«بيل دي-35».. طائرة لم تُحلّق لكنها غيّرت مستقبل المقاتلات

رغم توقفه مبكرًا وإلغائه رسميًا عام 1946، ما زال مشروع بيل دي-35 يحجز لنفسه مكانًا في ذاكرة الطيران الحربي بوصفه حلقة انتقالية بين مقاتلات الحرب العالمية الثانية التقليدية وجيل الطائرات الاعتراضية الحديثة الأسرع من الصوت.
في خضم الأجواء المشحونة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، ومع بدايات الحرب الباردة، انطلقت موجة من التصاميم الجوية الطموحة التي حاولت استشراف مستقبل القتال الجوي.
من بين تلك الأفكار برزت طائرة بيل دي-35، التي طورتها شركة بيل للطائرات عام 1945.
ووفقا لمجلة "ناشيونال إنترست"، جاءت الفكرة استجابة لمخاوف متزايدة من ظهور تهديد جديد: القاذفات السوفياتية بعيدة المدى القادرة على حمل قنابل نووية.
حينها، أطلقت القوات الجوية الأمريكية مناقصة لتطوير طائرة اعتراضية عالية السرعة تستطيع الصعود بسرعة إلى ارتفاعات شاهقة لاعتراض أي اختراق جوي.
بيل – التي كانت آنذاك قد رسخت لموطئ قدمها في عالم الطيران الحربي بمشاريع تجريبية مثل الطائرة الصاروخية بيل إكس-1 - قدمت تصورها الخاص عبر "دي-35"، في منافسة مع خمس شركات أخرى.
مواصفات تتحدى المستحيل
اشترطت المواصفات المطلوبة أداءً غير مسبوق: سرعة تقارب 700 ميل في الساعة، والقدرة على الوصول إلى 50 ألف قدم خلال 4 دقائق فقط، مع إمكانية بلوغ سرعات فوق صوتية لفترات وجيزة. وهو ما دفع بيل إلى تبني جناح مثلث (دلتا) مدعوم بمعززات صاروخية قوية، تمنح الطائرة تسارعًا فوريًا عند الإقلاع والاشتباك.
كانت التصاميم الهندسية تعكس مزيجا من الطموح والجرأة من معدات هبوط قابلة للطي مزودة بانزلاقات طرفية للهبوط في الحقول، وهيكل مدمج يوازن بين الخفة والقوة، وتسليح يتألف من أربعة رشاشات براونينغ عيار 0.50.
لكن أكثر ما ميّز الطائرة هو فلسفة تصميمها لتجعل منها وسيلة اعتراض سريعة وفعالة، قادرة على الإقلاع العاجل والانقضاض على الهدف قبل وصوله.
لماذا لم يُكتب لها التحليق؟
رغم الوعود الكبيرة، لم يخرج المشروع من طور الرسومات الهندسية.. ومع تسارع التطورات في تكنولوجيا المحركات النفاثة، تحولت أولويات القوات الجوية الأمريكية إلى مشاريع أخرى بدت أكثر واقعية وأقل مخاطرة. فحصلت تصاميم مثل كونفير XP-92 وريبابلك XP-91 على التمويل، فيما تم التخلي عن "دي-35" عام 1946.
كانت الأسباب وراء عدم الاستمرار في المشروع هو المخاطر التقنية العالية، وتراجع التمويل بعد الحرب العالمية الثانية، وميل متزايد لاعتماد المحركات النفاثة بدل الاعتماد على الدفع الصاروخي.
إرث لم يختفِ
ورغم أنها لم تُبْنَ قط، فقد تركت "دي-35" بصمة في تاريخ الطيران العسكري. فقد ساهمت أفكارها – خصوصًا الأجنحة المثلثة واستخدام الدفع الصاروخي للتسارع – في إلهام مشاريع لاحقة، أبرزها بيل إكس-1، أول طائرة تكسر حاجز الصوت.
وبالنسبة للمؤرخين وعشاق الطيران، تبقى "دي-35" شاهدًا على مرحلة انتقالية حاسمة: مرحلة تخلّت فيها القوى الجوية عن مقاتلات المراوح، واندفعت بخطوات متسارعة نحو عصر النفاثات والصواريخ.
مواصفات (نظرية) بيل دي-35
الطول: 28.1 قدم
باع الجناح: 29.2 قدم
الوزن: 17,196 رطل فارغة
المحركات: محركان صاروخيان
السرعة القصوى: 700 ميل/ساعة
سقف الخدمة: 50,000 قدم تقريبًا
التسليح: أربعة رشاشات براونينغ ثقيلة عيار 0.50 بوصة
عدد الطاقم: طيار واحد
عدد النماذج المبنية: صفر