أكاديمية الرضعِ.. صناعة البطل تبدأ من سن "شهرين"
مدرب مصري ينقل التجربة الروسية لأطفال مصر والعرب
صَدِّقْ أو لا تُصَدِّقْ، من قلب حمام سباحة صغير نسبيا، يتم تأهيل رُضَّع في عمر الشهرين لبطولة الأوليمبياد عند 18 عاما
صَدِّقْ أو لا تُصَدِّقْ، من قلب حمام سباحة صغير نسبياً، يتم تأهيل رُضَّع في عمرِ الشهرينِ لبطولة الأوليمبياد عند 18 عاماً، ونسف الأسطورة الشائعة بتفوق الطفل الأجنبي على العربي.
الكابتن محمد عبدالمقصود، شاب مصري مقيم بروسيا ويعمل هناك في تدريب الأطفال الرضع على السباحة، قرر أن يخرج أفضل ما في الطفل المصري والعربي ويثبت عملياً أنه لا يقل مهارة ولياقة عن الطفل الأجنبي.
عبدالمقصود يعقد حصصاً تدريبية في مصر بين الفترة والأخرى تحت عنوان (أكاديمية الرُضّع)، يستهدف فيها حديثي الولادة بدءاً من سن الشهرين، وتستمر الدورة التدريبية لمدة سنة وشهرين، فبعد هذه الفترة يكون الطفل قد تعلم السباحة بالفعل وأصبح جسمه جاهزاً إما ليكمل طريقه في رياضة السباحة أو تعلم أي رياضة أخرى.
الكابتن المصري يخطط لإقامة أكاديمية على الأرض لها مبنى وهيكل تنظيمي بعد الإقبال الملحوظ على الحصص التدريبية التي يجريها بين الوقت والآخر في أحواض سباحة مغطاة في أماكن عدة.
يقول عبدالمقصود في لقاء خاص لبوابة "العين" الإخبارية: "أعمل مدرباً لهذا النوع من السباحة في روسيا منذ 3 أعوام، وبينما أقوم بتدريب الأطفال الروسيين فكرت لماذا لا ننفذ نفس التدريب مع الأطفال المصريين والعرب، فالكثير يردد أن الأطفال الأجانب مهيأون أكثر لتعلم هذه الرياضات في سن صغيرة، بينما رأيي الخاص أن هذا التحليل خاطئ، وقررت أن أتخذ خطوة جادة، وبدأت حصصاً تدريبية في مصر مع حديثي الولادة وحتى عمر سنة، وكان الإقبال رائعاً من الشباب المصريين الحريصين على إكساب أبنائهم رياضة تحسن من صحتهم".
ويقول إنه في الفترة القادمة يخطط جدياً لتخصيص موقع ثابت وتحويل الأمر من مجرد حصص تدريبية إلى موقع ثابت يحمل اسم أكاديمة الرضع ويعمل على مدار العام، ويضيف: "سأستعين بمدربين روسيين لنقل خبراتهم ومنهج العمل إلى المدربين المصريين".
العربي مثل الأجنبي
يقول عبدالمقصود، ربما يكون الطفل الأجنبي أكثر تهيئاً للعب جميع الرياضات أكثر من العربي فقط لأنه يبدأ الاهتمام به في سن صغيرة جداً، وهذه الفكرة التي أسعى لها، فالمعتاد في مصر أن يبدأ الأهل تعليم ابنائهم السباحة عند 4 سنوات، وفي هذه السن قد يرفض الطفل مبدأ السباحة وبالتالي يخسر مجهود ووقت، بينما البدء في الشهور الأولى يقطع عليه فرصة الرفض، ليصبح بعد عام وشهرين جسمه وأعصابه التي باتت قوية، جاهزين لتعلم أي رياضة.
ويضيف: "تعليم السباحة في سن شهرين هو اللبنة الأساسية لصناعة بطل أوليمبي، فالعرب متراجعون في بطولات الأوليمبياد بشكل عام لأنهم يبدأون مشوار الإعداد لهذه المهمة متأخراً، بينما أنا أهدف لتخريج أبطال أولمبياد ينافسون في جميع المجالات بدءاً من أكاديمية الرضع، فعند عام وشهرين تماماً يبدأ كل طفل تعلم رياضة مّا ويبرع فيها بفعل التدريب الأولى الذي أهله لهذا الأمر، ليصبح في سن 18 و19 سنة قادر بمنتهى الثقة على خوض البطولة والمنافسة عالمياً، وسنلاحظ فارقاً كبيراً، حيث إنه في بلادنا لا نبدأ في تأهيل الفتاة أو الفتى لمرحلة الأوليمبياد إلا في سن 15 أو 16 سنة.
كتم أنفاس
وعن تكنيك التدريب، يقول إنه بمجرد أن ينزل الطفل تحت الماء بعد التمرينات الابتدائية، يبدأ تلقائياً كتم أنفاسه ويتأهب للحظة الطفو فوق السطح ليشهق النفس من جديد.
ويضيف: "نحن ندرب الرضع على إطالة زمن النفس تحت الماء، والتمرين ينشط الدورة الدموية في الجسم ويزيد حجم الرئة، والنتيجة النهائية أن يكون لدينا طفل سباح في سن عام وشهرين".
ويوضح أنه خلال فترة التدريب يتم مراعاة نفسية الطفل والتطورات الفسيولوجية، خاصة عند 6 و7 أشهر حيث مرحلة التسنين وما يصاحبها من أعراض مرضية طارئة.
وعن ما حققه من نتائج، يؤكد عبدالمقصود أن الدورة المخصصة للرُضّع من شهرين وحتى 6 شهور، تتم على مدار 5 أيام، وأطفالنا في اليوم الخامس يغطسون تحت الماء 6 ثوان على الأقل، واستمرار التمرينات يضمن الغطس لمدة 27 كاملة عند سن 11 شهراً.
مشاكلُ صحيةٌ قد يُعاني منها بعضُ الرضعِ يظنُّ الأهلُ معها استحالةَ تعلُّمِ السباحةِ، لكن َّأكاديميةَ الرُضّعِ أوجدتِ الحلَّ.
ويطمئن عبدالمقصود الآباء على سلامة أبنائهم، قائلاً: "الأصل أن مناعة الجسم تزيد جداً بتعلم السباحة في هذه السن، حيث يخرج الطفل من الماء ويتعرض للجو الخارجي دون أن يعاني من أية مشاكل تصاحب هذا التقلب، لكن بعض الأطفال الرضع يعانون من مشاكل صحية وقت الولادة، كنقص الأكسجين في المخ مثلاً، أو مشاكل صحية في الذراعات أو الأرجل، هؤلاء نصمم لهم برنامجاً مخصصاً للتدريب بالاتفاق مع الطبيب الخاص على مدى 5 أو 6 شهور ويحقق نتائج رائعة".
أحد الوالدينِ يؤدي دور المدربِ خلال التمرين، ولكن هل يُشْتَرَطُ أنْ تُتقِنَ الأمُّ أو الأبُّ فنَّ السباحةِ لتؤدي المهمةَ.
ويؤكد أنه ليس بالضرورة على الإطلاق أن تتقن الأم أو الأب السباحة، أو أن يكونا سبّاحين في الأصل ليشاركا ابنهما هذه اللحظة ويقوما بدور المدرب، فحوض السباحة عمقه لا يتجاوز المتر و20 سنتيمتراً، لا أطلب من الأم أو الأب إلا أن يقفا في الماء داخل الحوض ممسكين بالرضيع، وينفذان معي نفس الحركات التي أؤديها مع أحد الرضع المتدربين.
جرأة الأم العربية
الأمُّ العربيةُ التي اعتادتْ تدليلَ رضيعِهَا كيفَ تحمستْ لِتُكْسِبَهُ بيديْهَا هذه المهارةَ في هذه السنِّ الصغيرةِ.
والدة سليم الذي يبلغ من العمر 3 أشهر، تقول إن نتائج الحصص التدريبية التي أقامها الكابتن محمد عبدالمقصود في مصر منذ عدة أشهر كانت هائلة، وعليها قررت أن يخوض رضيعها التجربة.
وتقول: "قررت أن أشارك ابني هذه اللحظة، وسعدنا معاً، والأمر لا يتعارض مع تدليل أبنائنا، ولكن عندما تفكر قليلاً أن رضيعك عندما يكبر سيشكرك كونك اتخذت القرار عنه و أقحمته على هذا العالم ستتجرأ وتنحي مشاعرك المرهفة جانباً، فلا يمكن أن نحكم على الأم بالقسوة كونها استطاعت أن تلقي ابنها في الماء وتجعله يتحمل عناء تعلم السباحة في هذه السن، فالحقيقة أني أحب ابني كثيراً لذلك تجرأت ليتعلم أمراً يفيد صحته البدنية و يعطيه قدراً من السعادة سيستمر معها مستقبلاً".
وتضيف: "سليم عندما أجريت له التدريبات التمهيدية أصبح تلقائياً يكتم أنفاسه تحت الماء بمجرد الغطس، وسعدت به لأنه تمكن من تنفيذ هذا التمرين وهو ما زال في شهره الثالث".
أمّا والدة آدم تتمتع بحماس له تاريخ، فتقول: "أنا في الأصل سباحة، تعلمت السباحة ومارستها حتى مرحلة الثانوية العامة، فقد كان والداي لديهما وعي كافٍ بأهمية هذه الرياضة وحرصاً أن يعلماني وأخي فنونها، ولذلك نعلم جيداً فوائد السباحة للجسم خاصة للصبية".
وتضيف: "لذلك قررت أن يتعلم ابني آدم السباحة أيضاً، لكنه تفوق علينا كونه يتعلمها وهو لم يتجاوز من عمره الأشهر الثلاثة، فسباحة الرُضّع ما زالت حديثة داخل مصر، وبرغم أن آدم تقبل الأمر بصعوبة وبالبكاء الشديد إلا أنه اليوم بعد 5 أيام من التدريب أصبح يكتم أنفاسه 5 ثوان كاملة تحت الماء، وهو زمن طويل نسبياً في هذه السن".
مدى زمنيٌّ ليسَ هيناً يكتمُ فيه الرضيعُ أنفاسَهُ تحتَ الماءِ بالتدريباتِ، ورغمَ ذلك فالأمرُ غيرُ مُقلقٍ لدى الأمهاتِ، وتنصحنَ نظيراتِهِنَّ بالإقدامِ على التجربةِ الممتعة.
فتقول السيدة لبنى والدة الرضيعة "فيوري" ذات الـ 4 أشهر و 10 أيام: لا يجب على الأمهات أن تخشين المحاولة، فالأمر رائع حدّ الإمتاع للطفل والأم معاً، فقد أصبحت بعد 5 أيام من التدريب قادرة على ترك ابنتي في المسبح المنزلي – البانيو- لتلعب تحت ملاحظتي.
وتضيف والدة فيوري: "أثق أن ابنتي بمجرد أن تطرق أبواب السنة الثالثة من عمرها ستجيد السباحة كما يجب أن يكون، وسأكمل معها المشوار حتى تكبر".
وتقول: "الخوف كان أول إحساس تسرب إلى قلبي كون الأمر غريباً ولم نعهده في مصر، ولكن ومع بدء التمرين اطمئنينا، وفرحنا كون أبناءنا ينفذون رياضة غريبة لم نكن نخال أن لديهم القدرة عليها في هذه السن، سعيدة لأن ابنتي تكتسب مهارة تجعلها تتنفس بصورة أفضل، وتمنحها نفساً طويلاً".
aXA6IDMuMTQuMjQ5LjEyNCA= جزيرة ام اند امز