تعتبر قمة البحرين من الأحداث الرئيسية التي تشهدها المنطقة العربية في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، والتطورات والمتغيرات الديناميكية المتسارعة.
في وقت تعيش فيه العديد من الدول العربية أوضاعا دقيقة ومعقدة، تتطلب التنسيق والتعاون بشكل فعّال لمواجهة التحديات المشتركة.
وتتميز قمة البحرين بخصوصية استضافتها في المنامة، وهي عاصمة مهمة عرفت بإيمانها الراسخ بمعاني السلام والتسامح والتعايش، ما يضفي عليها بُعدا إيجابيا يعزز أهميتها، فهذه القمة تحمل في طياتها عديدا من التحديات والتطلعات، ولطالما كانت البحرين الحبيبة عاصمة تاريخية للتواصل الحضاري والحوار بين الثقافات، ما يجعلها في وضعية مناسبة لتعزيز التواصل والتعاون بين الدول العربية، وصياغة سياسات جديدة تعكس تحديات الوقت الراهن وتعزز التضامن العربي.
الحنكة والخبرة البحرينية
كما سيكون لخبرة وحنكة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، دور كبير في الخروج بمخرجات مهمة وملموسة تناسب التحديات العربية الراهنة، لما يتسم به من رؤية استراتيجية حكيمة، فقد شهدت المنطقة العربية مجموعة صعبة من الأزمات والتوترات، ستكون قمة البحرين بها فرصة ملائمة لإعادة ضبط التوجهات العربية.
وتشمل هذه التحديات عديدا من القضايا الملحة، مثل القضية الفلسطينية والملفات العالقة في اليمن، وليبيا، وسوريا، والسودان، التي تتطلب تدخلا عربيا فعالا لتحقيق الاستقرار والسلام في هذه الدول، فضلاً عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها العالم العربي بشكل عام على أثر تداعيات الأزمات الدولية والإقليمية.
ولا شك تبرز حرب غزة وتداعياتها السياسية والأمنية والإنسانية في صدارة أولويات القادة العرب، والشعب الفلسطيني يعيش واقعاً مأساوياً يتطلب من الدول العربية الوقوف بجانبه، ودعمه في مواجهة التحديات التي يواجهها.
ومن المهم أيضا التركيز على الفراغ السياسي في لبنان، حيث تتطلب الأوضاع الراهنة جهودا عربية مشتركة للمساهمة في تحقيق الاستقرار وتعزيز الحوار الوطني. وبالطبع، الملف السوري يمثل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الدول العربية والمجتمع الدولي، فالصراع الدائر في سوريا منذ سنوات أدى إلى معاناة بشرية هائلة، وتدمير هائل للبنى التحتية والاقتصاد السوري. ومن الضروري على الدول العربية أن تستمر في خطواتها الإيجابية بعودة دمشق إلى البيت العربي، مكانها الطبيعي، والعمل بتنسيق مع المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية يحقق السلام والاستقرار في البلاد، ويضع حداً لمعاناة الشعب السوري، عبر حلول شاملة تحقق المصالحة الوطنية وإعادة بناء البلاد.
توحيد التوجهات العربية
كما أن هناك ضرورة ملحة لمراجعة وإعادة ضبط وتوحيد التوجهات العربية، والعمل على وجود توافق في الرؤى، تحديداً في الملفات التي تتطلب التنسيق الفعال المستمر لتجاوز التحديات الراهنة التي تواجه المنطقة، فالواقع السياسي والاقتصادي والأمني يتطلب من الدول العربية التحرك بحكمة وقوة، وتبني توجهات تتسم بالحزم والعزم لتجاوز العقبات وتحقيق التقدم والاستقرار.
ومن هذا المنطلق، سيكون للدول العربية المحورية دور مهم لإنجاح قمة البحرين، ذلك لسياساتها الجاذبة التي تركز على أدوات التنمية والازدهار، ولكونها تمثل الاعتدال العربي بسياساتها المتوازنة، ولأنها تمثل العمود الفقري للتعاون والتنسيق بين الدول العربية، ولها دور حيوي في تحقيق التفاهمات والمخرجات التي تعزز التضامن العربي، وتركز على المشتركات في مواجهة التحديات، عبر التوسط بين الأطراف المتصارعة في النزاعات العربية والإقليمية والدولية، ما يسهم في تهدئة التوترات، وتحقيق الحلول السلمية للنزاعات، بالإضافة إلى دعم القضايا الإنسانية، مثل دعم اللاجئين وتحسين الظروف المعيشية، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
قمة البحرين مناسبة مهمة لتحقيق مخرجات عربية تتلاءم مع التحديات الراهنة وتعزز التضامن العربي، ما يسهم في بناء مستقبل أفضل للمنطقة العربية بأكملها، بإذن الله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة