بايدن في فرنسا.. جولة حافلة من «قوس النصر» إلى غزة
في زيارة دولة رسمية تتسم بالفخامة وجدول حافل بالقضايا، يستضيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نظيره الأمريكي جو بايدن، السبت.
الزيارة تأتي في أعقاب الاحتفال بالذكرى الثمانين لإنزال النورماندي (ذكرى هجوم الحلفاء على المحتلين الألمان النازيين على الشواطئ الفرنسية في الحرب العالمية الثانية)، ويسعى الطرفان خلالها إلى طي صفحة التوترات بينهما واستعادة زخم العلاقات.
- بايدن وذكرى إنزال النورماندي.. هل عادت أمريكا من «عزلة ترامب»؟
- بايدن يتحسس أثر ريغان في «النورماندي».. إلهام هوليوودي يواجه زحف ترامب
حفل وعرض وعشاء
وسيشارك الجانبان، في حفل ترحيب مع زوجتيهما عند قوس النصر الشهير، قرابة الساعة 10,30 بتوقيت غرينتش.
وبعدها يحضران عرضا في شارع الشانزليزيه قبل عقد اجتماع حول قضايا سياسية يعقبه عشاء.
وتربط بين بايدن وماكرون علاقة طيبة رغم التوترات السابقة بشأن صفقة غواصات مع أستراليا.
وفي هذا الإطار، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، الجمعة، أن "الطرفين يريدان إظهار أنهما أقرب مما كنا عليه في أي وقت مضى".
وستكون المحطة الفرنسية الزيارة الخارجية الأطول للديمقراطي بايدن في خضم حملته للانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني، والتي سيواجه فيه الجمهوري دونالد ترامب.
وكان بايدن وصل إلى باريس، الأربعاء، وانتقل إلى منطقة النورماندي بشمال غرب البلاد للمشاركة اعتباراً من، الخميس، في مراسم إحياء الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء الذي مهّد للانتصار على ألمانيا النازية عام 1944.
وبعد الزيارة الرسمية السبت، سيزور بايدن المقبرة الأمريكية، الأحد، قبل أن يغادر عائداً إلى بلاده.
جدول حافل
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان للصحفيين في الأسبوع الماضي "فرنسا... أقدم حلفائنا وأحد أعمق حلفائنا. وستكون هذه لحظة مهمة لتأكيد هذا التحالف والتطلع أيضا إلى المستقبل وما يتعين علينا تحقيقه معا".
وأضاف سوليفان، أن "المحادثات بين الرجلين ستتناول حرب روسيا وأوكرانيا، وحرب إسرائيل مع حركة حماس في غزة، والتعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وقضايا سياسية تتراوح بين تغير المناخ والذكاء الاصطناعي إلى سلاسل التوريد".
ومن جانبه، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن "البلدين سيعلنان عن خطة للعمل معا في مجال إنفاذ القانون البحري، وإن خفر السواحل الأمريكي والبحرية الفرنسية سيناقشان زيادة التعاون".
ومن المتوقع أيضا أن يناقش بايدن وماكرون تعزيز حلف شمال الأطلسي، وقد تعهد كلاهما بدعم بلديهما لأوكرانيا، على الرغم من أنهما لم يتفقا بعد على خطة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لمساعدة كييف.
وقال مسؤول بوزارة الخزانة الأمريكية، الثلاثاء، إن "الولايات المتحدة وشركائها في مجموعة السبع الكبرى يحرزون تقدما في هذا الشأن".
ولن تغيب عن قمة ماكرون وبايدن القضايا الدولية الكبرى حيث تتطابق مواقف باريس وواشنطن الى حد كبير، على رغم بعض التباينات، ومنها على سبيل المثال بشأن الحرب في غزة.
وسيتشاور ماكرون وبايدن أيضا حول الوضع في الشرق الأوسط، وكان بايدن مؤيدا قويا لإسرائيل، التي تلاحق حماس بعد أن هاجمت البلاد في أكتوبر/تشرين الأول.
لكن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين أدى إلى إضعاف قاعدة بايدن السياسية ذات الميول اليسارية بشأن إسرائيل، مما أضر به وهو يخوض الانتخابات ضد الجمهوري دونالد ترامب لإعادة انتخابه في انتخابات الرئاسة التي تجرى في نوفمبر/تشرين الثاني.
في المقابل، تبقى مواقف البلدين متطابقة بشأن الحرب التي اندلعت في أوكرانيا مع بدء الغزو الروسي في أواخر شباط/فبراير 2022، خصوصاً لجهة تكثيف الدعم الغربي لكييف.
وأكد ماكرون، الجمعة، إلى جانب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه يريد "وضع اللمسات الأخيرة على تحالف" الدول المستعدة لإرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا، مؤكدا البدء المرتقب لتدريب طيارين أوكرانيين على مقاتلات ميراج 5-2000 الفرنسية.
وفي حين لا يتوقع أن تحذو واشنطن حذو باريس بإرسال مدربين عسكريين، تبقى الولايات المتحدة الداعم الأبرز لكييف على صعيد التسليح والمعدات العسكرية.
وخلال اجتماع عُقد بين زيلينسكي وبايدن في باريس، أعلن الأخير مساعدة جديدة بقيمة 225 مليون دولار لأوكرانيا، مؤكداً أنّ "الولايات المتحدة ستكون معكم دائماً".
وقال بايدن "أنتم لم تستسلموا"، مقدما "اعتذاراته" عن أشهر المفاوضات بين الديمقراطيين والجمهوريين التي سبقت إقرار الكونغرس حزمة مساعدات لأوكرانيا بأكثر من 60 مليار دولار.
وكان بايدن أكد، الخميس، أن واشنطن "لن تتخلى عن أوكرانيا. لأنه إذا فعلنا فسيتم إخضاع أوكرانيا ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد"، مضيفا "الدول المجاورة لأوكرانيا ستكون مهددة، كل أوروبا ستكون مهددة".
وبعيدا عن أوكرانيا، فمن المرجح أن تلوح القضايا التجارية بين جانبي الأطلسي في الأفق، ووعدت واشنطن بالإعلان، عن اتفاقات في مجال الأمن البحري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، كما تمّ الحديث عن تعاون محتمل في مكافحة التغير المناخي.
وقال ماكرون خلال زيارته الرسمية لواشنطن في عام 2022 إن حزمة الدعم يمكن أن "تفرق الغرب" وتضعف التعافي الأوروبي بعد جائحة كوفيد-19 في وقت تسعى فيه واشنطن إلى إيجاد حلفاء ضد الصين، كما أن الجانبين يواجهان روسيا.
ومع ذلك، لم يحصل هو وحلفاؤه الأوروبيون على تنازلات تذكر من واشنطن منذ ذلك الحين، ويقول المسؤولون الفرنسيون إن هدفهم من هذه الزيارة لا يزال هو محاولة "إعادة التزامن" بين الأجندتين الاقتصاديتين للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
معالجة التوترات
وشهدت الأشهر الماضية تحسّناً في العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة، لاسيما بين بايدن وماكرون شخصياً، بعد التوترات التي شهدتها في أعقاب فسخ أستراليا من دون سابق إنذار في سبتمبر/أيلول 2021، عقداً ضخماً للحصول على غواصات تعمل بالطاقة التقليدية من فرنسا، والاستعاضة عنه بشراء غواصات تعمل بالدفع النووي في تعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأعقب ذلك أزمة دبلوماسية بين باريس وواشنطن كانت من الأكثر حدة بين الطرفين منذ عقود، قبل أن تعود العلاقات بين الحليفين التاريخيين تدريجياً إلى مسارها الطبيعي.
وقال كيربي إن "من الأمور التي يحترمها ويقدّرها (بايدن) لدى الرئيس ماكرون هي قدرته على أن يكون صريحاً وصادقاً بقدر ما هو عليه. هذا ما نريد أن نراه لدى حليف وصديق: القدرة على الدخول مباشرة في صلب الموضوع وقول ما يفكّر به".
وفي مسعى لطي صفحة التوترات، كان ماكرون أول رئيس أجنبي يجري زيارة دولة إلى البيت الأبيض بعد تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة، وذلك في ديسمبر/كانون الأول 2022.
ولن يعقد الرئيسان مؤتمراً صحفياً مشتركاً، السبت، في باريس، وسيكتفي كل منهما بتصريحات إلى الصحفيين.
aXA6IDMuMTQ3LjY1LjQ3IA== جزيرة ام اند امز