معركة داخلية وخارجية.. دلالات إعادة بن غفير إلى حكومة نتنياهو

صادقت الحكومة الإسرائيلية على عودة إيتمار بن غفير وزيرًا للأمن القومي، لكنه صُدِم برفض إدارة ترامب طلبًا له.
وتشكل عودة بن غفير لحظة مفصلية في المشهد السياسي الإسرائيلي، تعكس هشاشة الائتلاف الحاكم واعتماد نتنياهو المتزايد على اليمين لضمان بقائه السياسي.
- بن غفير والمحكمة.. نتنياهو يضرب عصفورين بحجر حرب غزة
- قصف غزة..نتنياهو بين «إنقاذ» حكومته و«استعداء» عائلات الرهائن
فمع استئناف الحرب على غزة، تتشابك الحسابات الداخلية مع الضغوط الخارجية، خصوصًا بعد اعتراض إدارة ترامب على منح بن غفير دورًا في إدارة ملف تهجير الفلسطينيين.
وبينما يحاول نتنياهو المناورة بين متطلبات التحالف الحكومي والضغوط الدولية، تزداد التساؤلات حول تداعيات هذه الخطوة على استقرار حكومته ومسار الحرب الدائرة.
قرار حكومي
وبعد ساعات من استئناف إسرائيل الحرب على غزة، وافقت الحكومة الإسرائيلية على إعادة وزراء حزب «القوة اليهودية» اليميني المتطرف إلى الحكومة.
وسيتسلم الوزراء، حال تصويت الكنيست الإسرائيلي، الأربعاء، الحقائب الوزارية نفسها التي استقالوا منها عشية تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
وبموجب ذلك، سيعود بن غفير وزيرًا للأمن القومي، وعميحاي إلياهو وزيرًا للتراث، وإسحاق واسرلوف وزيرًا لشؤون الجليل والنقب.
وجاء تصويت الحكومة بالموافقة على عودة وزراء «القوة اليهودية» رغم معارضة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف ميارا.
وفي وقت سابق، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن نتنياهو تحدث مع بن غفير حول الصعوبة القانونية في تعيينه في منصبه السابق، بعد أن أبدت بهاراف ميارا رأيها في المسألة.
وأضافت: «في المحادثة، وعد نتنياهو بن غفير بتجاهل موقف المدعي العام والتعامل مع العواقب القانونية لاحقًا».
وترى بهاراف ميارا أن الصعوبة القانونية تكمن في وجود سلسلة من الادعاءات ضد بن غفير في التماس تنظر فيه المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن تعيينه، من بينها قيامه بأفعال مخالفة للقانون، وانتهاكه استقلال الشرطة، وتعيينه ضباطًا في الشرطة وفق اعتبارات الولاء.
لكن وزراء، من بينهم وزير الخارجية جدعون ساعر، هاجموا بهاراف ميارا خلال اجتماع الحكومة، متهمين إياها بمحاولة إلحاق الضرر بالحكومة.
وكان الالتماس قد قُدِّم إلى المحكمة قبل استقالة بن غفير قبل نحو شهرين، وفي حينه طلبت الحكومة إلغاءه لأنه أصبح بلا جدوى بعد استقالته، لكن المحكمة لم تلغه، ما يعني عودته إلى الواجهة مجددًا الآن.
عودة بن غفير وحرب غزة
تم الربط بين عودة بن غفير وحزبه إلى الحكومة وبين استئناف الحرب على غزة، وهو شرط وضعه بن غفير للعودة إلى الحكومة.
لكن الأهم بالنسبة لنتنياهو أن حزب «القوة اليهودية» يشغل 6 مقاعد في الكنيست، ما يضمن له تمرير قانون الميزانية العامة قبل نهاية الشهر الجاري.
وفي حال فشلت الحكومة في تمرير الميزانية، فسيعني ذلك سقوطها والتوجه إلى انتخابات مبكرة.
وفي ظل رفض عدد من أعضاء الكنيست من الحزبين الدينيين «شاس» و«يهدوت هتوراه» التصويت لصالح الميزانية ما لم يُمرَّر قانون يسمح بإعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، أصبح نتنياهو في أشد الحاجة إلى دعم بن غفير للحفاظ على حكومته.
وتبرز تساؤلات حول موقف بن غفير في حال نجح الوسطاء في مصر وقطر وأمريكا في التوصل إلى حل وسط يمدد وقف إطلاق النار في غزة، إذ من المستبعد أن يستقيل من الحكومة مجددًا.
فيتو أمريكي
وعلى ما يبدو، وجد بن غفير ضالته في استحداث منصب جديد يقود من خلاله خطوات تنفيذ مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير السكان من قطاع غزة.
لكن القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية كشفت أن «واشنطن استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد طلب بن غفير ترؤس اللجنة الوزارية التي ستناقش قضية الهجرة الفلسطينية من غزة».
وأضافت القناة: «أدرك بن غفير، الذي كان يبحث عن إنجاز عند عودته إلى الحكومة، أنه لن يحصل على حقائب أو ميزانيات إضافية، فطلب إدراج إدارة تشجيع الهجرة ضمن مسؤولياته، لكن طلبه رُفض بسبب ارتباط الأمر بوزارة الدفاع».
وتابعت: «نتيجة لذلك، طالب بن غفير برئاسة اللجنة الوزارية الخاصة بقضية الهجرة الفلسطينية من غزة، لكن قوبل طلبه بمعارضة أمريكية، بحجة أن الأمر يجب أن يبقى سياسة للرئيس تقوم على الواقع على الأرض، وليس كمبادرة سياسية».
كما أن «تعيين وزير من اليمين المتطرف في إسرائيل لم يكن مقبولًا لدى الإدارة في واشنطن».
ردود فعل
وأثار قرار عودة بن غفير ردود فعل واسعة في إسرائيل.
وكتب المعلق في صحيفة «يديعوت أحرونوت» آفي إيسسخاروف: «أعترف بأنني ما زلت مصدومًا عندما أدركت أن إيتمار بن غفير هو من يدير استراتيجية وتكتيكات بيبي (نتنياهو)، ومن خلاله استراتيجية وتكتيكات دولة إسرائيل».
وأضاف: «العودة إلى القتال في غزة، وفي الوقت نفسه محاولة عزل رئيس الشاباك خلال الحرب، فقط ليعود بن غفير إلى إدارة حياتنا. يا لها من نكتة».
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، فكتب على منصة «إكس»: «يعمل نتنياهو على إعادة بن غفير إلى منصبه عبر إقالة رونين بار (رئيس الشاباك) وتحويل الانتباه عن المظاهرات. التضحية بالرهائن والخطوات الأخرى ذات الصلة».
وأضاف: «إن نتنياهو يشكل خطرًا حقيقيًا ومباشرًا على أمن الدولة ومكانتها العالمية وقيمها ومستقبلها. العصيان المدني السلمي فقط، إلى جانب الدعوات لعزله واستقالته، هو ما قد يوفر الحل».
من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعالون، لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «إنهم يكذبون على الجمهور، من عرقل المرحلة الثانية من الاتفاق (وقف إطلاق النار في غزة) هو نتنياهو، للحفاظ على بن غفير وسموتريتش في الحكومة».
أما المعلق في صحيفة «هآرتس» غوش برينر، فكتب على منصة «إكس»: «من أهم أسباب معارضة المستشارة القانونية للحكومة لتعيين بن غفير وزيرًا للأمن القومي، هو تدخله المتكرر في قرارات ونشاطات الشرطة عندما شغل المنصب سابقًا».
وأضاف: «هذه محاولة يائسة من بهاراف ميارا لإنقاذ الشرطة من مجرم أثبت بالفعل أنه قادر على تحويلها إلى شرطة سياسية، أما نتنياهو، فلا يهتم».
وكان بن غفير قد دفع باتجاه إقالة رئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا، والعودة إلى الحرب في غزة.