الذكرى 102 لوعد بلفور.. دعوات فلسطينية للاعتذار وسط رياح غير مواتية
صائب عريقات يؤكد، لـ"العين الإخبارية"، أنه على "بريطانيا أن تتصرف بمسؤولية لإحداث تحول نوعي نحو إحقاق الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني"
بمرور 102 عام على وعد بلفور ما زالت تداعياته واضحة على الأرض الفلسطينية، فالاستيطان الإسرائيلي يتكرّس فيما أن حلم قيام دولة فلسطينية بات أبعد من أي وقت مضى.
في مثل هذا اليوم من عام 1917، وجّه وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور رسالة إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد، أحد أبرز قادة المجتمع اليهودي البريطاني، جاء فيها: "تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".
بالنسبة للفلسطينيين كانت هذه الرسالة، وما زالت، بمثابة "وعد مَن لا يملك لمَن لا يستحق"، ولذلك فإنهم ما زالوا يطالبون بريطانيا بالاعتراف بالمسؤولية التاريخية عن نكبة الشعب الفلسطيني.
وتحل ذكرى الوعد هذا العام مع تصاعد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي ظل مأزق سياسي متصاعد، خاصة بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ورفض إدارته حل الدولتين وامتناعها عن معارضة الاستعمار في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي هذا الصدد، طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات بريطانيا "باقتناص الفرصة السياسية للعب دور فاعل وجوهري في حل قضية شعب فلسطين السياسية المسؤولة عنها عبر قرن من الزمن من خلال الاعتذار لشعبنا، والاعتراف بمسؤوليتها القانونية والسياسية عن الظلم الذي أوقعته به، والدفع بمبادرات عملية كفيلة بترجمة إرادتها في ردع الاحتلال والاستيطان وعمليات التطهير العرقي التي تقودها سلطة الاحتلال لترسيخ نظام عنصري استعماري يستند إلى قانون القومية العنصري-وليد وعد بلفور- كما دعاها تعبيراً عن ذلك إلى الاعتراف بدولة فلسطين".
وقال عريقات، في تصريح أرسله لـ"العين الإخبارية"، السبت: "على الرغم من أن هذه الإجراءات لن تمحو وحدها نتائج وآثار الاستعمار، فإنها ستشكل نموذجاً لسائر أعضاء المجتمع الدولي للقيام بواجباته لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط وحول العالم. لقد آن الأوان لبريطانيا أن تتصرف بمسؤولية لإحداث تحول نوعي ملح نحو إحقاق الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني التي رفضها وتنكر لها بلفور قبل أكثر من قرن".
وأضاف أن "فلسطين ما زالت الضحية لهذا الوعد الاستعماري وصنيعته دولة الاحتلال التي تيمنت بوعد بلفور في إنكار الحقوق السياسية لشعبنا وحقه المشروع والأصيل في تقرير المصير".
وتابع: "لتحقيق ذلك، على بريطانيا والمنظومة الدولية دعم القرارات الدولية جميعها التي أصدرتها لحل القضية الفلسطينية، وإيجاد آليات لتنفيذها".
عشراوي: نقطة انطلاق لمأساة شعب فلسطين
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتورة حنان عشراوي رأت أن "إعلان بلفور هو نقطة انطلاق مأساة الشعب الفلسطيني بكامله، وما زالت آثار هذا العدوان تلقي بظلالها القاتمة على فلسطين والمنطقة".
وقالت في تصريح أرسلته لـ"العين الإخبارية" السبت: "على الحكومة البريطانية الاعتذار عن الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني جراء هذا الإعلان الغاشم، وأن تقوم بعملية تصحيح تبدأ بالاعتراف فورا بدولة فلسطين المستقلة وذات السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتعويض شعبنا عن معاناته وخسائره".
ودعت بريطانيا إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والسياسية تجاه نتائج وأبعاد هذا الحدث الخطير والهدام.
وأشارت إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي هو واحد من مخلفات هذا الوعد البغيض، ولا ينبغي أن يفرض الماضي الاستعماري سياسات حاضر شعبنا ومستقبله".
المجلس الوطني: جريمة
في السياق نفسه، طالب المجلس الوطني الفلسطيني "دول العالم وبرلماناتها التي لم تعترف بدولة فلسطين إلى الاعتراف بها وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، إنصافاً لشعبنا الذي ما يزال يدفع ثمناً باهظاً دماً وتشرداً، نتيجة لوعد بلفور وتنفيذه على حساب أرضنا وحقوقنا المشروعة".
وقال المجلس الوطني الفلسطيني، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن "هذا الوعد الاستعماري يعد -وفقاً لأحكام وقواعد القانون الدولي- جريمة أدت إلى اقتلاع وتهجير أكثر من نصف سكان فلسطين في عملية تطهير عرقي آثمة، وتدمير وإبادة أكثر من 531 قرية وبلدة فلسطينية، إلى جانب مئات المجازر الدموية بحق أبناء شعبنا".
وشدد على أنه "آن الأوان لوضع حدٍ لمعاناة شعبنا، الذي لا يزال حتى الآن يعيش تحت احتلال مجرم، عَجِزَ المجتمع الدولي عن محاسبته وإلزامه بتنفيذ قراراته، الأمر الذي أدى إلى استمرار تلك الجريمة التي لا تسقط بالتقادم، والمترافقة مع العدوان والقتل والاعتقال والاستيطان، الأمر الذي يقتضي مساءلة ومقاضاة من تسبب بهذه الكارثة على شعبنا".
ودعا مجلسي العموم واللوردات للضغط على الحكومة البريطانية لتصحيح الخطأ الفادح الذي ارتكبته، والإقرار بتحمل مسؤوليتها القانونية الدولية، والالتزام بتطبيق مبدأ إصلاح الضرر الذي ألحقته بحقوقنا، بما يتضمنه من الاعتذار لشعبنا وتعويضه، والاعتراف بدولة فلسطين على حدود 4 يونيو/حزيران 1967.