رحم الله خلفان مطر الرميثي، رجل من رجال زايد الأوفياء ومن الرجال الغطاريف، سيرته عطرة وتاريخه حافل بالعطاء وخدمة الوطن، منذ ما قبل تأسيس الحرس الأميري، يخلده إخلاصه ووفاؤه..
أتذكره جيداً في مرحلتين؛ مرحلة أولى حين كنت في بدايات طفولتي في مدينة الأصالة والرحابة وأشجار السمر والسدر السمحة، مدينة تبعد عن السميح بمسافة بسيطة، ثم في مرحلة لاحقة في أبوظبي حين كان عمري 18 عاماً عند قصر المنهل، حيث مقر الحرس الأميري آنذاك.
خلفان مطر الرميثي، رحمه الله، من الذين تشربوا قيم الشيخ زايد ومبادئه وأحد الأوفياء الذين خدموا الوطن ومن الذين عاصروا مرحلة التأسيس ولديه بصمة في تاريخ الحرس الأميري، علاوة على أنه كان مرافقاً للشيخ زايد في كثير من المناسبات والرحلات الرسمية.
فارع المناقب، كان يمارس الرياضة حول قصر المنهل يومياً، مع أحد الطيبين واسمه مبارك بن جرش وأحياناً معه مدير أعماله الطيب جاويد.
في تلك الفترة عرفت العديد من الأشخاص الذين كانوا يمارسون الرياضة حول قصر المنهل، هذا القصر العامر الذي يمتلك مكانة خالدة في قلب زايد وفي ذاكرة أبوظبي وفي قلوب أبنائه الكرام وفي قلوب أفراد الحرس الأميري الذين عملوا في هذا القصر.
يمر أمامي شريط بعدد من الأسماء التي كانت قريبة منه، ومنهم أصدقاء وزملاء عمل له في تلك الفترة وكان من بينهم خميس بطي الرميثي والمسافري وبن هويدن وعبيد الظاهري وغانم حبروت وغيرهم..
وكان سبب تواصلي معه المباشر أنني في تلك الفترة بعد أن انتقلنا إلى أبوظبي في المرحلة الثانية كنت أمارس الرياضة يومياً حول قصر المنهل، حيث كان والدي جندياً ومقر عمله في قصر المنهل، وبيتنا الذي كنا نسكنه في الخالدية على بُعد أمتار من القصر..
كنت أراه في بكور الصباح واستوقفني ذات يوم وتبادلنا أطراف الحديث وعرف أنني (ابن المطوع) في إشارة إلى والدي الجندي صاحب الرقم العسكري 166694 الذي كان يطلق عليه لقب المطوع حيث كان يصلي بالناس في قصر المنهل في الأيام التي كان يغيب فيها إمام المسجد، وجمعت بين والدي حفظه الله، وخلفان مطر رحمه الله، صداقة قبل تقاعد خلفان مطر بسنتين تقريباً وبينهما موقف نبيل كان خلفان هو صاحب الفضل فيه ولا مجال لذكره في هذا المقال..
وبالعودة إلى الذاكرة الأولى ذاكرة الحنين، ذاكرة منطقة السمحة في حدث فارق ومهم في قلوب عدد من الأسر.. كان الأب المؤسس الخالد في قلوبنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قد كلف خلفان مطر الرميثي ليكون مسؤولاً عن ملف مجموعة العوائل التي كانت مستقرة في السمحة إلى جانب حميد العنيقري رحمه الله..
في نهايات الثمانينيات من القرن الماضي وبأمر من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رجل المآثر والمكارم كلها، زارنا خلفان مطر في السمحة وكان مجيئه دائماً مجيء فأل وخير ليحمل لنا البشائر من الشيخ زايد فقام بتسليم عشرين أسرة مفاتيح مساكن جديدة في منطقة السمحة آنذاك بيديه شخصياً وكانت أسرتنا من الأسر التي استلمت، ورغم أنني كنت آنذاك طفلاً في بدايات سنوات طفولتي فإنني أتذكر تلك التفاصيل جيداً وتلك المشاهد المنقوشة نقش الحب في الأفئدة والذاكرة، وأتذكر حين جلس خلفان مطر رحمه الله مع والدي وعدد من الرجال وأخبرهم بأن الشيخ زايد وجهه بضمهم إلى القوات المسلحة كأفراد مجندين وتم اختيارهم ليكونوا في الحرس الأميري.
كان خلفان مطر سعيد الرميثي رجلاً محباً محبوباً محافظاً على صلاته ومواظباً عليها في المسجد ويشهد له الجميع بذلك علاوة على محافظته على رياضة المشي لمسافات طويلة على فترتين صباحاً ومساء، وعرف عنه رحمه الله تفانيه في عمله وحبه للخير والعطاء ومن مكارمه الوفاء والتواضع والأمانة والإخلاص.. أحبه الجميع قادة وأفراداً وضباطاً وكبار ضباط وغيرهم..
رحم الله خلفان مطر الرميثي وأسكنه فسيح جناته
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة