خلال العام 2022، هل ما زالت هناك آفاق للمصالحة الفلسطينية؟
لا يمكن أن تكون هناك آفاق لهذه المصالحة لعدة أسباب أولها الدور الإسرائيلي في استمرار الانقسام من خلال سياسة العصا والجزرة التي يتبعها مع قطاع غزة، وقد انفقت الكثير على الاستثمار في مشروع الانقسام الفلسطيني لأنها عازمة على إبقاء الانفصال ما بين الضفة الغربية وغزة.
العامل الثاني هو ارتهان الأطراف المختلفة لأطراف إقليمية لا ترغب ولا تريد وليس لديها أي نية لأن تساهم في إنهاء الانقسام الفلسطيني بل تريد تأجيج المشهد لحساباتها.
العامل الثالث هو غياب الإرادة الداخلية لدى الفصائل والأحزاب والقيادات والرسمية الفلسطينية لجهة انجاز هذه المصالحة، فمن جهة تقدم حماس اشتراطات شبه مستحيلة على منظمة التحرير الفلسطينية من أجل الاتفاق فعناوين حماس للقاء هي رفض قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المتعلقة بالتسوية السياسية وفي مقابل ذلك تريد السلطة الفلسطينية من حماس أن تسلمها قطاع غزة من الباب إلى المحراب وأن تجعل سلاح المقاومة في قطاع غزة تحت تصرف أجهزة الأمن الفلسطينية التي ترفع شعار أن التنسيق الأمني مع الاحتلال مقدس والأسوأ أن السلطة الفلسطينية تستجدي من إسرائيل التفاوض معها فيما تضع الاشتراطات على اللقاء مع حماس، فللأسف نحن أشداء على بعضنا ورحماء مع المحتل وهذا لا تستقيم معه الأمور السياسية.
إنهاء الانقسام يتطلب توفر إرادة وطنية ورغبة بالمواجهة والاستعداد للتضحية إذا ما جرت هذه المواجهة، يجب ألا نكون انتهازيين بدعوة الناس إلى المواجهة ثم نعيش في أبراج عاجية أو نهدد ونتوعد بالخطابات وعند الفعل ننقص على أعقابنا ونعود إلى نغمة التنسيق الأمني المقدس.
حياة غير مستقرة
* على مدار العام لاحظنا تهديدات متبادلة فلسطينية وإسرائيلية بخصوص غزة، كيف يؤثر هذا على الناس في غزة؟
الناس يعيشون ظروفا مأساوية وينظرون إلى كل بارقة أمل في أن يبقوا على قيد الحياة لكي يعيشوا حياة كريمة، هذه المسألة جوهرية بالنسبة لسكان قطاع غزة.
الناس هنا عندما يسمعون عن توفر تصاريح للعمل في داخل الخط الأخضر تزداد جرعة الأمل والتفاؤل ثم تبدأ إسرائيل سياسة لي الذراع من خلال معاقبة الفلسطينيين بلقمة عيشهم باشتراطات لإصدار تصاريح أو سحب تصاريح من عمال.
نغمة التهديد تجعل الناس تعيش حياة غير مستقرة فيها اضطراب فلا أحد يستطيع أن ينجز أي استثمار، مهما كان، حتى على مستوى بيته إذا ما استشعر أن الخطر يتهدد هذا الاستثمار.
وهذه أوضاع لا تأتي معها لا تنمية ولا رفاهية ولا استقرار، لأن الأمن والاستقرار والأفق السياسي هو مفتاح الأمل بالنسبة لنا وفي غياب الأمل وانهيار البنية التحتية الاقتصادية وانسداد الأفق السياسي ينعدم الأمل ومع انعدام الأمل يدخل في الخيارات الأكثر صعوبة.
زيارات الدبلوماسيين الغربيين
* على مدار العام شاهدنا الكثير من الزيارات لدبلوماسيين غربيين وأمميين الى قطاع غزة، هل هذا يحدث أي تأثير أم مجرد زيارات ولقاءات؟
هم يأتون ويصدرون بيانات ودائما ما ينددون بما هو واقع ويرفضون ويشجبون ولكن في واقع الحال فإن الأهل في قطاع غزة يتطلعون إلى الشق العملي المتمثل بتوفير احتياجات الناس وتقديم الخدمة لهم.
بماذا ينفعني أن تردد على مدار الساعة خطابات ادانة الجرائم ضد المواطنين العزل الأبرياء في قطاع غزة في حين أنك بالمقابل غير قادر حتى أن توفر لي الدواء أو سرير في مستشفى أو بناء غرفة صفية أو تعبيد شارع أو إدخال الإسمنت لبناء منزل أو منع الاحتلال من مواصلة عدوانه.
الواجب هو أن تؤدي هذه الزيارات الى تحقيق الحقوق السياسية وعنوانها هو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على الأراضي التي احتلت عام 1967 مع حل عادل لقضية اللاجئين.
محاولة الالتفاف على هذا المطلب العادل والحقوق المشروعة التي أقرتها كل القرارات الدولية فإن هذه المنطقة من العالم لن تشهد لا أمن ولا استقرار ولا سلام.
* تحدث تقرير أخير عن هجرة 60 ألف شاب من قطاع غزة في السنوات القليلة الماضية، هل هذه ظاهرة؟
هناك تقديرات بأن أعداد المهاجرين عن عدة آلاف وليس هذه الأرقام الضخمة، ويجب ألا ننسى أن هناك أعداد هجرة طبيعية في دول العالم، ولو قارنت نسبة المهاجرين من غزة مع الدول الأخرى تجد أن النسبة معتدلة علما بأن الإنسان الفلسطيني يتشبث بأرضه.
الإنسان الفلسطيني يبحث في أرض وطنه عن أفق لحياة آمنة ومستقرة فيها رفاهية.
إذا ما كانت هناك هجرة فعلا فإن التعامل معها والحد منها هي مسؤولية الحكومة والفصائل بأن تفتح أفقا للشعب الفلسطيني لكي يجد فرصة عمل ومسكنا وأن يتمكن من إنشاء أسرة وإعالة هذه الأسرة، وأن تفتح له الأمل بمستقبل مهني ووظيفي وليس أن تصم آذانها عن مأساة الشعب الفلسطيني وتكتفي هي بالعيش في رغد بمقابل ذلك تنعدم الآفاق أمام الشباب الفلسطيني.
هل تكرس الانفصال بين الضفة وغزة
* يبدو الأمر وكأن الانقسام قد تكرس فعلا، كأن الضفة الغربية في جهة وقطاع غزة في جهة أخرى، هل هذا صحيح؟
مأساة أن تعيش في وطن فيه غلافان جمركيان وفيه نظامان تشريعيان مختلفان وفيه نظامان قانونيان مختلفان، وفيه آليات جباية مختلفة وآليات توظيف مختلفة، في الواقع فإن أطراف الانقسام تحاول أن تصنع كينونة حياة بالمعنى القانوني والتشريعي والتنفيذي والأمني والعسكري والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والصحي بشكل يجعل الفجوة تتسع والهوة تزيد بين شطري الوطن الفلسطيني.
يد إماراتية بيضاء
* لاحظنا خلال العام العديد من المبادرات الإماراتية تجاه قطاع غزة، كان آخرها قافلة مساعدات مؤخرا، كيف تؤثر هذه المبادرات على واقع الحال والسكان في قطاع غزة؟
الناس في قطاع غزة تنظر بامتنان وعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، لأن هذه الدولة بخط ثابت منذ تأسيسها وما زالت، بمعنى 51 عاما حتى الآن، من المساعدة والإسناد ومناصرة الشعب الفلسطيني وقضاياه.
وثانيا، دولة الإمارات ساهمت في قطاع غزة مساهمات يراها الإنسان بالعين، والمقصود هنا أنك إذا ما تحدثت عن الإسكان فهناك مدينة الشيخ زايد في قطاع غزة، وإذا ما تحدثت عن مستشفى فهناك مستشفى الشفاء، وإذا ما تحدثت عن التعليم فتتحدث عن منح دولة الإمارات للطلاب في المراحل الجامعية المختلفة وتحرير شهادات الطلبة الذين لم يستطيعوا الإيفاء برسوم جامعاتهم بعد التخرج، وإذا ما تحدثت عن الصيادين فبصمة الإمارات موجودة، وإذا ما تحدثت عن الفلاحين فيد الإمارات البيضاء ممدودة، وإذا ما تحدثت عن الزواج فتجد مشاريع الأزواج، وبالنسبة للإنجاب فهناك مشاريع الإنجاب.
لقد كانت الإمارات أول من جلب إلى قطاع غزة لقاحات مواجهة جائحة كورونا على أكثر من 5 دفعات وقدمت سيارات الإسعاف أكثر من مرة لقطاع غزة، قدمت لنا سيارة دفاع مدني هي الأحدث في فلسطين حاليا وقدمت لنا مستشفى ميدانيا "مستشفى الشيخ محمد بن زايد" بجوار المستشفى الأوروبي ويتسع ل 200 سرير وقدم الخدمات لعشرات الآلاف المواطنين.
وقدمت دولة الإمارات محطات إنتاج أكسجين للمستشفيات في غزة لأكثر من مرة، كما قدمت مستلزمات طبية في أكثر من مرة وآخرها قبل أيام وكانت عبارة عن قافلة طبية وهي ربما أكبر قافة طبية تدخل إلى قطاع غزة منذ سنوات ويقدر وزنها بحوالي 85 طنا من الأدوية والمستلزمات التي طلبتها وزارة الصحة في قطاع غزة وتكلفتها عدة ملايين من الدولارات.
هذا إن دل على شيء، فيدل على أن دولة الإمارات ثابتة الوفاء للشعب الفلسطيني سواء بالدعم المباشر أو بتمويل وكالة الأونروا والأهم من ذلك إن الإمارات تنظر بعين العدالة والمساواة للكل الفلسطيني في كل أماكن تواجده والمقصود هنا أنها تغيث في قطاع غزة والضفة الغربية وفي القدس الشرقية ومخيمات لبنان، فأينما حلت رحال الفلسطينيين تجد بصمة إماراتية حاضرة في المشهد.
ودولة الإمارات تقدم هذا الدعم للشعب الفلسطيني دون أن تنتظر مقابلا ودون أن تشترط على أية جهة أية شروط، فهي تقدم الدعم في إطار واجبها الإسلامي والعربي والقومي والأخلاقي والتزامها الدائم تجاه حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
الشعب الفلسطيني من جانبه ينظر بعين التقدير والعرفان والامتنان للإمارات قيادة وحكومة وشعبا.
aXA6IDE4LjIyNC41Ni4xMjcg جزيرة ام اند امز