تعرضت مدينة ماتيري في دولة بنين من 20 إلى 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022 لهجوم إرهابي جديد.
في هذه الليلة، صدّ جيش بنين محاولة هجوم جديدة في ماتيري قرب الحدود مع بوركينا فاسو.
وكان الإرهابيون يعتزمون مهاجمة مواقع الجيش البنيني قرابة الساعة الثانية فجرا في غواندي ببلدية ماتيري، لكن تم صدهم ولم تُسجل إصابات أو وفيات.
وقع الهجوم السابق في ليلة 11 إلى 12 أكتوبر/تشرين الأول 2022، عندما كان الإرهابيون يعتزمون زرع عبوة ناسفة. حينها أفاد الجيش البنيني بقتل 8 إرهابيين في "نواري" ببلدية ماتيري، على الحدود مع بوركينا فاسو، وقريبا جدا من منطقة الهجوم السابق.
في 22 أغسطس/آب الماضي، صدّ جيش توجو هجوما إرهابيا شنه فرع تنظيم "القاعدة" في الساحل، ما أسفر عن إصابة العديد من الجنود في بلامونجا، قرب الحدود مع بوركينا فاسو.. وتصدّت دورية لجيش توجو، في إطار عملية "كوندجوار"، للهجوم بعد تعرّض الجنود لكمين عند تقاطع تشيموري بلامونجا.
مع هذه الهجمات الأخيرة، يتضح بشكل جليّ اهتمام ونية تنظيم "القاعدة" احتلال مناطق في شمال بنين وتوجو.
وفي يونيو/حزيران الماضي، استهدف الإرهابيون مركز الشرطة في داساري-بنين، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص.
وأصبحت مناطق شمال بنين هدفا للإرهابيين، خاصة مقاطعتي أتاكورا وأليبوري، اللتين تتعرضان لتهديد مستمر من الجماعات الإرهابية.
وفي شمال بنين توجد غابة بيندجاري، التي تعد امتدادا طبيعيا لغابة آرلي في بوركينا فاسو، وتُعد غابة دبليو في بنين امتدادا أيضًا للغابة التي تحمل الاسم نفسه، وتتوغل في أراضي دولتي النيجر وبوركينا فاسو.. وتوفر هاتان الغابتان ملاذا آمنا للإرهابيين، إذ يشنون هجماتهم انطلاقا منهما.. واقتصرت تلك الهجمات حتى الآن على بوركينا فاسو والنيجر، ولكن امتدت أحيانا إلى بنين وتوجو.
وحتى الآن، كان الوجود الإرهابي الوحيد في المنطقة يقتصر على جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، التابعة لتنظيم "القاعدة في منطقة الساحل"، لكن فرع "داعش في الصحراء الكبرى" تبنّى أول هجوم له في 1 يوليو/تموز الماضي في فكوارة-عليبوري، معلنا بذلك حضوره في المنطقة.
وتتوافر بهذه المنطقة كل المقومات التي عادة ما تثير اهتمام الإرهابيين، كمناجم الذهب أو الحجر.. ومرور خطوط أنابيب النفط أو الغاز القريبة.. علاوة على أنها منطقة مرور قوافل المواشي إلى أراضي وسط الساحل.. فضلا عن توفير المأوى للتخفي عن الطائرات دون طيار والطائرات المقاتلة والأقمار الصناعية.
الاعتبارات الأكثر أهمية للإرهابيين هي وجود مشترين للذهب في بنين وتوجو، يتاجرون في مواقع تعدين الذهب التي يسيطر عليها الإرهابيون في منطقة الساحل.. وبالمثل، هناك أدلة على أن الإرهابيين قد تواصلوا مع زعماء القرى في شمال البلاد، حيث ينتشر الرعاة الرُّحَّل من قومية "الفولان".
ويُظهر هجوم فبراير/شباط الماضي، الذي تعرضت فيه دورية من جيش بنين لكمين في غابة "دبليو"، اهتمام الإرهابيين بالحفاظ على هذا المكان كملاذ يسمح لهم بالعبور إلى كل من بوركينا فاسو والنيجر بقطع كيلومترات قليلة.
لهذا السبب، سيكون العمل المشترك للدول الثلاث في هذه الغابات الحدودية مهما للغاية.
وقد حذر محللون في كل من توجو وبنين من أن مناطق شمال البلدين كانت في السابق تمثل منطقة عبور للإرهابيين، لكنها اليوم تحتضن خلايا إرهابية صغيرة دائمة، بل إن هناك مناطق تجنيد قرب الحدود مع بوركينا فاسو والنيجر.. وزادت النزاعات بين المزارعين والرعاة بشكل مثير للقلق، ما جعل المنطقة تعيش شبح تكرار سيناريو ما حدث سابقا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة