تآكل الشاطئ.. خطر كارثي يواجه ساحل غزة
البنية التحتية لشاطئ غزة تحتاج إلى تطوير وبناء مشاريع هندسية بيئية استراتيجية لحماية الشاطئ من المتغيرات المناخية
تحول التآكل المتكرر لشاطئ قطاع غزة، خلال المنخفضات الجوية، إلى مشكلة حقيقية تثير قلق الخبراء الفلسطينيين لتداعياتها وآثارها الكارثية.
وأكدت سلطة الموانئ البحرية بغزة أن ميناء غزة البحري وميناء دير البلح تعرضا لأضرار جسيمة جراء النوة "المنخفض" الأخيرة نهاية الأسبوع الماضي.
وأحدثت الأمواج الكبيرة ضررا كبيرا داخل اللسان البحري وأدت إلى تصدع في الجدار، كما أحدثت النوة أضرارا كبيرة بميناء دير البلح، حيث جرفت الأمواج سور الحماية لغرف الصيادين، الأمر الذي أدى إلى تضرر كبير في غرف الصيادين وهي مهدد بالانهيار جراء تآكل الرمال من تحتها.
وتكرر السيناريو ذاته على شاطئ رفح، حيث نحرت أمواج البحر العاتية أجزاءً من شارع الرشيد الساحلي الممتد غرب قطاع غزة، وجرفت تلالا رملية وخياما واستراحات، وسحبت معدات صيد تركها صيادون على الشاطئ.
أضرار كبيرة
وقال نزار عياش، نقيب الصيادين الفلسطينيين، لـ"العين الإخبارية"، إن أضرارا كبيرة وقعت في ميناء دير البلح البحري منها تلف شباك صيد وتضرر عدة غرف للصيادين ومراكب الصيد؛ بسبب المد البحري الأخير.
وذكر أنه نتيجة هذا الوضع فإن 10 من أصل 150 مركبا دخلت البحر؛ بسبب الكتل المتراكمة أمام المراكب.
وحذر أن أي نوة قادمة ستهدد كل غرف الصيادين في الميناء المقدرة بـ50 غرفة، مشيرا إلى أن وزارات غزة جاءت ووعدت بمعالجة تداعيات المد لكنها لم تقدم أي حلول حتى الآن.
وأكد محمد حمو، مدير ميناء غزة البحري، أن النوة الأخيرة أحدثت أضرارا كبيرة في كاسر الموج، مبينا أن الميناء يحتاج إلى عمل خطة طوارئ بشكل سريع لمعالجة آثار المنخفض خاصة أننا في بداية فصل الشتاء.
ونبه بأن نوات أخرى قد تؤدي إلى تآكل كاسر الموج، موضحا أن اللسان يحتاج إلى إزالة الرمال التي حدثت بفعل المد والجزر.
تآكل الشاطئ
ويعيد الدكتور أحمد حلس، رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية، ما حدث من تآكل لشاطئ بحر غزة إلى الموانئ التي بنيت في بحر غزة دون توفر معايير بيئية.
وأوضح حلس في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن هذه الألسنة البحرية تمنع الرواسب والأتربة من الوصول الآمن لشاطئ القطاع؛ ما يؤدي لخلل في تركيبة الشاطئ.
وأقامت حماس وسلطاتها لسانا بحريا يطلق عليه ميناء غزة يمتد لمئات الأمتار في عمق البحر، إلى جانب لسان آخر أقامته قبالة خان يونس لأغراض تدريبية.
وبين حلس أن من أسباب حدوث المد البحري تغير المناخ وهيجان البحر والثورات المائية، وارتفاع عالمي لمستوى البحار بسبب تغير المناخ، وغيرها من التغيرات التي هي فوق قدرة الشاطئ الغزي على تحملها، في ظل غياب آليات حماية من السلطات الحاكمة بغزة، في إشارة إلى حماس.
ووصف ما حصل في القرية السويدية بمدينة رفح وميناء دير البلح البحري بأنه "شبه كارثة"؛ لأنها مناطق منخفضة، منبها بأن هناك مخاطر تنتظر الشاطئ والأراضي الزراعية في المستقبل.
وتسبب المد البحري إلى تدمير غرف للصيادين في دير البلح، وإلحاق أضرار كبيرة بالطريق العام مقابل القرية السويدية.
وينبه حلس بأنه "لو تكرر ما حدث مؤخرا يمكن أن ينهار الشارع وستدخل مياه البحر الأراضي الزراعية والمناطق السكنية وستصل للمياه الجوفية وبالتالي سنخسر جزءا من اليابسة".
ويوضح المهندس بهاء الأغا، المسؤول بسلطة البيئة في غزة، أن تآكل الشاطئ سببه حدوث ظاهرة رصدت منذ عدة سنوات، وهي إنشاء موانئ بحرية تعمل على حجز انتقال الأتربة والرمال القادمة من الجنوب إلى الشمال.
وقال الأغا لـ"العين الإخبارية": "عندما يعترض الميناء أو اللسان البحري الأتربة المحملة مع التيار البحري فإن الأتربة تترسب في الناحية الجنوبية من الميناء أو اللسان وفي الجهة الشمالية يحدث تآكل".
وأشار إلى هناك 3 مناطق على شاطئ البحر يحدث فيها تآكل في شواطئ رفح وخان يونس وغزة، بسبب تلك الموانئ، محذرا أن التآكل يزداد يوميا.
آليات المعالجة
حول آليات المعالجة، يشير المهندس الأغا إلى أن دورهم رقابي وليس تنفيذيا، وقال: "وجهنا رسائل لمختلف الجهات المحلية والمنظمات الدولية للتحرك لحماية الشاطئ عبر تمويل دولي لإنشاء مشاريع تحميه".
وأشار إلى أن الوزارات والبلديات بغزة تحاول أن تعالج المشكلة بحلول مؤقتة عبر ردم المناطق التي حدث فيها تآكل، لكنها حلول مؤقتة لا تفيد على المدى البعيد.
أما الخبير حلس فيؤكد أن وزارات وبلديات غزة لا تملك مقومات لحماية الشاطئ، مشددا على أن ذلك يتطلب فك الحصار الإسرائيلي وتحقيق الوحدة لتمكين الحكومة الفلسطينية من القيام بمسؤولياتها مع المؤسسات الدولية لاستجلاب دعم وتمويل لمشاريع استثمارية كبرى تحمي الشاطئ.
وقال: "البنية التحتية للشاطئ تحتاج إلى تطوير وبناء مشاريع هندسية بيئية استراتيجية، وليست تكتيكات محدودة لحماية الشاطئ من المتغيرات المناخية".
وأضاف: "يمكن عمل مشاريع لحماية الشاطئ مثل بناء موانئ بشكل بيئي وبناء استثمارات هندسية على الشاطئ مثل مصبات أمواج وكتل أسمنتية".
aXA6IDMuMjEuMTIuODgg
جزيرة ام اند امز