3 أعوام على مؤتمر برلين.. آمال ليبية معلقة
مرت 3 أعوام على مؤتمر برلين، الذي أفرز مسارات عدة لحل الأزمة الليبية، إلا أن الوضع لا يزال يراوح مكانه.
ففي الـ19 يناير/كانون الثاني 2020، استضافت العاصمة الألمانية مؤتمرا دوليا حضره رؤساء وقادة الدول المعنية بالشأن الليبي، والأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى ليبيا، وممثلو الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
- تنفيذ توافقات القاهرة.. دعوة من رئيس برلمان ليبيا لـ"اجتماع جديد"
- الخارجية الألمانية تكشف لـ"العين الإخبارية" تفاصيل مؤتمر ليبيا القادم
وخرج المؤتمر بتوصيات تم اعتمادها بقرار من مجلس الأمن، لتكون مساراته السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والدستورية هي الحاكمة للعملية الانتقالية في ليبيا وصولا إلى الانتخابات.
ومع مرور 3 أعوام على عملية برلين تراوحت نتائج تلك المسارات عبر فترات مختلفة، إلا أن البلد الأفريقي عاد إلى الانقسام الحكومي وفشل في إجراء الانتخابات في موعدها المحدد 24 ديسمبر/كانون الثاني 2021.
ويرى خبراء ليبيون أن مسارات برلين تحتاج إلى مزيد من الضغط الدولي وصولا إلى الحل النهائي للأزمة، خاصة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وحل المليشيات ومنع التدخلات الخارجية السلبية.
محطة وجهود
الخبير السياسي الليبي عبدالحكيم معتوق يرى أن ليبيا مرت بمراحل كتيرة والعديد من المحطات، مضيفا أنه من غير الواضح أن عملية برلين كانت تهدف إلى إدارة الأزمة وتأجيلها، إذ لم تكن هناك متابعة جادة للمسارات الناتجة عنها للانشغال بملفات أخرى.
وأشار -في حديث لـ"العين الإخبارية"- إلى أن اللعبة أصبحت خارجية؛ لا ليبية ولا عربية، وأن الدول التي تتداخل في الملف تعمل في إطار التنسيقات والتفاهمات الدولية ولا تتخطاها، ولذلك فإن مسارات برلين سقطت عمليا.
ويدلل الخبير الليبي على رؤيته بأن نجاحات المسار العسكري خجولة، ولم تنجح البلاد في تنفيذ قرارات مجلس الأمن أو اتفاق وقف إطلاق النار القاضية بإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، بل تنتشر الآن القواعد الأجنبية ولم تحل أزمة المليشيات.
ويؤكد معتوق أن جهود بعض الدول نجحت فيما فشلت فيه عملية برلين، مثل نجاح القاهرة في إحداث تقاربات بين الأطراف المختلفة، بما في ذلك رئيسا مجلسي النواب والدولة، ورئيس أركان الجيش الوطني ونظيره عن المنطقة الغربية.
وأوضح معتوق أن التحركات الأمريكية الأخيرة بما في ذلك زيارة قائد الاستخبارات الأمريكية المركزية إلى ليبيا وزيارة قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا إلى سرت، تؤكد أن واشنطن تسعى للدخول بقوة في سبل حل الأزمة الليبية وليس مجرد المراقبة كما سبق، خشية من تمدد خصومها التقليديين وعلى رأسهم روسيا.
ونوه إلى أن واشنطن تعمل على توحيد الصف الليبي للذهاب للانتخابات وتشكيل حكومة ليبية موحدة، وحل المليشيات، ولذلك فإن مجلس النواب في حالة انعقاد دائم وسينجز قريبا القاعدة الدستورية.
واختتم حديثه بأن إقرار القاعدة الدستورية والذهاب إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية سيساهم في حل الأزمة، ومع تشكيل جسم منتخب شرعي ورأس معترف به ستبدأ بقية الخطوات لإنهاء الانقسام، وعلى رأسها ملف المصالحة الوطنية الشاملة والعادلة والتي تتطلب جدية حقيقية.
نجاح المسار العسكري
أما المحلل السياسي الليبي سالم سويري فيرى أن بلاده لم تصل بعد لنقطة إيجابية منذ عملية برلين، باستثناء وقف إطلاق النار.
ويرى سالم -في حديث لـ"العين الإخبارية"- أن المسار العسكري هو المسار الأنجح بين مسارات عملية برلين خاصة اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" على عدة نقاط مهمة تؤسس لعملية توحيد المؤسسة العسكرية.
واستدرك أن المسار العسكري تواجهه قضية شائكة، وهي إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، والخيارات إزاءها صعبة للغاية وتحتاج لمزيد من الدعم الدولي.
وتابع سالم أن المسار السياسي يواجه فشلا ذريعا، حيث عادت البلاد للانقسام السياسي خاصة مع فشل الحكومة منتهية الولاية في الإعداد للاستحقاق الانتخابي.
واختتم بأن ليبيا تحتاج بشكل عاجل لإنهاء أزمة القاعدة الدستورية والتوافق التام على موادها ووضع أجندة العملية الانتخابية لتشكيل سلطة موحدة منتخبة تشرف على الانتقال الحقيقي نحو الاستقرار سواء عبر توحيد المؤسسات أو إخراج المرتزقة أو حل المليشيات أو التصدي للتدخل الخارجي السلبي أو إطلاق مشروع المصالحة الوطنية الشاملة والعادلة.
الزخم الدولي
ويُرجع المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي تراجع الأوضاع في بلاده إلى فقدان الأزمة الليبية الكثير من الزخم بالمقارنة بما كان عليه خلال مؤتمر برلين، مع انشغال العالم بقضايا أخرى مثل الوضع في أوكرانيا.
ويقول الأوجلي -في حديث لـ"العين الإخبارية"- إن مسارات حل الأزمة الليبية متوقفة تماما منذ مدة ليست بالقصيرة، مؤكدا أن المسار السياسي اصطدم بتعنت حكومة عبدالحميد الدبيبة التي فشلت في إجراء الانتخابات بل كان رئيسها أحد الأطراف المعرقلة للانتخابات بترشحه فيها.
وتابع أن المسار الاقتصادي توقف عند فشل محاولات توحيد المصرف المركزي وفتح منظومة المقاصة، إلا أن المسار العسكري هو أكثر المسارات نجاحًا لكنه يفتقد للإرداة الداعمة لتحقيق التطور في ملف المرتزقة والقوات الأجنبية.
وأضاف أن المسار الدستوري هو المسار الذي يتسبب بالقطيعة المتكررة بين مجلسي النواب والدولة، ويجب دعمه للوصول إلى نقاط اتفاق وصولا إلى الانتخابات.
ومضى قائلا إنه يمكن استعادة الزخم لكافة المسارات حال توحدت الرؤية الدولية من جديد حول الملف الليبي وانتهت حالة الانقسام الدولي.
وأشار إلى أن عودة الملف الليبي على قائمة اهتمامات الإدارة الأمريكية قد تكون بداية للتوافق الدولي حول ليبيا، وهو ما ظهر في زيارة مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى مؤخرا إلى ليبيا.
aXA6IDMuMTQ0LjIuNSA= جزيرة ام اند امز