بشار الأسد.. تفاصيل الأيام الأخيرة في سوريا
رغم سقوط نظام بشار الأسد قبل أيام، إلا أن تفاصيل الأيام الأخيرة للرئيس السوري السابق في الحكم، لا تزال تتكشف شيئا فشيئا.
بعض من هذه التفاصيل أماطت صحيفة «ذا ناشيونال إنترست» اللثام عنها، قائلة إن الهجوم الذي شنته المعارضة السورية المسلحة، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كان يهدف إلى «ردع الضربات الجوية الروسية، وطرد وكلاء الحرس الثوري الإيراني».
وأشارت إلى أن تركيا قللت في البداية من الهجوم، إلا أنه مع تطوره ودخول المعارضة المسلحة إلى حلب، اعتقد كثيرون أن الوجود الإيراني القوي في شمال غرب المحافظة من شأنه أن يمنع سقوط مدينة حلب.
لكن خلال الأربع والعشرين ساعة الأولى من العملية، سيطرت القوات المهاجمة على الفوج الاستراتيجي 46 في شرق حلب، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ورداً على ذلك، سافر الرئيس السوري بشار الأسد إلى العاصمة موسكو لحضور حفل تخرج ابنه، «لكن ربما كان ذلك بهدف نقل عائلته إلى مكان آمن أثناء البحث عن الدعم السياسي»، تقول «ذا ناشيونال إنترست».
وفي أعقاب المحادثات، اختارت روسيا دعم الاجتماعات الطارئة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ــ متجنبة إجراءات الدعم الأوسع نطاقاً، بحسب الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أن الأسد هاتف بعض الزعماء باحثاً عن غطاء سياسي، إلا أن طلباته قوبلت بالرفض بسبب «عناده السابق والانهيار الواضح لجيشه».
لكن «سرعة التطورات داخل سوريا أعاقت محاولة العراق تقديم المساعدة»، بحسب «ذا ناشيونال إنترست»، وخاصة بعد أن سيطرت المعارضة المسلحة على غرب حلب، واستولت على الأكاديمية العسكرية وأجبرت جنود الجيش السوري على الفرار إلى معقل حلب الجنوبي الشرقي.
وتابعت: أمر عبد الله نظام، رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا، المليشيات الإيرانية بالإخلاء في نفس الاتجاه، ثم فروا عبر خناصر بدمشق، لتسقط معظم مدينة حلب في غضون ثماني وأربعين ساعة بعد بدء العملية التي شنتها المعارضة المسلحة.
وبحسب مصادر دبلوماسية تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، فقد نُصح الأسد بالعودة إلى دمشق بحلول الأول من ديسمبر/كانون الأول على أمل أن يوقف وجوده انهيار الجيش وتقدم المعارضة المسلحة في حماة وحمص - وهما مركزان لوجستيان استراتيجيان لروسيا وحزب الله.
وفي الثالث من ديسمبر/كانون الأول، كانت هناك محاولات لطلب مساعدة عاجلة خلال اجتماع لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي، طالباً المساعدة العاجلة، لكن دون جدوى، تقول «ذا ناشيونال إنترست»، مشيرة إلى أن جلسة في مجلس الأمن كانت تهدف إلى مساعدة نظام الأسد، فشلت هي الأخرى، مما أدى إلى قطع أي دعم محتمل للأسد كان من الممكن أن ينبع من الخوف من زعزعة الاستقرار في سوريا.
وفي الرابع من ديسمبر/كانون الأول، استولت المعارضة المسلحة على اللواء 87 في حماة، مما دفع الأسد إلى الاعتراف بمصيره والبدء في إجلاء دائرته الداخلية إلى موسكو وبغداد وبيروت وبنغازي، وفقًا لمصادر محلية مطلعة.
ومع ذلك، استمر الأسد في الإصرار على إجراء مكالمات مع أصحاب المصلحة المحليين والخارجيين، بحجة أن الفرقتين 25 و11 في الجيش السوري ستصمدان لشهور.
بعدها، تحولت الأنظار نحو العاصمة القطرية الدوحة، حيث كان صناع القرار الرئيسيون يحضرون منتدى الدوحة، فيما لم يتم تأكيد مشاركة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلا في الليلة السابقة، بعد مكالمة هاتفية مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن.
مرور آمن
وفي حين اجتذب الاجتماع الثلاثي قدراً كبيراً من الاهتمام، كانت عملية أستانا ميتة، حيث أدرك أصحاب المصلحة الرئيسيون مصير الأسد. ووفقاً لمصادر دبلوماسية مطلعة على الوضع، كانت اجتماعات لافروف مع أمير قطر ووزير الخارجية التركي تهدف إلى الحصول على ضمانات بعدم تعرض القوات الروسية للهجوم و«تسهيل» مرور الأسد الآمن إلى موسكو.
وغادر الأسد دمشق إلى حميميم بحلول السابع من ديسمبر/كانون الأول، وفقًا لمصادر دبلوماسية متعددة، وجرى تهريبه إلى موسكو على متن طائرة روسية عبرت المجال الجوي التركي في الثامن من ديسمبر/كانون الأول.
وبحسب ما ورد، فإن «شقيقه ماهر صعد على متن طائرة تابعة للحرس الثوري الإيراني إلى بغداد ثم إلى روسيا، وكان هروبه بمثابة النهاية الحاسمة لحكم عائلة الأسد»، تقول الصحيفة الأمريكية.
ماذا يعني ذلك؟
تقول «ذا ناشيونال إنترست»، إن سقوط الأسد «بهذه السلاسة»ـ يسلط الضوء على «أن النظام كان يشكل على نحو متزايد عبئاً على داعميه الدوليين، بدلاً من أن يكون وسيلة لتحقيق أهدافهم في سوريا».
وأشار إلى أن السوريين «لديهم فرصة نادرة لإعادة بناء بلدهم بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، شريطة أن تكون العملية بقيادة سورية وملكية سورية».
من قاد الهجوم؟
منذ أشهر، خططت قوى المعارضة المسلحة لحملة عسكرية لإسقاط الأسد وطرد المليشيات المدعومة من إيران من سوريا.
وتتألف الفصائل المهاجمة من مجموعات ربما تم فحصها وتدريبها وتجهيزها بين عامي 2013 و2017 في إطار عملية «تيمبر سيكامور» التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
وتشمل هذه المجموعات حركة الزنكي وجيش العزة، وهي فصائل متمرسة وذات خبرة في المعارك. بالإضافة إلى ذلك، قادت الجبهة الشامية (الفيلق الثالث لما يعرف بالجيش السوري الحر) عمليات خاصة وأشرفت على هجمات بطائرات بدون طيار.