خبيران ليبيان: موقف إيطاليا يخدم أطماع أردوغان
قال خبيران ليبيان إن أوروبا الآن باتت مهددة أكثر من ذي قبل بعد سيطرة تركيا ومليشيات ضالعة في الاتجار بالبشر على سواحل غرب ليبيا.
وأوضح الخبيران، في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن إيطاليا كانت تدعم مليشيات غرب ليبيا التي تسيطر على السواحل والتي تتبع حكومة فايز السراج بالمال والسلاح، تحت غطاء أنها قوات نظامية تعمل كخفر سواحل ليبية.
والأسبوع الماضي، أعلنت تركيا البدء في تدريب قوات خفر سواحل غرب ليبيا في إطار اتفاقيتها مع حكومة فايز السراج، في محاولة، حسب مراقبين، لبسط سيطرتها على السواحل المواجهة لشاطئ أوروبا الجنوبي.
وجود عسكري لتركيا والمليشيات الموالية لها في سواحل غرب ليبيا يضع الشاطئ الأوروبي في مرمى الاستهداف الاستراتيجي التركي في إطار سعي أنقرة لابتزاز أوروبا باللاجئين والهجرة غير الشرعية من الجنوب.
"خطأ" إيطاليا في غرب ليبيا
عقب الإعلان التركي عن هذه الخطوة كشفت صحيفة "أفينيري" الإيطالية، الأسبوع الماضي، عن سيطرة تركيا الآن على زوارق الدورية التي تبرعت بها إيطاليا لليبيا، في محاولة من أردوغان لابتزاز روما بورقة المهاجرين.
وأكدت الصحيفة الإيطالية أن تركيا أصبح الآن لديها أسطول إضافي في وسط البحر الأبيض المتوسط دون أن تدفع سنتًا واحدًا، بعد الاستيلاء على قوارب الدوريات التي تبرعت بها حكومتا جنتيلوني وكونتي.
وفي 27 يونيو/حزيران 2018، قال وزير الداخلية الإيطالي آنذاك، ماتيو سالفيني: "سنتبرع بـ12 قارب دورية أخرى إلى ليبيا مع تدريب طواقم لاحقًا لمواصلة حماية الأرواح في البحر الأبيض المتوسط".
وفي يوليو/ تموز 2018، وقعت حكومة يمين الوسط الجديدة في إيطاليا اتفاقية مع رئيس حكومة الوفاق في ليبيا فايز السراج، اتفاقية تنص على "تسليم 5 ملايين يورو إلى ليبيا للحد من الهجرة إلى أوروبا عن طريق إيقاف القوارب".
وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام التالي، سلمت إيطاليا 10 زوارق دورية، دون أن تحصل على أي سيطرة حقيقية على تشغيل هذه السفن، التي يتم ضمان صيانتها ودفع ثمنها من خلال "سفينة مصنع" تابعة للبحرية الإيطالية موجودة بشكل دائم في ميناء طرابلس.
وبين عامي 2017 و2018، دعم خفر السواحل الإيطالي خفر السواحل الليبي بمبلغ 1.8 مليون يورو، كما ورد في مذكرة من مفوضية الاتحاد الأوروبي بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
ووفق تقرير مسرب، نشرته قناة "دويتشه فيله" الألمانية، فإن عناصر من المليشيا المسلحة التابعة للسراج تلقوا تدريبات في إطار العملية "صوفيا" (عملية بحرية بحرية عسكرية بقيادة إيطاليا والاتحاد الأوروبي، بدأت في عام 2015، خاصة بصد المهاجرين القادمين من السواحل الليبية)، على رأسهم الإرهابي المطلوب دوليا أحمد الدباشي، قائد "مليشيا أنس الدباشي"، وهو عنصر رئيسي في تسهيل عمليات تهريب المهاجرين، حسب مصادر أمنية ليبية.
وفي محاولة لتدارك "الخطأ" الإيطالي بدعم مليشيات غرب تركيا الموالية لتركيا، قال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، إن "عناصر المليشيا في طرابلس والذين يطلق عليهم اسم خفر السواحل غير جاهزين حاليًا للاستمرار في التدريب الذي كانت عملية صوفيا البحرية قد بدأته".
الحقائق تغرق إيطاليا ومعها أوروبا
وفي تعليقه قال، أستاذ القانون الدولي بالجامعات الليبية، محمد الزبيدي، إن الغرض من القوارب التي أرسلت إلى ما يسمى خفر السواحل الليبي في الاتفاق الإيطالي المليشياوي كان بغرض إغراق المهاجرين في البحر أو إعادتهم إلى مراكز الاحتجاز ليبيا،
ويرى الزبيدي، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن "المنظمات الإنسانية التي تحاول إنقاذ الغرقى في البحر حاربتهم البوارج الحربية الإيطالية أكثر من مرة"، مضيفا أنه حتى من يتم إنقاذه بواسطة هذه المنظمات لا يسمح له بالرسو في الموانئ الأوروبية.
وانتقد تعاون الإيطاليين وهم جزء من أوروبا مع مليشيات وعناصر إرهابية مصنفة دوليا أشهرهم الإرهابي المصنف دوليا عبدالرحمن البيدجا لاتجاره بالبشر.
وأشار الأكاديمي الليبي إلى استقبال "البيدجا" بشكل حافل في إيطاليا من قبل وزارة الداخلية الإيطالية وخفر السواحل الإيطالي، قبل اعتقاله مؤخرا في ليبيا.
ابتزاز تركي وإحكام الطوق على أوروبا
بدوره، يرى المحلل السياسي الليبي ناصف الفرجاني، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن تركيا استفادت كثيرا من ابتزاز أوروبا بورقة المهاجرين، وتحاول أنقرة حاليا السيطرة على سواحل الغرب الليبي لضمان استمرار تلك الورقة التي تثير الرعب لدى أوروبا بس مخاوف أمنية.
ودعا الفرجاني إلى ضرورة إعداد ملف قانوني متكامل بهذا الشأن يثبت بالأدلة ما تسببت فيه إيطاليا من ضرر لليبيا بتعاونها مع مليشيات حكومة السراح.