فضيحة بيتارّام تهز الحكومة الفرنسية.. شهادة صادمة من ابنة فرانسوا بايرو

تلقى رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو ضربة قاسية أثناء نزع المصداقية عن اللجنة البرلمانية التي تحقق بانتهاكات "نوتردام دي بيتارّام"،
كشفت ابنته، هيلين بيرلان، في مقابلة مع مجلة "باري ماتش" الفرنسية، أنها تعرضت للعنف الجسدي عندما كانت مراهقة خلال مشاركتها في معسكر صيفي تنظمه المؤسسة الدينية ذاتها المتهمة اليوم بارتكاب انتهاكات جسيمة.
"أشعر بالرعب! هل ستفضحينني؟"… بهذه الكلمات المرتبكة، اتصل رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو بابنته بعد أن علم – من الصحافة – أنها ستكشف علنًا عن تعرضها للتعنيف في مراهقتها داخل معسكر صيفي تابع لمؤسسة "نوتردام دي بيتارّام"، التي توصف اليوم بـ"الطائفة" و"النظام الشمولي".
وبين نيران الدفاع عن النفس أمام لجنة برلمانية، وصدمة تلقي شهادة ضحية من داخل أسرته، يجد بايرو نفسه في قلب زلزال سياسي وعائلي لا يشبه سواه.
بحسب ما نقلته صحيفة " لو كانار أوشينيه" المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية، فقد علم بايرو بشهادة ابنته من الصحافة، حين تواصلت معه الصحيفة للحصول على رد فعل رسمي. ردّة فعله كانت فورية ومرتبكة، وفق ما ترويه ابنته: "اتصل بي وقال: "هل هذا صحيح؟ ماذا تقولين؟ ما رأيك؟ أنا خائف قليلاً… هل ستفضحيني؟"، فأجبته: "لن أردّ! سترى بنفسك!".
هيلين أوضحت أنها لم تخبر والدها مسبقًا لأنها لم تكن تعلم أنه لا يعرف شيئًا، وقالت: "لم يكن يعلم أنني ضحية، ولم يكن يعلم أنني سأشهد كضحية". وتضيف: "لقد بقيت صامتة طيلة ثلاثين عاماً".
"مجرد أب تائه"؟
هيلين، التي تنشر شهادتها أيضًا في كتاب سيصدر هذا الخميس بعنوان صمت بيتارّام، تؤكد أن الصدمة لا تزال حية في ذاكرتها. تروي كيف تعرّضت للضرب المبرّح من طرف الأب لارتيجي، أحد رجال الدين التابعين للمؤسسة: "انهال عليّ باللكمات والركلات في جميع أنحاء جسدي".
وعن سكوتها طوال هذه السنوات، تقول: "ربما كنت أحاول حماية والدي دون وعي، خاصة من الضربات السياسية التي كانت تنهال عليه محلياً. وقد عانى كثيراً". لكنها، رغم كل شيء، تبرّئ والدها من التواطؤ، وتؤكد: "هو نفسه لا بدّ أنه لم يكن يفهم ما يحصل… لم يكن يغطي شيئاً، كان فقط تائهاً وسط جهاز معقد ومسموم".
بايرو يحشد دفاعه قبل جلسة الاستماع
في إطار تحضيراته لجلسة الاستماع أمام اللجنة البرلمانية في 14 مايو/أيار، باشر بايرو وفريقه بجمع الوثائق التي قد تبرئه، من أرشيف ورسائل ومراسلات رسمية. من بينها، بحسب مصادر لو كانار أنشينيه، رسائل من النائب العام في تلك الفترة تُظهر – بحسب فريقه – تدخل وزارة العدل، بقيادة إليزابيث جيجو آنذاك، في معالجة الملف.
ضغوط من الجمعيات الدينية
الضغوط لا تأتي فقط من الوسط السياسي، بل أيضًا من المؤسسات الدينية. إذ تلقى نائبا البرلمان بول فانْييه (من حزب"فرنسا الأبية") وفيوليت سبّيلبوت (من حزب "النهضة")، وهما مقررا اللجنة البرلمانية، رسالة من محامٍ يمثل جمعية "نوتردام دي ريوما"، اتهمتهما فيها بـ"الإخفاق" خلال زيارتهما لمؤسسة "لييفين" المتهمة أيضًا بسوء المعاملة. والسبب؟ وصفهم لهذا المعهد بـ"السجن" و"مكان يُعذب فيه الأطفال".
صدمة على المستوى الشخصي
وبينما يستعد رئيس الوزراء للمثول أمام اللجنة، تتعاظم الأزمة على الصعيد الشخصي. ففي مقابلة لاحقة مع صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، نُقل عن أحد المقربين من بايرو قوله إن الرجل كان "مضطرباً بشدة" بعد شهادات ابنته. ويضيف هذا المقرب: "نحن أمام رجل دولة متهم بالكذب، لكنه في ذات الوقت أبٌ علم متأخراً أن ابنته كانت إحدى الضحايا".
شهادة هيلين بيرلان، التي تُجمع الصحافة الفرنسية على وصفها بالزلزال السياسي والإنساني، ترد أيضًا في كتاب صمت بيتارّام بقلم ألان إيسكير، الناطق باسم مجموعة ضحايا المؤسسة الكاثوليكية في إقليم البيرن.
ويروي الكتاب تفاصيل الانتهاكات، بما فيها الجنسية، التي تعرض لها الأطفال، وكيف سعت الضحايا أخيرًا لكسر جدار الصمت. تقول هيلين في الكتاب: "لن نعيش كما في السابق، ألان. لن يُقال لنا بعد الآن إننا سلّمنا أولادنا للوحوش، وكأن شيئاً لم يكن."
مسؤولية صامتة؟
بايرو، الذي يشغل اليوم أيضًا منصب عمدة مدينة "بو" وكان سابقاً نائباً ورئيساً لمجلس المقاطعة، يصر على أنه لم يكن على علم بالانتهاكات الجسدية والجنسية التي يتحدث عنها أكثر من 200 تلميذ سابق. ورغم وجود وثائق تشكك في ذلك، فإن رئيس الوزراء ينفي علمه بها نفياً قاطعاً.