المطبخ البيتاوي.. تراث إندونيسي يتجدد
"البيتاوي" تطلق على كل شيء تعود أصوله لمدينة جاكرتا عاصمة إندونيسيا والتي كان اسمها قديما (باتافيا).
يكافح أبناء الشعب الإندونيسي للحفاظ على جذورهم، ويأتي المطبخ البيتاوي أحد أهم صور التراث التي يسعون للحفاظ عليها، وكلمة "البيتاوي" تطلق على كل شيء تعود أصوله لجاكرتا عاصمة إندونيسيا والتي كان اسمها قديما (باتافيا).
وتنحدر أصول سكان مدينة جاكرتا من أصول مختلفة، سواء كانت من جاوة أو الصين أو حتى من حضرموت أو الهند، ما يشكل تنوعا فريدا، ويجمعهم الحنين إلى ماضي المدينة، والذي يمثل المطبخ البيتاوي أحد أهم صوره.
"فاخرول زين" استقالت من عملها في مكتبها، يناير الماضي، وقررت تطوير أعمالها في إعداد الطعام البيتاوي، في استثمار عائلي، لشعورها بمسؤوليتها في الحفاظ على جذورها وتراثها من الانقراض، بحسب موقع صحيفة "خبر إندونيسيا".
وتقول فاخرول، 38 عاما، إن "الطعام البيتاوي لا يتعلق فقط بالمذاق، ولكنه أيضا الشعور الذي ينتاب الشخص في أثناء الطهي والإعداد، ثم وقت تناوله".
وأضافت: "في عائلتي، كانت أمي دائما مصدر الطاقة الرئيس لنا، فتجمع كل أطفالها السبعة، و10 أحفاد، للتمتع بأطباق البيتاوي المذهلة".
وقال أحد سكان تشونديت، في جاكرتا الشرقية، إن معظم الأطعمة البيتاوي معروفة بالإحساس والرائحة المميزة، وطريقة الإعداد والتجهيز الجماعي، والتي تجلب الطاقة للطهاة.
وعددت "فاخرول" العديد من الأطباق التقليدية الخاصة بالمطبخ البيتاوي (BETAWI) والتي تصنعها والدتها، مثل (Sayur Godog) حساء البابايا غير الناضجة، أو (Opor Ayam) الدجاج المطهو في حليب جوز الهند، كما تعشق (Semur Jengkol)، ولا تنسى الطبق المحبوب جدا للإندونيسيين المنحدرين من أصول عربية وهو (Asinan)، أي تشكيلة الخضراوات الحامضة ذات النمط البيتاوي مع سلطة مع صلصة الفول السوداني.
يوم الجمعة، تعمل "فاخرول" برفقة زوجها "يوسف"، وكلاهما يرتدي ملابس بيتاوية تقليدية، في مطعمها الصغير وتخدم عملاءها في بازار الطهي البيتاوي، الذي يقع وسط جاكرتا.
لم يكن "يوسف" بعيدا عن "فاخرول"، فقد كان مشغولا بتحريك “بيتاوي دودول” (Dodol)، وهي حلوى تقليدية لزجة، في مقلاة ضخمة من النحاس، بينما كان صديقه "رضوان" يتفاعل بنشاط وضحك مع العديد من العملاء الذين يتذوقون حلوى الدودول.
وقالت فاخرول: "إنني راضية تماما، لأنني أرى الناس ما زالوا يحبون طعم دودول البيتاوي، على عكس (Dodol) من أماكن أخرى في إندونيسيا ، لدى (Dodol) البيتاوي سحرها الخاص. إنه طعم لذيذ لأنه يحتوي على المزيد من حليب جوز الهند".
وتعود ملكية "دودول" التجارية إلى "ريزال"، وهو أيضا بيتاوي، ويعيش في "باسار مينغو" في جنوب جاكرتا، وورث العمل من والديه. أما "يوسف" فهو موظف في شركة "ريزال"(Rizal) وتعلم الصناعة منه لمدة ثلاث سنوات.
يقول يوسف: إن "ريزال لديه استراتيجيته الخاصة في تسويق منتجاته، وذلك عن طريق جلب المقالي الضخمة والقلي بها أمام العامة في كل سوق طهي أو معارض محلية".
وأضاف: "إنه أمر مضحك ومليء بالتحديات عندما يأتي الشباب، الذين ليس لديهم أدنى فكرة عن ما هو الدودول، ويسألون أسئلة عامة مثل: ما الذي تصنعونه؟ ما المكونات؟".
في حين أن فاخرول ويوسف هما من نسل "بيتاوي" (Betawi) بالدم، فإن "نورهاني" لها طابعها الرومانسي الخاص في إعداد الطعام بالطريقة البيتاوية، رغم أنها ليست من دم بيتاوي.
تساعد نورهاني ابنتها "سيبرين ديواياني" على بيع الجامو (مشروب عشبي خاص)، والبيليتوك (مشروب البيتاوي العشبي والتوابل)، وعصيد البوبور (عصيدة الأرز المغطاة بحساء أسينان ولحم البقر).
وقررت نورهاني، التي ولدت وترعرعت في مالانغ، شرق جاوة، الانتقال إلى العاصمة في عام 1967، والعيش في مينتينغ، وسط جاكرتا. وسمحت حياة نورهاني المبكرة في المدينة لها بتذوق أطباق البيتاوي المختلفة والوقوع في حبها.
وتقول: "في الوقت الذي توفي فيه زوجي في عام 1995، بدأت مسيرتي المهنية كطاهية، وذلك للبحث عن لقمة العيش والاستمرار في الكفاح بين أمواج هذه الحياة المتلاطمة".
وأضافت: "لقد صنعت العديد من أطباق البيتاوي في البداية ثم بدأت البيع لجيراني فقط. كانت المرأة الأولى التي جربت فيها بوبور البيتاوي الذي أصنعه هي والدتي، وعندما طلبت منها أن تجرب، بكت فجأة، وهي تقول إن الطعم مطابق للذوق الذي اعتادت أمها فعله".
وتابعت: "هذه هي اللحظة التي حصلت فيها على الثقة لبيعها لأشخاص آخرين. عاجلا أم آجلا، سيكون عليّ أن أنقل موهبتي في الطهي إلى جانب صنع الأطعمة والمشروبات التقليدية إلى ابنتي"، مشيرة إلى أنها تتوقع أن تتعلم ابنتها أيضا كيفية طهي المأكولات التقليدية للمجموعات العرقية الأخرى في إندونيسيا.
aXA6IDE4LjExNy43OC4yMTUg جزيرة ام اند امز