مرفأ بيروت.. عمال يروون حكايات الألم وشركات تتطلع لرحلة الإعمار
لم تمض دقائق على وقوع الانفجار في مرفأ بيروت حتى فرضت القوى الأمنية وعلى رأسها الجيش اللبناني طوقا أمنيا محكما.. اقرأ التفاصيل عبر "العين الإخبارية".
لم تمض دقائق على وقوع الانفجار في مرفأ بيروت حتى فرضت القوى الأمنية وعلى رأسها الجيش اللبناني طوقا أمنيا محكما، ومنع الدخول لأي كان باستثناء إطفاء بيروت والدفاع المدني.
هنا في محيط المرفأ بوسط بيروت، وتحديدا من على جسر شارل حلو، يبدو حجم الدمار كارثيا. هي أعلى نقطة تطل على "عنابر" ومباني المرفأ، التي تحولت إلى محطة يقصدها المواطنون لمشاهدة الكارثة عن قرب فيما لا تزال فرق الإسعاف ولليوم الثالث على التوالي تدخل إلى بعض مرافق المرفأ للبحث عن مفقودين ربما لا يزالون أحياء أو جرحى تحت أنقاض المباني والركام المتبعثر هنا وهناك.
عمال مرفأ بيروت
يتحدث شاهد عيان، من العاملين داخل المنطقة الحرة في مرفأ بيروت، حيث تنتشر شركات شحن خاصة لمستثمرين، عما شاهده لحظة الانفجار، مؤكدا لـ"العين الإخبارية" حصول انفجارات صغيرة متفرقة بعد الانفجار الكبير، ويتحدث عن تدمير وتضرر المباني كافة وإن بنسب متفاوتة لجهة إمكانية التأهيل، مع التأكيد أن نسبة الضرر كبيرة جدا، وقد لا ينفع تأهيل أي من المباني سواء الرسمية التابعة للجيش والجمارك اللبنانية أو تلك الخاصة، لا سيما أن الأساسات تعرضت لهزات كبيرة بفعل ضغط انفجار مرفأ بيروت.
الصور والمشاهد الحية تظهر جزءا من حجم الخسائر التي مُني بها الاقتصاد اللبناني، هنا نتحدث عن مبانٍ وآليات تابعة للدولة والشركات الخاصة والعاملين، بانتظار انكشاف النتائج النهائية أو التقريبية للخسائر على الاقتصاد اللبناني في المدى القريب والبعيد.
وهذا الواقع أظهر تفاوتا في الأرقام والتقديرات التي يتحدث عنها الخبراء في غياب عدم إصدار جهة اقتصادية تقريرا مفصلا حتى الآن وسط ترقب لعودة الهدوء النسبي إلى بيروت والمرفأ تحديدا، لمعاينة الأضرار ميدانيا والتأكد ما إذا كان المرفأ قادرا على استقبال شحنات وبضائع من خارج البلاد.
ويبدو أن الحكومة اللبنانية تنتظر عمليات الإجلاء والإنقاذ ورفع الركام حتى يتم وضع خطة تهدف إلى إعادة العمل بالإمكانات المتوفرة في أحواض المرفأ لو بنسبة متواضعة، أما عمليات البناء والترميم قد تستغرق وقتا طويلا، وسط حديث بدء العمل في مرفأ طرابلس في الفترة المقبلة التي يبدو أنها قد تطول بانتظار مساعدات ودعم دولي للبنان الذي يعيش أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه.
الشركات صوب طرابلس الصغير
وبدأت شركات شحن بحري كبيرة تحول سفن الحاويات إلى ميناء طرابلس الأصغر في لبنان الذي يستورد معظم احتياجاته، على سفن الحاويات لتوريد شتى السلع، من شحنات المواد الغذائية المجمدة إلى الملابس وغيرها من السلع الاستهلاكية.
وقالت شركة هاباج لويد الألمانية إنها تحوّل خدماتها إلى طرابلس، الذي يبعد عن العاصمة نحو 70 كيلومترا إلى الشمال، لإفراغ شحنة متجهة إلى بيروت.
وقال المتحدث باسم الشركة: "يعتمد لبنان على الواردات والصادرات لتلبية احتياجاته وسنحول خدماتنا إلى طرابلس، وهو ميناء أصغر".
وأوضح المتحدث أن مكتب الشركة في بيروت دُمر تماما والوصول إلى الميناء غير مسموح به حاليا لذا لا نستطيع تحديد كم من حاوياتنا أصابه الضرر أو دُمر".
وتُظهر بيانات الشحن أن القدرة الاستيعابية السنوية لميناء الحاويات في بيروت تبلغ في المتوسط ما يزيد قليلا على مليون وحدة مكافئة حجم عشرين قدما، مقارنة بنحو 400 ألف وحدة لميناء طرابلس يمكن زيادتها إلى 600 ألف وبحد أقصى إلى 750 ألفا بتثبيت مزيد من الرافعات.
وقالت شركة "إيه.بي مولر ميرسك الدنماركية" إنها تعمل مع سلطات ميناء طرابلس لتمكين سفنها من الرسو هناك.
وتعرَّض مكتب ميرسك في بيروت لأضرار وأصيب ثلاثة من موظفيه بجروح طفيفة. ويجري تقييم الضرر الذي ربما تعرضت له حاوياتها في الميناء.
وقالت إم.إس.سي السويسرية إنها تعكف على وضع مسارات شحن بديلة تشمل التوقف في تركيا واليونان.
من جهتها قالت جارد للتأمين على السفن "بحسب مندوبينا، سيظل ميناء بيروت مغلقا لمدة 14 يوما على الأقل يمكن تمديدها لحين ترميم منشآت الميناء".
وقال الاتحاد الدولي لعمال النقل، الذي يمثل البحارة، نقلا عن ممثليه في لبنان إن ما لا يقل عن 12 من عمال الشحن والتفريغ وسبعة بحارة لقوا حتفهم في الميناء.
وكان مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر قال في تصريح له إن "مساحة مرفأ بيروت أكثر من مليون متر مربع ونسبة الدمار 300 ألف متر فقط ما يعني إمكانية تشغيل الأقسام الباقية بعد التأهيل السريع إن حصل".
رحلة إعمار بيروت
لكن الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة يؤكد لـ"العين الاخبارية" أن الخسائر المباشرة تصل إلى 100 مليون دولار من بنى تحتية، أما الخسائر غير المباشرة تمتد إلى المليارات.
ويحذر عجاقة من ضرر الخسائر غير المباشرة حيث يتم تسجيل إغلاق الشركات التجارية وصرف موظفيها وهذا سيولد أزمات جديدة.
وفي مسألة الأمن الغذائي يؤكد الخبير الاقتصادي أنه مهدد رغم أن عمليات توزيع الشحنات ستتم عبر مرفأ طرابلس، لكن يبقى مرفأ بيروت أساسيا لأنه يختزل أكثر من 70% من حركة التجارة.
وفيما يتعلق بعودة عمل المرفأ كما كان، يتوقع عجاقة أن مسألة الإعمار ستمتد إلى عشر سنوات بسبب الخلافات السياسية في البلاد وتورط جهات بالصراعات الإقليمية، لافتا إلى أن عودة العمل ستتم بجزء صغير لاستخدامه في حركة التجارة بين لبنان ودول الخارج.
ويعد مرفأ بيروت الذي افتتح عام 1894 المرفأ الاساسي في لبنان ويتم عبره 70 بالمئة من عمليات التبادل التجاري مع مئات المرافئ العالمية ويضم العديد من المستودعات وصوامع تخزين القمح ويعتبر ركيزة أساسية في الاقتصاد اللبناني.