جدار برلين.. سور غيّر العالم بقيامه وسقوطه
بناء الجدار بدأ عام 1961، فاصلا المعسكر الاشتراكي ومقره ألمانيا الشرقية عن المعسكر الديمقراطي في ألمانيا الغربية وهُدم في 1989.
بقيامه وسقوط بنائه المتكامل وأطلاله، رسم جدار برلين الذي امتد على طول 168 كيلومترا، تاريخ العالم لما يقرب من ثلاثة عقود، فقسم العاصمة الألمانية بين دولتين وجعل من مجتمعها شعبين وزاد استقطاب التوجهات الفكرية.
بدأ بناء الجدار عام 1961، فاصلا المعسكر الاشتراكي ومقره ألمانيا الشرقية عن المعسكر الديمقراطي في ألمانيا الغربية، وكان ذلك بسبب هجرة مئات الآلاف من الشرق إلى الغرب سعيا لحياة أفضل، حيث تباينت الأوضاع الاقتصادية بين الطرفين بشكل بارز.
كان تدني مستوى المعيشة في ألمانيا الشرقية التابعة للاتحاد السوفيتي هو الدافع الأكبر لهجرة السكان إليها، كما كانت برلين الغربية وجهة ما يزيد على 50 ألف ألماني صباح كل يوم للعمل حيث الرواتب الأعلى والبيئة الأنسب للعمل.
وعلى الجانب الآخر وجد سكان ألمانيا الغربية في الشرق سوقا مناسبة لشرائح مجتمع برلين الغربية كافة، حيث البضائع ذات جودة معقولة وأسعار منخفضة.
الأسباب
مع تنبه الحكومة في ألمانيا الشرقية للنزيف البشري الذي تمر به، أعطى نيكيتا خروتشوف، رئيس الوزراء الاتحاد السوفيتي، آنذاك الأمر بوضع سلسلة من الأسلاك الشائكة والأسمنت على امتداد الحدود الفاصلة بين القسمين، وذلك في الـ13 أغسطس/آب 1961.
وخلال أسبوعين فقط أكمل عمال تابعون للجيش الألماني وقوة الشرطة وعمال البناء المتطوعون سلكًا شائكًا مؤقتًا وكتلة خرسانية.
ولقي الجدار بداية ترحيبا من بعض قادة الدول الذين وجدوا فيه حلا لنزع فتيل أزمة كادت تقع، حيث اعتبره الرئيس الأمريكي جون كينيدي "أهون الجحيمين، الحرب أو الفصل التام".
الفصل التام
ما لبثت الأسلاك الشائكة أن تحولت إلى كتل خرسانية مسلحة بارتفاع 12 قدما وعرض 4 أقدام، ليصبح عبوره مستحيلا لسكان ألمانيا الشرقية، وتم تعزيزه بحراسة مشددة من قبل دوريات من الجنود وكلاب الحراسة ومدفعية رشاشة، حيث أُمر الحراس بإطلاق النار على أي شخص يحاول الهرب، فسمي "قطاع الموت".
مصير الهاربين
على جدار برلين وعلى 28 عاما لقي ما يقارب 180 شخصا مصرعهم أثناء محاولتهم الهرب إلى ألمانيا الغربية، بينما نجح 5 آلاف منهم بالهرب، بينهم 600 من حراس الجدار أنفسهم، مستخدمين شتى الطرق كالقفز من النوافذ المجاورة للجدار والتسلق فوق الأسلاك الشائكة، أو مستخدمين المنطاد حتى عبور طرق تحت الأرض عبر مجاري الصرف الصحي.
الانهيار
في 9 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1989، أعلن جونتر شابوفسكي المتحدث باسم الحزب الشيوعي ببرلين الشرقية نيته تغيير طبيعة العلاقات الخارجية لمدينته مع الغرب، ليعلن أنه ابتداءً من منتصف ليل ذلك اليوم أن قيود التنقل بين الألمانيتين قد رُفعت أثناء حوارٍ إعلامي عن طريق الخطأ، إذ لم يكن متثبّتاً من توقيت الإعلان، ما تسبب في فوضى عارمة أمام نقاط العبور في الجدار.
وتوافد سكان برلين الشرقية إلى الجدار تلك الليلة منادين بفتح البوابات، فيما توجه آخرون بمعاول ومطرقات تهدم كتلا أسمنتية حرمتهم على مدار سنوات من حرية التنقل، لينهار بشكل كامل، معلنة حقبة عالمية جديدة، حيث تبعه عدة أحداث قادت أخيرا لانهيار الاتحاد السوفيتي.
ومع انهيار الجدار سقط رمز تقسيم العالم، لأن أحداث التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 1989 لم تؤد فحسب إلى انهيار نظام ألمانيا الشرقية، بل قادت أيضا بعد ذلك بعام إلى إعادة توحيد ألمانيا، وبذلك انتهت الحرب الباردة.
ولا تزال بعض معالم جدار برلين قائمة حتى اليوم، حيث ملأها فنانو الشوارع برسوم وأعمال فنية محولين رمز الفصل والأزمات السياسية لمزار سياحي.
aXA6IDMuMTQ3LjUzLjkwIA== جزيرة ام اند امز