من المرجح إذا أن تتجه سوق النفط لتحقيق المزيد من التوازن خلال الفترة المقبلة، رغم الخشية من أن تؤدي الإصابات بكورونا للعودة لإغلاقات
اتخذت لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لتحالف أوبك+ قرارا، الأربعاء الماضي، بتخفيف خفض إنتاج دولها من 9.7 مليون برميل التي استمرت فيما بين مايو/أيار ويوليو/تموز إلى 7.7 مليون برميل خلال الفترة من أغسطس/آب، إلى ديسمبر/كانون أول 2020.
كما اتخذت اللجنة قرارا بجدول زمني للتعويض عن زيادات الإنتاج في مايو/أيار ويونيو/حزيران، في عدة دول من بينها العراق ونيجيريا وأنجولا وروسيا وكازاخستان، ومن المقدر أن يبلغ الخفض الفعلي في إنتاج أوبك+ نحو 8.54 مليون برميل يوميا خلال الشهرين المقبلين.
الأسعار ترتفع
واصلت أسعار النفط ارتفاعها في الأسواق العالمية، ومن أهم العوامل وراء ذلك ارتفاع نسبة الالتزام بخفض الإنتاج الذي اتفقت عليه دول أوبك+ لتبلغ 107% خلال شهر يونيو/حزيران الماضي. ويوضح التقرير الشهري لمنظمة الأوبك عن شهر يوليو/تموز استمرار أسعار النفط في الارتفاع خلال شهر يونيو/حزيران الماضي مع التحسن المستمر في أساسيات العرض والطلب في سوق الخام والانخفاض التدريجي في الإغلاقات بسبب فيروس كورونا.
وقد ارتفع سعر خام برنت في المتوسط خلال شهر يونيو/حزيران بمقدار 8.39 دولار أو بنسبة 25.8% مقارنة بشهر مايو/أيار ليبلغ في المتوسط 40.77 دولار للبرميل، بينما ارتفع سعر برميل خام غرب تكساس المتوسط بمقدار 9.79 دولار أو بنسبة 34.3% مقارنة بشهر مايو/أيار، ليبلغ سعر البرميل في المتوسط 38.31 دولار.
وقد أتت هذه الزيادة في الأسعار نتيجة لانخفاض مستوى الفائض العالمي، وعلامات على المزيد من التحسن في أساسيات السوق، إلى جانب توقعات بأن سوق النفط العالمي سوف يصبح أكثر إحكاما خلال النصف الثاني من عام 2020.
والطلب يرتفع أيضا
وقد راجعت منظمة الأوبك في تقريرها عن شهر يوليو/تموز، معدل نمو الطلب على النفط في عام 2020 لترفعه بمقدار 100 ألف برميل يوميا مقارنة بتقريرها السابق عن شهر يونيو/حزيران، وبذلك تتوقع المنظمة أن يدور الانخفاض في الطلب خلال العام الحالي حول 8.9 مليون برميل مقارنة بمستوى الطلب المسجل خلال عام 2019. ويتوقع تقرير الأوبك أن يتعافى الطلب جزئيا في عام 2021 ليسجل زيادة تاريخية تبلغ نحو 7 مليون برميل يوميا.
من المرجح إذا أن تتجه سوق النفط إلى تحقيق المزيد من التوازن خلال الفترة المقبلة رغم الخشية من أن تؤدي الإصابات بكوفيد 19 إلى العودة لإغلاقات الأنشطة الاقتصادية.
وقال الأمين العام لمنظمة الأوبك محمد باركندو أمام اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لأوبك+ الأربعاء الماضي" لقد عاد الطلب العالمي على النفط للارتفاع مجددا من المستويات المنخفضة التي كان قد هبط إليها حيث بلغ مقدار الانخفاض في هذا الطلب نحو 20 مليون برميل يوميا خلال شهر أبريل نيسان الماضي، ومن المقدر أن يبلغ الانخفاض في المتوسط نحو 8.9 مليون برميل يوميا خلال عام 2020 ككل. ومع الوضع في الاعتبار حالة عدم اليقين المتوقعة خلال الفترة المقبلة، فإن ارتداد الطلب العالمي ليسجل زيادة في عام 2021 لن يكون قادرا على تعويض الانخفاض في الطلب المتوقع خلال العام الحالي، وبالتالي لن يصل إلى مستوى الطلب العالمي الذي تحقق خلال عام 2019 والبالغ 100 مليون برميل يوميا".
انخفاض العرض
أما بشأن العرض فمن المقدر أن يكون إنتاج السوائل "النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي"وفقا لتقرير الأوبك قد انخفض في البلدان خارج تحالف أوبك+ بمقدار 3.55 مليون برميل يوميا خلال الربع الثاني من العام الحالي نتيجة لآثار إغلاقات النشاط الاقتصادي بسبب وباء كورونا، وأسعار النفط المنخفضة، خاصة خلال شهر أبريل نيسان، وارتفاع مستوى المخزونات. ويقدر أن ينخفض الإنتاج الأمريكي خلال العام الحالي بنحو 1.37 مليون برميل يوميا خلال العام الحالي. هذا طبعا إلى جانب استمرار خفض الإنتاج الذي ينفذه تحالف أوبك+.
مستوى مرتفع للمخزونات ولكنه ينخفض
وأشار أمين عام الأوبك كذلك في بيانه أمام لجنه المراقبة الوزارية المشتركة لأوبك+ إلى زيادة المخزونات التجارية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تضم أغلب الدول المستهلكة الرئيسية بمقدار 29 مليون برميل في شهر مايو/ أيار.
وكان الارتفاع المجمع لهذا المخزون خلال الشهور الثلاثة مارس آذار، إلى مايو أيار، يبلغ نحو 270 مليون برميل، وكان يمكن لهذا المخزون أن يبلغ مستويات أعلى بكثير ربما تصل إلى أكثر من مليار برميل إذا لم يتم الاتفاق على خطة خفض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا في إطار تحالف أوبك+.
وفي هذا الإطار يشير التقرير الأسبوعي لهيئة معلومات الطاقة الأمريكية إلى انخفاض المخزونات التجارية من النفط الخام في الولايات المتحدة 7.5 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 10 يوليو، وبلغ حجم هذه المخزونات 531.7 مليون برميل، وصحيح أن هذه المخزونات ما زالت أعلى بمقدار 17% من متوسطها خلال الأعوام الخمسة الأخيرة خلال هذا الوقت من العام، إلا أن الانخفاض الأسبوعي يعد كبيرا.
ومما يدعم من الثقة في أن هناك سحب من المخزونات انخفاض مخزون الولايات المتحدة من البنزين، وكذا انخفاض المخزون التجاري الإجمالي من النفط الخام والمنتجات بمقدار 9.3 مليون برميل في نفس الأسبوع مما يعني أن الانخفاض كان نتيجة لزيادة السحب وليس لمجرد إعادة هيكلة ما بين النفط الخام والمنتجات.
وقد ارتفع الاستهلاك في الولايات المتحدة خلال الأسبوع المذكور ليبلغ في المتوسط نحو 18.1 مليون برميل يوميا وهو ما يزيد بمقدار 361 ألف برميل يوميا عن الاستهلاك خلال الأسبوع السابق عليه.
من المرجح إذا أن تتجه سوق النفط إلى تحقيق المزيد من التوازن خلال الفترة المقبلة، وإن كانت هناك خشية من أن يؤدي تسجيل معدلات مرتفعة من الإصابات بكوفيد 19 في بعض البلدان إلى العودة لإغلاقات الأنشطة الاقتصادية ومن ثم انخفاض الطلب على النفط مرة أخرى.
لكن قد يعوض عن حدوث مثل هذا الاحتمال العودة لفتح المزيد من النشاطات الاقتصادية في العديد من البلدان، والتعافي الاقتصادي الملموس في بعض البلدان الكبيرة المستهلكة للنفط مثل الصين "ثاني أكبر مستهلك للنفط عالميا"، علاوة، كما هو متوقع، المزيد من التزام الدول أعضاء أوبك+ بالحصص الإنتاجية التي حددها اتفاق خفض الإنتاج.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة