"بلعيد" ليس ببعيد.. شبح الاغتيالات يحوم مجددا في تونس
على وقع التهديدات بالتصفية والاغتيال يعيش أكثر من سياسي بارز في تونس لا تجمع بينهم سوى نقطة واحدة هي الخصومة الفكرية مع الإخوان
أن تعارض حكم الإخوان فأنت على قائمة الاغتيالات السياسية بشكل بديهي.. كتبها القيادي اليساري التونسي شكري بلعيد وتأكدت صحتها بعد 3 أشهر فقط حين تعرض للاغتيال في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.
ولا يبدو أن هذه الجملة "الإقرارية" التي أفصح بها بلعيد قبل 8 سنوات قد فقدت آنيتها في تونس، في ظل ارتفاع منسوب العنف السياسي.
فعلى وقع التهديدات بالتصفية والاغتيال، يعيش أكثر من سياسي بارز في تونس حالياً، لا يجمع بينهم سوى نقطة واحدة هي الخصومة الفكرية والسياسية مع حركة النهضة الإخوانية.
أما قائمة المهددين بالاغتيال فتضم أسماء مثل عبير موسى رئيسة الدستوري الحر، وزهير المغزاوي (حركة الشعب القومية) وسامية عبو (التيار الديمقراطي) ومبروك كورشيد (حزب تحيا تونس)، حيث تم إعلامهم رسميًا من قبل وزارة الداخلية التونسية بوجود مخططات إرهابية تستهدفهم.
مصادر أمنية تونسية أكدت لـ"العين الإخبارية"، الثلاثاء، أنه تقرر وضع حراسة خاصة ومكثفة للشخصيات السياسية المهددة بالاغتيال من أجل حمايتهم من أي استهداف محتمل.
وقالت المصادر إن هذه التهديدات تأتي من جماعات متطرفة وخلايا إرهابية تنشط في تونس منذ سنوات، موضحة أن الأمن يكثف جهوده لتفكيكها، خاصة في الجبال الغربية وعلى رأسها جبل الشعانبي بمحافظة القصرين.
وقبل يومين، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية محمد زكري إحباط مخطط كان يهدف لتنفيذ عملية إرهابية ضد عسكريين وأمنيين؛ حيث تم العثور على مواد مخصصة لصناعة الألغام والعبوات الناسفة.
الحاضنة السياسية للإرهاب
ويعتبر مراقبون تونسيون أن للإرهاب المنتشر في البلاد منذ سنة 2011 دعائم سياسية تعطيه الغطاء اللازم للإفلات من العقاب وللتغطية على جرائمه.
وأكدت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى أنه لا يمكن القضاء على كل التهديدات الإرهابية التي تطال عديد السياسيين دون ملاحقة الحاضنة الفكرية له ومعاقبتها قضائيًا.
وقالت موسى لـ"العين الإخبارية" في تصريحات سابقة إن حركة النهضة تبحث عن تصفيتها لأنها "صوت عالي" ضد التطرف والاستراتيجيات الإخوانية الهادفة لبيع تونس ورهن اقتصاد البلاد لقطر وتركيا.
وبرزت التحذيرات الأمنية من مخطط اغتيال زعيمة الدستوري الحر مع معارضتها في البرلمان لمشروع اتفاقية اقتصادية بين تونس من جهة وكل من قطر وتركيا.
حينها، وصفت موسى الاتفاقية المزمعة بأنها "جريمة في حق التونسيين يقودها راشد الغنوشي"، معتبرة أن مضامينها خطيرة وتهدف إلى ضرب للقوة الإنتاجية بالبلاد.
معارضة تركيا تساوي الاغتيال؟
ولا تزال الأسباب السياسية التي عجلت باستهداف القياديين اليساري شكري بلعيد والقومي محمد البراهمي في 2013 موجودة في خطاب الإخوان وتصريحات الأجنحة المتطرفة للتنظيم بتونس على غرار كتلة ائتلاف الكرامة.
وأصبحت قاعدة التهديدات تطال كل نفس سياسي مناهض للدور المشبوه الذي يلعبه راشد الغنوشي على رأس البرلمان، إذ يجد المعارضون حزمة اتهامات بالتخابر مع جهات أجنبية ضد مصلحة تونس.
ويربط عدد من المتابعين وجود تقاطعات بين الشخصيات المهددة بالقتل ومواقفها المعارضة للتغلغل القطري والتركي في تونس، مما جعل كل معارض للدوحة وأنقرة أمام خطر الموت.
ولعل هذا ما فع سالم الأبيض النائب عن حركة الشعب للتساؤل في مداخلة برلمانية، الثلاثاء، عن الخيط الخفي والرفيع الذي يربط بين التهديدات الإرهابية ومعارضة حركة النهضة.
الأبيض أكد أن كل عملية إرهابية تسبقها حملة تشويه على شبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك وحملة تحريض تصل حد التكفير .
واتهم الأبيض ما أسماه بـ"الذباب الإلكتروني" الذي يمثل الجيش الإلكتروني لحركة النهضة باستهداف النواب والشخصيات السياسية الموضوعة على قائمة الاغتيال.
كان مبروك كورشيد النائب عن حزب "تحيا تونس" قد انضم مؤخراً لقائمة التهديدات بالقتل رداً على معارضته لأي استغلال للأراضي التونسي من قبل السلطات التركية في عدوانها على ليبيا.