إخضاع رؤوس إخوان تونس.. البحيري والبلدي عرابا الفتنة والاغتيال

بعد سنوات من اختراق دوائر الحكم والنفوذ، يقبع نور الدين البحيري، رجل المهمات المشبوهة بالإخوان الإرهابية، في مصيدة المحاسبة القضائية.

فالبحيري، الذي ترأس جهاز القضاء في عهد الإخوان، جرفته أمواج التغيير التي يقودها الرئيس التونسي قيس سعيد، إذ قررت السلطات وضعه قيد الإقامة الجبرية في مكان مدني غير معلوم وتحت الحراسة الأمنية المشددة مع سحب هاتفه المحمول.

• إقامة جبرية.. تونس تجمد "عقل الإخوان"
  

ويصف خبراء السياسة، البحيري منذ ثمانينات القرن الماضي، بالذراع القوية لراشد الغنوشي زعيم إخوان تونس، حيث تخصص الرجل في هندسة الألغام بطريق خصوم حركة النهضة الإخوانية.

كما يعرف البحيري بقيادته لكتائب إلكترونية لتشويه خصوم الغنوشي والتنكيل بهم على صفحات التواصل الاجتماعي، وفق مراقبين.

وشغل البحيري منصب وزير عدل في حكومة حمادي الجبالي بين عامي 2011 و2013 ثم أصبح وزيرا معتمدا لدى رئيس الحكومة في حكومة علي العريض بين عامي 2013 و2014.

وينتمي البحيري لحركة النهضة منذ عام 1977، وشغل فيها عدة مناصب، خاصة إدارة الجناح الطلابي للحركة في الجامعة. قبل أن يصبح عضوا بمكتبها السياسي والمكتب التنفيذي ومجلس الشورى منذ 1981.

كما كان الرجل مسؤولا عن القسم السياسي في حركة النهضة في وقت لاحق، وتعرض للسجن لانتمائه للحركة بين فبراير/شباط وسبتمبر/أيلول 1987.

والبحيري معروف بلقب "العقل المدبر" للإخوان، ويواجه اتهامات بمحاولة إتلاف ملفات تثبت علاقة حزب النهضة الإخواني بالاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس في السنوات الماضية.

الاغتيالات السياسية

وأكدت مصادر لـ"العين الإخبارية" أنّ وزير الداخلية توفيق شرف الدين أصدر اليوم قرارا بوضع البحيري والمسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي قيد الإقامة الجبرية.

وكشفت المصادر أن فتحي البلدي كان المسؤول عن الجهاز السري للإخوان داخل وزارة الداخلية وكان رئيس الغرفة السوداء التي تحدثت عنها هيئة الدفاع عن الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، اللذين تعرضا للاغتيال قبل سنوات.

والبلدي مسؤول أمني ومستشار سابق للقيادي الإخواني ووزير الداخلية الأسبق علي العريض، لكنه لن يكون الأخير في سلسلة الاعتقالات والإقامات الجبرية، إذ تقول المصادر إن الداخلية ستنفذ عددا من الإيقافات في الساعات القادمة.

ويمنح قانون الطوارئ وزير الداخلية الحق في اتخاذ التدابير اللازمة من إقامة جبرية وغيرها لحفظ النظام العام والأمن.

قبضة من حديد

وقالت نائلة بن رحومة، القيادية في حركة "الشارع يقرر ويراقب"، المساندة للرئيس التونسي قيس سعيد، في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "الوزير توفيق شرف الدين يمسك وزارة الداخلية بقبضة من حديد لتطهيرها من براثن الإخوان الذين عاثوا فسادا وفككوها من الداخل وزرعوا في مفاصلها موالين للجماعة".

وتابعت أن "نور الدين البحيري هو رأس الأفعى الذي خرب القضاء التونسي، وساهم في إتلاف وثائق وقضايا مرتبطة باغتيالات سياسية تتورط فيها حركة النهضة.

بدوره، قال حاتم العشي الوزير الأسبق والقاضي إن البحيري ساهم في تكبيل عمل القضاء، حيث كان القضاة يستعدون منذ عام 2012 للقيام ببرنامج لإصلاح القضاء، لكن قرار البحيري في مايو/أيار 2012 بإعفاء نحو 72 قاضيا قضى على كل نفس إصلاحي.

وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، "حان الوقت أن ينفض القضاء الغبار على عديد القضايا من بينها قضايا الاغتيالات وقتلى العمليات الإرهابية، والجهاز قادر على التعافي".

وسبق أن أكد أنور الباسطي عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي إن آلاف الملفات المتعلقة بالإرهاب والجرائم الإرهابية صادرتها جهات مقربة من حركة النهضة من مكتب قاض يدعى البشير العكرمي وهو مقرب من القيادي الإخواني البحيري.

وأكد في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية" أن النهضة الإخوانية لها علاقة بالأسلحة التي استخدمت في عمليات اغتيال بلعيد والبراهمي.

توضيخ رسمي

ومساء اليوم، قالت وزارة الداخلية في بيان، إن وضع البحيري قيد الإقامة الجبرية، جاء استنادا"للقانون المنظّم لحالة الطوارئ خاصّة الفصل الخامس من الأمر رقم 50 لسنة 1978 المؤرّخ في 26 يناير/كانون الأول 1978، والذي يُخوّل وضع أيّ شخص تحت الإقامة الجبريّة حفاظا على الأمن والنّظام العامّين".

وتابعت "تمّ اتّخاذ قرارين في الإقامة الجبريّة، وهو إجراء ذو صبغة تحفظيّة أملته الضّرورة في إطار حماية الأمن العامّ، وينتهي بانتهاء موجبه".

كما أكدت الوزارة حرصها على التّقيّد بالضّمانات المكفولة بمقتضى الدّستور والتّشريع النّافذ، خاصّة من حيث توفير ظروف الإقامة الملائمة والإحاطة الصّحيّة اللاّزمة للمعنيّين بهذا القرار".

ويأتي هذا التوضيح الرسمي، إثر توقيف القيادي الإخواني البحيري ووضعه قيد الإقامة الجبرية.

وجاء قرار وضع القيادي الإخواني قيد الإقامة الجبرية، بعد قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد بسحب البساط من تحت أقدام إخوان تونس، وتجميد عمل البرلمان الذي تقوده الجماعة في ٢٥ يوليو/تموز الماضي.