بنزيما ينتصر.. قصة "حرب الـ6 سنوات" في منتخب فرنسا
يأتي اسم كريم بنزيما مهاجم ريال مدريد الإسباني في صدارة النجوم البارزين بقائمة منتخب فرنسا، بطل كأس العالم 2018، قبل بطولة يورو 2020.
ويستعد منتخب فرنسا، وصيف النسخة الماضية من كأس الأمم الأوروبية، للمشاركة في نهائيات يورو 2020، حيث يلعب في المجموعة السادسة التي تضم إلى جواره كلا من البرتغال وألمانيا والمجر.
واتخذ ديدييه ديشامب، مدرب "الديوك"، قرارا مفاجئا بإعادة بنزيما إلى قائمة فرنسا بعد نحو 6 سنوات من الغياب، بسبب تورط الأخير في قضية ابتزاز زميله ماتيو فالبوينا بشريط فاضح.
استبعاد بنزيما، وإصرار ديشامب على إقصائه رغم تبرئته، تسببا في حرب إعلامية شرسة بين الطرفين، تورط بها أيضا أشخاص آخرون.
وفي السطور التالية، تستعرض "العين الرياضية" تسلسلا زمنيا لـ"حرب الـ6 سنوات" بين ديشامب وبنزيما، التي انتهت بانتصار الأخير وعودته لمنتخب بلاده.
استبعاد احترازي
قبيل نهاية عام 2015 تقرر استبعاد بنزيما من المشاركة مع منتخب فرنسا لأجل غير مسمى، في ظل مزاعم تورطه بقضية ابتزاز فالبوينا بشريط فاضح، حيث أثبتت التحقيقات أنه كان على علاقة بالأشخاص الذين قاموا بعملية الابتزاز، وأنه حاول إقناع زميله بدفع المبلغ المطلوب.
وأثناء التحقيق في القضية قال مانويل فالس، رئيس الوزراء الفرنسي وقتها: "يجب أن يكون الرياضي العظيم مثاليا، إذا لم يكن كذلك فلن يكون له مكان في منتخب فرنسا، هناك الكثير من الأطفال والشباب في ضواحينا يرون في الرياضيين قدوة لهم".
وأكد نويل لوجريه، رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، أنه صاحب قرار استبعاد كريم بنزيما، وأن نجم ريال مدريد لا يمكنه اللعب مع فرنسا حتى يتم حسم الموقف، وأضاف: "طالما أن النظام القضائي لم يقرر أن كل ما نشر بشأن بنزيما يعد من قبيل المبالغات، فإن الاتحاد لن يغير رأيه".
وعلى الرغم من أن القضاء الفرنسي قرر استبعاد اسم بنزيما من قضية التورط في ابتزاز فالبوينا عام 2017، فإن قرار استبعاده من المنتخب ظل ساريا، ومن هنا بدأت خلافاته مع ديشامب والاتحاد الفرنسي تزداد اشتعالا.
ويجد التوضيح بأن قرار المحكمة لم يكن يعني أن بنزيما كان بريئا من التورط في ابتزاز فالبوينا، لكنه جاء على أساس الطعن في شرعية تسجيل مكالماته الهاتفية من قبل الشرطة، وبهذا لم ينف هذا القرار ضلوعه بشكل أو بآخر في عملية الابتزاز.
شد وجذب
"أنا سعيد من أجل بنزيما، لطالما تمنيت أن يكون هذا الشاب بخير، وإن توقفنا عن الحديث عنه من أجل هذه القضية سيكون أفضل"، هكذا علق لوجريه على قرار المحكمة بخصوص بنزيما، رافضا التطرق لأمر عودته للمنتخب، مشيرا إلى أن المدرب ديشامب هو صاحب القرار في هذا الشأن.
وبسبب قرار الاستبعاد، غاب بنزيما عن منتخب فرنسا في بطولة يورو 2016 التي أقيمت بالأراضي الفرنسية، وفي كأس العالم 2018 في روسيا.
ولم يقف بنزيما ساكنا تجاه قرار استبعاده، خاصة بعد الحكم القضائي لصالحه، وخرج في أكثر من مناسبة للحديث عن هذا الأمر، حيث اتهم ديشامب بمعاملته بعنصرية بسبب أصوله الجزائرية، كما وجه انتقادات لاذعة إلى لوجريه.
قضية بنزيما أحدثت جدلا هائلا في فرنسا استمر لفترة طويلة، وانقسم الشارع الرياضي الفرنسي بين مؤيد لقرار ديشامب لأسباب رياضية وأخلاقية، ومعارض يرى أن مدرب "الديوك" يتعامل مع نجم ريال مدريد بعنصرية.
وكان إيريك كانتونا، أسطورة منتخب فرنسا، من أبرز منتقدي قرار استبعاد بنزيما، حيث قال إن ديشامب يرفض ضم نجم الريال، وحاتم بن عرفة صاحب الأصول التونسية، لدوافع عنصرية.
وقرر ديشامب خوض معركة قضائية ضد كانتونا بسبب ما قاله عنه، كما أكد في تصريحات سابقة أنه لن يسامح بنزيما بسبب الاتهامات القوية التي وجهها له، وتداعياتها السلبية عليه وعلى أسرته.
يذكر أن قضية استبعاد بنزيما أصبحت مادة دسمة للخلافات السياسية والحزبية في فرنسا، فمثلا، وجّه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي انتقادات قوية إلى مانويل فالس بسبب ما قاله عن المهاجم صاحب الأصول الجزائرية، متهما إياه بـ"ادعاء المثالية"، في ظل تغاضيه عن اتهام أحد وزراء حكومته بالتهرب الضريبي.
حرب على الجميع
بعيدا عن الأمور الرياضية، وأحقية بنزيما باللعب للمنتخب من عدمها، فإن القضية بمرور الوقت أخذت منحى شخصيا وخرجت من مسارها الرياضي الطبيعي.
وبعدما طالت مدة استبعاده، وغيابه عن الفريق الفائز بكأس العالم 2018، قرر بنزيما شن الحرب على الجميع، وليس ديشامب ولوجريه فقط، حيث انتقد نجم ريال مدريد عددا من المسؤولين في فرنسا، كما أطلق تصريحات نارية تجاه فالبوينا، متهما إياه بالكذب واختلاق الأكاذيب من أجل الظهور كضحية.
كذلك سخر بنزيما من مواطنه أوليفييه جيرو الذي حل محله في هجوم المنتخب وقلل من شأنه بقوله: "أنا سيارة سباقات فورمولا 1 وجيرو سيارة كارتينج (سباق أقل شأنا)"، على الرغم من أن مهاجم تشيلسي لم يكن طرفا في القضية بأي شكل.
جيرو رد بقوة على سخرية بنزيما بقوله: "أنا سيارة كارتينج معها كأس العالم"، لكنه في الوقت ذاته امتدح مواطنه بقوله إن مسيرته كانت ستصبح أفضل إذا لعب بجواره لفترة أطول.
وبلغ التصعيد ذروته حين طالب بنزيما في 2019 باللعب لمنتخب الجزائر، ردا على تصريح لرئيس الاتحاد الفرنسي، لمح فيه لانتهاء مسيرة المهاجم المخضرم مع الديوك.
قد يبدو حديث بنزيما مجرد تهديد أو رد غاضب، لكن وسائل الإعلام الأوروبية أخذته على محمل الجد، ونشرت حينها الحالة التي تسمح له باللعب بقميص الجزائر بعد ما يزيد على 80 مباراة "الديوك"، وهي أن يفقد جنسيته الفرنسية.
عودة مفاجئة
في مايو/آيار الماضي قرر ديشامب إعادة بنزيما لمنتخب فرنسا، ولم يسبق هذا القرار كثير من الإرهاصات، حيث تحدثت عنه عدة تقارير قبل أيام قليلة من الإعلان الرسمي.
ديشامب أكد بعد استدعاء بنزيما مجددا أن هذا القرار ليس علاقة بالأمور الشخصية، ملمحا إلى أنه لا يزال غاضبا من هجوم نجم "الميرينجي" عليه واتهامه بالعنصرية، وأن قراره جاء لأسباب رياضية بحتة.
في المقابل فإن بنزيما رفض توجيه الشكر إلى ديشامب أو الحديث عن انتهاء الخلاف بينهما، وقال عن عودته: "أدائي مع ريال مدريد هو سبب عودتي، كرة القدم هي التي تحدثت، عليك أن تظهر دائما بشكل طيب مع ناديك وألا تستسلم حتى عندما تواجه العقبات".
وينفرد بنزيما بدور قائد هجوم ريال مدريد منذ رحيل كريستيانو رونالدو إلى يوفنتوس في 2018، مما منح النجم الفرنسي مساحة أكبر للظهور والوجود في بؤرة الضوء.
جدير بالذكر أن بنزيما شارك أساسيا في ودية فرنسا ضد ويلز (الأربعاء) وأكملها حتى النهاية، وتشير عدة تقارير صحفية إلى أنه سيكون ضمن التشكيل الأساسي للديوك في نهائيات يورو 2020.
aXA6IDMuMTQyLjEyNC4xMTkg جزيرة ام اند امز