بعد توقف "بي بي سي عربي".. هل تقضي التكنولوجيا على الإعلام التقليدي؟ (خاص)
توقفت إذاعة بي بي سي عربي عن البث الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2023، وتحولت لإذاعة بعض البرامج الإذاعية المختارة بشكل إلكتروني.
وضعت "بي بي سي عربي" -وهي جزء من خدمة بي بي سي العالمية- الخطوات الأولى في خططها، لتصبح خدمة رقمية في المقام الأول بهدف تعزيز تفاعلها مع جمهورها في جميع أنحاء العالم العربي.
وتُعد خطط بي بي سي عربي جزءا من استراتيجية خدمة بي بي سي العالمية التي أُعلن عنها العام الماضي، والتي تركز على تقديم محتوى رقمي لزيادة التفاعل مع الجماهير في جميع أنحاء العالم.
فهل انتهى عصر الراديو؟ وهل تتبعه الصحافة الورقية والتلفزيونات؟ وهل يصبح الإعلام إلكترونيًا فقط.. "العين الإخبارية" تواصلت مع عدد من خبراء الإعلام للإجابة عن جميع هذه الأسئلة، ونستعرض رؤيتهم فيما يلي..
"حركة ذكية"
تصف الدكتورة سارة فوزي، المدرس بقسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، خطوة البي بي سي بأنها "حركة ذكية جدًا".
وأوضحت فوزي -في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"- أن إذاعة بي بي سي لها أثر وتاريخ، لكن كل المواقع والقنوات تتحول الآن لمنصات رقمية، وضربت مثالاً بوارنر ميديا، شبكة الإعلام الأمريكية، التي تم بيعها لديسكفري، وتحولت للبث الرقمي.
وأشارت إلى تنامي شعبية البودكاست والشورت فورمات للديجتال ميديا، ما سيتيح للبي بي سي وغيرها أن تزيد من الإعلانات وتتحرر من قيودها التقليدية في سوق الإعلان، وبالتالي توفر نفقاتها وتكسب المزيد من المال، خصوصًا إذا قررت أن يكون العرض بدون إعلانات باشتراك مادي.
حسب طبيعة المجتمع
من جهته يقول محمد العراقي، الباحث بقسم الإعلام بمعهد البحوث والدراسات العربية، إن انتشار الإعلام الرقمي ارتبط بالتقنية المتطورة بسرعة فائقة والتي أصبحت تشهد تطورات مذهلة، متوقعًا أن تغطي على الوسائل التقليدية في المستقبل القريب في العالم المتقدم.
وأوضح العراقي -خلال تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"- أن بقاء أو انقراض أي وسيلة إعلامية مرتبط بمستويات تطور المجتمعات الإنسانية في الجوانب الاقتصادية والعلمية والثقافية.
ويضيف أن ارتفاع مؤشرات الفقر والأمية قد يدفع طبقات واسعة من المجتمعات الدولية إلى أن تبقى بعيدة عن الاندماج بثورة التقنية التي تتسارع وتيرتها يوماً بعد آخر، وسيبقى اعتماد تلك المجتمعات الفقيرة على الإعلام التقليدي.
صناعة المحتوى تشكل فارقًا
ويقول الدكتور محمد وليد بركات، المدرس المساعد بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن الشائع لدى منظري وسائل الإعلام والاتصال أن الوسيلة الجديدة لا تلغي الوسائل الأقدم منها، وقد استمدت هذه الفكرة من أن الراديو لم يلغ الصحف، وهكذا لم يلغ التلفزيون الراديو.
ويستدرك بركات -في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"- أن الإنترنت جمع في أدواته: القراءة، والاستماع، والمشاهدة، على حد سواء، وهو ما هدد الوسائل الأقدم، وخصم من جمهورها، خاصة أن الإنترنت أيضا قدم أدوات التفاعلية المباشرة مع منتج المحتوى، كما قدم لمنتج المحتوى أدوات لقياس رد الفعل بشكل فوري، وهو ما لم توفره الوسائل الأقدم.
ويضيف بركات أن الإنترنت أتاح للجميع أن يتحول من مستهلك محتوى إلى صانع محتوى، بداية بالمنتديات والمدونات، وانتهاء بشبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما يمثل تحديا كبيرا لوسائل الإعلام التقليدية، يفرض عليها منافسة ليست في صالحها.
ويدلل على ذلك بأن هناك بعض وسائل الإعلام التقليدية العريقة أدركت أنه يجب الاتجاه إلى الوسائط الرقمية، ومنها صحيفة نيوزويك الأمريكية، وإذاعة بي بي سي البريطانية، موضحا أنه لا يجب أن نقلد غيرنا لمجرد التقليد، وإنما يجب أن تكون مثل هذه الخطوات مدروسة بعناية، لتراعي احتياجات الجمهور، وحقوق الصحفيين، ومصالح مالك الوسيلة.
واختتم حديثه قائلا: "يجب ألا نفكر في صناعة الإعلام والاتصال من منظور استبقاء الوسائل، والحرص على إحيائها مهما كانت التكلفة، وإنما من زاوية الاهتمام بصنع محتوى جيد، مفيد وممتع في نفس الوقت، وتقديمه بالوسائل التي تناسب الجمهور، بعد دراسة سماته جيدا، أيا كانت هذه الوسائل".
aXA6IDMuMTQ0LjExNC44IA== جزيرة ام اند امز