محللون: سقوط البشير صفعة قوية لمشاريع قطر في أفريقيا
خبراء يؤكدون أن سقوط نظام البشير في السودان كان بمثابة الزلزال القوي الذي قضى على أحد أهم معاقل نفوذ تنظيم الحمدين في أفريقيا.
أكد مراقبون وخبراء سياسيون أن سقوط نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، شكّل أقوى ضربة لمشاريع تمدد قطر في القارة الأفريقية.
كما قضى سقوط البشير، حسب الخبراء، على مصالح الدوحة في خلق مناطق نفوذ لها بعد تضعضع مكانتها في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط بسبب ارتباطاتها المريبة ودعمها المستمر للإرهاب والتطرف في المنطقة.
ويرى خبراء في الشؤون الأفريقية أن النفوذ القطري في القارة الأفريقية بات يشهد تراجعا متواليا لا يمكن إنكاره، خصوصا مع انكشاف حجم المؤامرات القطرية ومساعيها لضرب استقرار وأمن الدول الأفريقية، وافتضاح سلوكها عبر دعمها لمجموعة متنوعة من حلفائها من التنظيمات الإرهابية في شمال وغرب ووسط أفريقيا وفي منطقة القرن الأفريقي، ووقوفها بكل قوة خلف الحكومات الديكتاتورية الفاسدة كما في حالة السودان أيام حكم البشير.
وبحسب مراقبين، فإن دول القارة تعيش حالة من الرفض التام لإقامة أي علاقات تعاون مشترك مع قطر، وأشاروا إلى تقرير أعدته صحيفة "لوموند" الفرنسية يفيد بتراجع النفوذ القطري في أفريقيا والذي أكد أنه "رغم محاولات قطر المستميتة لفرض نفوذها وقوتها في أفريقيا، فإنها لم تستطع تحقيق أي تقدم على أرض الواقع، في ظل وجود قوى كبيرة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات، تتمتع بعلاقات طيبة وقوية في القارة السمراء".
الكاتب والمحلل السياسي السوداني المقيم بالقاهرة عبدالواحد إبراهيم قال لـ"العين الإخبارية" إن قطر لم يعد لها أي موطئ قدم في أفريقيا وبالأخص بعد سقوط حليفها عمر البشير، مؤكدا رفض معظم الدول الأفريقية لإقامة علاقات استراتيجية وعميقة مع قطر واكتفاء بعض الدول بالعلاقات الدبلوماسية المتعارف عليها.
وأضاف أن قطر خسرت بالكامل نفوذها في مناطق شرق القارة وفي منطقة القرن الأفريقي، مشيرا إلى أن اتفاقية المصالحة بين أثيوبيا وإريتريا برعاية الإمارات والسعودية قضت تماما وبشكل كامل على أي نفوذ في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تسعى قطر لخلق نفوذ فيها وإحداث خلخلة أمنية في منطقة الخليج العربي وخنق التجارة العالمية.
ورأى عبدالواحد أن قطر لم يتبق لها من حلفاء في أفريقيا سوى الرئيس الصومالي الحالي محمد عبدالله فارماجو الذي يواجه مصاعب جمة في إدارة بلاده وتفجر الصراعات والخلافات السياسية الداخلية بسبب تدخل قطر في شؤون مقديشو ودعمها للإرهاب وزرع شخصيات تابعة في المؤسسات السيادية وفي البرلمان لدعم حركة الشباب الإرهابية، وهو ما أضعف من حالة التوافق الداخلي في البلاد بما ينذر بعودة الحرب الأهلية.
ونوه عبدالواحد إلى أن العبث القطري في الصومال أضعف من فرص الدوحة في التوغل في منطقة شرق أفريقيا، وأضاف أنه بات من المؤكد أن دولا مثل كينيا وأوغندا والكونغو ترفض إقامة علاقات استراتيجية مع الدوحة؛ خوفا من التفاف تنظيم الحمدين على الاتفاقيات واتجاهها لدعم الجماعات الإرهابية.
وبحسب إحصائية قام بها موقع "أفريكا دبلوماتيك"، فإن أكثر من 8 دول أفريقية في غرب وفي شرق أفريقيا ترفض إقامة علاقات مع قطر، وحسب الموقع فإن قطر تواجه تكتلا آخر من دول غرب أفريقيا مكونا من كل من السنغال وموريتانيا يرفض إقامة أي نوع من أنواع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.
ويعود المحلل السياسي عبدالواحد معلقا بأن ذلك التجاهل والرفض دفع الدوحة لمحاولة إقامة علاقات مع دول أخرى مثل مالي وبوركينا فاسو وراوندا وتقديم مساعدات لمالي وبوركينا فاسو تحت ستار مساعدة تلك الدول على محاربة الإرهاب.
بدوره، ألمح الباحث في الشؤون الأفريقية السوداني الأنور محمد صالح في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن قطر لم يكن لها وجود قوي في أفريقيا بعكس ما تروج له الآلة الإعلامية القطرية التي حاولت تضخيم حجم قطر مستغلة تراجع الاهتمام الأمريكي بالقارة الأفريقية لخلق نفوذ لها.
وأضاف الأنور أن قطر واجهت صعوبات متعددة نتيجة لنهجها المتطرف وتوجهها لدعم المجموعات الإرهابية، مؤكدا أن قطر حاولت استغلال المجموعات الفقيرة والمهمشة في مناطق بحيرة تشاد والنيجر وتقديم الدعم لجماعة مثل جماعات بوكو حرام الإرهابية والجماعات المتطرفة متجاهلة حكومات تلك الدول في خرق واضح للأعراف الدولية.
وقال إن دعم قطر لجماعة بوكو حرام وضع الدوحة أمام موقف أخلاقي أمام العالم نظرا للفظاعات والجرائم التي ارتكبتها الجماعة وهو ما أسهم في خلق موقف موحد من قبل هذه الدول لأي شكل من أشكال العلاقات مع قطر .
بدوره، شدد المحلل السياسي التشادي خميس أركيدي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، على أن الدول الأفريقية أدركت أنه يجب قطع العلاقات مع قطر كحل لمحاربة الإرهاب بسبب ارتباطات الدوحة المؤكدة بعدد كبير من الجماعات الإرهابية.
وقال إن القيادات الأفريقية باتت مدركة للخطط القطرية لجعل أفريقيا ملاذا للإرهابيين في العالم، وجعل الدول الأفريقية عبارة عن معسكرات لتدريب وتجميع الإرهابيين تمهيدا لنشرهم في العالم.
وأوضح أن تحركات كل من المملكة العربية السعودية والإمارات في ليبيا وفي القرن الأفريقي ودعمهما الاستقرار في موريتانيا كان بمثابة الترياق المضاد لمخططات قطر في تحطيم مقدرات الدول الأفريقية، مضيفا أنه يجب أن ينشأ تحالف عربي أفريقي لمكافحة خطر إرهاب قطر لمنع تمددها من جديد في بعض الدول الأفريقية الهشة والمضطربة مثل بوركينا فاسو ومالي وتوجو.
aXA6IDMuMTI5LjQyLjE5OCA= جزيرة ام اند امز