أهالي مفقودي "مرفأ بيروت".. بين أمل اللقاء وحزن الفراق
عمليات البحث ورفع الأنقاض للكشف عن مصير المفقودين تتواصل، ولكن بعد مرور أيام على الانفجار المأساوي فإن فرص نجاتهم تتضاءل شيئاً فشيئاً
لا تزال بيروت تلملم جراحها محاولة العثور على أبنائها الذين فقدوا تحت ركام الانفجار الذي هزّ لبنان، فبالإضافة إلى 154 قتيلاً والجرحى البالغ عددهم زهاء 5000 يوجد ما يزيد على 100 مفقود.
وتتواصل عمليات البحث ورفع الأنقاض للكشف عن مصير المفقودين، ولكن بعد مرور أيام على الانفجار المأساوي فإن فرص نجاتهم تتضاءل شيئاً فشيئاً، وسط حالة من الغضب الشديد تسيطر على الأهالي الذين يتهمون السلطات اللبنانية بالتقصير والبطء في عمليات رفع الأنقاض وعدم وجود معدات للقيام بهذه المهمة.
وأعلن مدير التوجيه المعنوي في الجيش اللبناني، العميد علي قانصوه أن الجيش كثف عمليات البحث عن الضحايا والمفقودين، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية ستقوم بإجراء فحوص الحمض النووي "دي إن إيه"، لذوي المفقودين للتأكد من هويات الضحايا.
وكانت بادرة الأمل الوحيدة للإسراع في كشف مصير المفقودين هي إعلان روسيا وفرنسا وقبرص إرسال فرق للمساعدة في الإنقاذ مزودة بكلاب بوليسية، إذ أكد الكولونيل فنسنان تيسييه ضابط من فريق الإنقاذ الفرنسي، للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال تفقده موقع الانفجار بمرفأ بيروت أنه لا يزال هناك أمل بالعثور على ناجين.
وقال إن فريق الإنقاذ يبحث حالياً عن سبعة أو ثمانية أشخاص يعملون في المرفأ مفقودين عالقين في قاعة تهدمت جراء الانفجار، في حين قال وزير الخارجية القبرصي نيكوس كريستودوليديس إن طائرتين هليكوبتر تابعتين للشرطة في طريقهما إلى العاصمة اللبنانية، وعلى متنهما 10 من أفراد الاستجابة للطوارئ و8 كلاب بوليسية للمساعدة في تحديد مكان الناجين في أنقاض المباني التي دمرها الانفجار.
ومن مستشفى إلى آخر يتنقل أهالي المفقودين في محاولة للبحث عن ذويهم، وبعدما فقدوا الأمل اتخذوا من مدخل مرفأ ساحة انتظار، ليكونوا على علم بكل مفقود يُعثر عليه.
عائلة عماد زاهر الدين، أحد المفقودين، جلست على الرصيف أمام مدخل المرفأ تحت أشعة الشمس الحارقة، بانتظار خبر يطمئن قلبها، زوجته وشقيقته وقريبه غالب حاطوم في حالة من الضياع، يطرحون علامات استفهام عن مصيره.
وقال غالب لـ"العين الإخبارية" إن عماد (44 عاماً) لديه 4 أولاد يعمل حارساً في المرفأ منذ 20 عاماً، مضيفاً: "في ذلك اليوم كان عماد يؤدي عمله، وبحسب ما علمناه من زميل له، إنه عند وقوع الانفجار الأول سارع لاكتشاف ما يحدث، وقف إلى جانب رجال الإطفاء الذي حضروا لإخماد النيران، وعند وقوع الانفجار الثاني لم يبق لهم أثراً كما أننا لم نعثر على سيارته".
وتابع: "حضرت فرقة من الدفاع المدني للمساعدة في البحث عنه، وأتواصل مع عناصرها بشكل دائم إلا أنه حتى اللحظة لا خبر عنه".
وأكد حاطوم أنه تم العثور على 6 جثث من موظفي الإهراءات، معلناً غضبه من تقصير الجهات الرسمية، قائلاً: "لا توجد جهة تطلعنا على عدد المفقودين سواء رئاسة الحرس أو الأمن العام، أصبحنا كنواطير لمرفأ بيروت".
وأضاف: "بعد صرختنا على وسائل الإعلام أرسلت فرنسا وروسيا فرق إغاثة ما أعطانا نافذة أمل بإمكانية العثور على أبنائنا حتى وإن كانوا (جثثاً) فنحن نريد على الأقل تكريمهم بدفنهم وقراءة الفاتحة لهم".
أما العريف حمزة إسكندر الذي يخدم في "عنبر 12" اتصل بعائلته ليطمئن عليهم قبل أن تقع الكارثة ويفقد كل أثر له، وقدم أقرباؤه إلى المرفأ لعلهم يعرفون أي خبر يطمئنهم عليه.
وقال ابن خالته حسن حسام الدين الذي كان يسير في محيط الانفجار لـ"العين الإخبارية": "حمزة من الهرمل في البقاع، يبلغ من العمر 24 عاماً، وانضم إلى صفوف الجيش اللبناني منذ سنوات، ويعمل في المرفأ".
وأضاف: "لا كلمات يمكنها التعبير عن حال والديه اللذان ينتظران بفارغ الصبر كشف مصيره، فبعد أن كانا يحلمان برؤيته عريساً بات حلمهما اليوم العثور عليه".