سيشهد 8 نوفمبر الجاري انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، إذ يُعاد انتخاب 435 عضوا بمجلس النواب، و35 بـ"الشيوخ"، ليُحسم صراع الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، على حصد الأغلبية.
وسيكون لنتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس تداعيات كثيرة على الشأن الداخلي الأمريكي، وعلى الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024، في ظل احتمالية ترشح الرئيس السابق "دونالد ترامب" للرئاسة، لأنها ستحدد الحزب المسيطر على الكونجرس، والمجالس التشريعية في الولايات، بالإضافة إلى مكاتب حكام الولايات، كما ستكون لها تأثيرات في السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الفترة المتبقية من إدارة بايدن، خصوصا أن احتمالية خسارة الحزب الحاكم كبيرة جدا، وعبر التاريخ لم تشهد انتخابات التجديد النصفي فوز الحزب الحاكم إلا مرتين.
سيستغل الجمهوريون عدة مقومات للفوز بالأغلبية عبر التركيز على إخفاقات إدارة بايدن، وعلى رأسها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة الطاقة وتأثيراتها في الاقتصاد الأمريكي، حيث استمرت معدلات التضخم في الارتفاع إلى أرقام غير مسبوقة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المعيشة، وقد ظهرت نتائج ذلك في استطلاعات الرأي، حيث انخفضت نسبة تأييد الرئيس بايدن إلى 38% في يوليو الماضي، بحسب شبكة CNN، كما لا يمكن تجاهل واقعة مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي لمنزل الرئيس السابق "ترامب"، والتي شكّلت دافعا كبيرا للجمهوريين للالتفاف حوله في مواجهة الديمقراطيين، باعتبارها خطوة "مسيّسة ولم تتم بشكل مستقل".
سيحاول الحزب الديمقراطي "الحاكم" التركيز على الانتصارات التي حققتها إدارة بايدن، خصوصا التشريعات بشأن تغير المناخ والرعاية الصحية والضرائب، وقانون أشباه الموصلات، الهادف إلى تقليل الاعتماد على التصنيع الأجنبي في مواجهة الصين، وهي حزم اقتصادية ضخمة بلغت نحو 980 مليار دولار، ما يضع الديمقراطيين في وضعية أفضل، لمواجهة الحملة الانتخابية الشرسة للجمهوريين.
هناك تخوف ديمقراطي من استعادة الجمهوريين الأغلبية بمجلسَي النواب والشيوخ بفارق مُريح، حيث تشير استطلاعات الرأي، قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات، إلى عودة "الموجة الحمراء"، وهو لون الحزب الجمهوري، وبحسب شبكة ABC NEWS في تحليلاتها حول الانتخابات فإن الحزب الحاكم "يواجه أزمة داخلية كبيرة".
هناك تفاؤل كبير يسود الجمهوريين بالفوز في الولايات الزرقاء، ومنها ولايتا أريزونا وجورجيا، كما أشار استطلاع لجامعة مونماوث الأمريكية إلى أن ثلثي المستطلعة آراؤهم يرغبون في أن تُولي إدارة بايدن اهتماما أكبر بقضايا الأسرة، من بينهم 36% من الديمقراطيين.
وأشار استطلاع لمعهد "سيينا" بالتعاون مع صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أن 26% من المستطلعة آراؤهم اعتبروا الملف الاقتصادي هو الأكثر أولوية، بينما 18% منهم اختاروا ملف التضخم، في دلالة على أولويات الناخب الأمريكي، ونقاط ضعف الحزب الديمقراطي، وما يؤكد ذلك هو مؤشر ثقة الشعب الأمريكي بالجمهوريين حول مواجهة الأزمة الاقتصادية، والتي بلغت 36%، في تفوق واضح على ثقتهم بالحزب الديمقراطي، بحسب صحيفة "بوليتيكو".
من الصعب التكهن بنتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، وبلغة الأرقام فإن استطلاعات الرأي تشير إلى صعوبة تمكُّن الديمقراطيين من الحفاظ على الأغلبية الطفيفة في الكونجرس، والتي تتزامن مع انخفاض شعبية الرئيس بايدن.
وهناك احتمال بأن يحتفظ الديمقراطيون بأغلبية في "الشيوخ"، بينما يسيطر الجمهوريون على "النواب"، ما قد يصل بالولايات المتحدة إلى انسداد سياسي، حين يعيّن الديمقراطيون القضاء والمسؤولين، ويعرقل الجمهوريون تمويل الحكومة، ليصبح العامان الباقيان لإدارة بايدن مليئَيْن بجلسات استماع قد تصيب مؤسسات الحكم الأمريكية بالخلل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة