رسائل أصحاب «السترات السوداء».. «المحامون» تنكأ جراح إخوان تونس

أوراق إخوان تونس تتساقط تباعا في هزائم تنهي جميع معاركهم من السياسة إلى النقابات، وتطوي صفحات تراكم تباعا قائمة طويلة من النكسات.
ولم تكن هزيمة إخوان تونس في انتخابات هيئة المحامين سوى مؤشر جديد على أن أفول الجماعة تخطى مجال السياسة لتسري عدواه إلى النقابات.
فبعد فوز ساحق أحرزه المحامي بوبكر بالثابت ليكون عميد للمحامين في الولاية الجديدة التي تمتد من عام 2025 إلى 2028، أمام مرشح الإخوان، يرى مراقبون للمشهد السياسي أن الهزائم والانتكاسات باتت تلاحق الجماعة في كل المجالات.
وفي الساعات الأولى من صباح الأحد الماضي، فاز بالثابت في انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين (نقابة) برئاستها، أمام المحامي عبد الرؤوف العيادي المقرّب من الإخوان.
وحصد بالثابت في الانتخابات، التي شهدت مشاركة نحو أربعة آلاف محامٍ، 2193 صوتاً مقابل 150 للعيادي الذي سارع إلى انتقاد العميد الجديد زاعما أنه "استخدم وسائل دعائية كبيرة خلال الحملة الانتخابية".
وعبد الرؤوف العيادي هو سياسي ومحامي تونسي من مواليد عام 1950، وكان الأمين العام لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» الذي كان يرأسه محمد المنصف المرزوقي، وحاليا هو رئيس حركة وفاء.
لا مصداقية مع الإخوان
يرى المحلل السياسي التونسي المنجي الصرارفي أن فوز المحامي بوبكر بالثابت في انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين أمام العيادي يشكل «مكسبا جديدا لقطاع المحاماة في تونس».
ويقول الصرارفي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن «انتخابات عمادة المحامين ليست مجرد انتخابات نقابية دورية، بل هي محطة سياسية ورمزية تعكس علاقة المحاماة في تونس بتاريخها الحافل من جهة، وبالتحولات الراهنة من جهة أخرى».
واعتبر أن «عبد الرؤوف العيادي خسر مصداقيته السياسية وأيضاً تأثيره في صلب القطاع بسبب تحالفه مع الإخوان خلال فترة حكمهم في العشرية الماضية».
وأكد أن أصوات المحامين التابعين لحركة النهضة الإخوانية لم تكن مؤثرة ولم يستفد العيادي بها لأنها كانت قليلة.
ملفات على الطاولة
من جهة أخرى، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي نبيل غواري إن عمادة المحامين تمثل صوتا مسموعا في القضايا الكبرى في البلاد، وهو ما يجعل انتخاب عميدها وأعضاء مجلسها محل اهتمام، ليس فقط داخل الوسط المهني، بل أيضا لدى الرأي العام في تونس.
وأكد غواري، في حديثه لـ«العين الإخبارية»، أن «المحامين صوتوا لبوبكر بالثابت باعتباره يتمتع بشخصية قوية داخل الوسط الحقوقي في البلاد».
وبحسب رأيه، فإن «عبد الرؤوف العيادي شخصية منبوذة داخل قطاع المحاماة وملفوظة من الشعب التونسي أيضا خاصة أنه قد سبق أن شارك في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014».
وشدد على أن فوز بالثابت على رأس النقابة «لا يعتبر عملية سهلة باعتبار أن المحاماة تاريخيا تعد قاطرة للدفاع عن الحقوق والحريات».
وأشار إلى وجود العديد من الملفات الموضوعة الآن على الطاولة أمام بالثابت لحلها، ولعل أبرزها مطالب المحامين بإلافراج عن زملائهم المسجونين ومن بينهم عبير موسي وسنية الدهماني والمنجي صواب، إضافة للملفات المهنية مثل صندوق التأمين وتقاعد المحامين والجباية والعلاقة مع القضاة.
وبوبكر بالثابت من مواليد 22 أكتوبر/ تشرين أول 1970 بدوز من محافظة قبلي (جنوب)، متحصّل على الأستاذية في الحقوق (قانون خاص) وشهادة الكفاءة لمهنة المحاماة.
وهو محام لدى التعقيب منذ 2005، وشغل سابقًا خطة الكاتب العام لهيئة المحامين لدورتين، إلى جانب تجربة بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وتأسست عمادة المحامين التونسيين في عام 1958 بعد الاستقلال، لتكون الإطار الجامع لمهنة المحاماة، وارتبط تاريخها بالمحطات المفصلية التي مرّت بها تونس، فقد لعب المحامون أدواراً قيادية في الحركة الوطنية ضد الاستعمار، ثم في الدفاع عن الحريات.
وخلال أحداث 2011، كانت العمادة أحد المكونات الرئيسية لـ"الرباعي الراعي للحوار الوطني" الذي نال جائزة نوبل للسلام سنة 2015، ما عزّز مكانتها فاعلاً أساسياً في الانتقال الديمقراطي.
إعلاميا، يطلق على المحامين في تونس أصحاب «السترات السوداء»، في إشارة إلى الروب الأسود الذي يرتدونه عند مزاولتهم لمرافعاتهم أمام المحاكم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOCA=
جزيرة ام اند امز