غزة بعد الحرب بمنظار واشنطن.. السلطة الفلسطينية لاعب رئيسي
على مدار أسابيع سعى المسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.
وترى إدارة بايدن أن سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع قد يبدو حلا غير مثالي، لكنه يظل أفضل الخيارات السيئة المتاحة حاليا للمنطقة، إلا أن هذا الحل قد يضع الولايات المتحدة على مسار تصادمي مع الحكومة الإسرائيلية.
ونقلت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية عن مصادر مطلعة قولها، إن عددا من المسؤولين في وزارة الخارجية وفي البيت الأبيض وضعوا أجزاء من الاستراتيجية الأمريكية خلال اجتماعات مشتركة بين عدد من الوكالات منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ورغم إعلان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وغيره من فريق بايدن أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدير القطاع، فإنهم لم يكشفوا عن تفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك.
وواجهت الخطة الأمريكية مقاومة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي استبعد أي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية في غزة، وبصفة عامة لا يريد غالبية المسؤولين الإسرائيليين مناقشة ما هو أبعد من الحرب.
ومع ذلك، يصر الاستراتيجيون الأمريكيون الذين يضعون الخطط على أن السلطة الفلسطينية هي الخيار الأكثر قابلية للتطبيق في قطاع غزة.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية: "نحن عالقون.. هناك تفضيل سياسي قوي للسلطة الفلسطينية لحكم غزة، لكن لديها تحديات كبيرة على صعيد الشرعية والقدرات".
ونتج عن المحادثات الداخلية رؤية واسعة تتضمن إعادة إعمار غزة على مراحل متعددة بمجرد انتهاء الحرب مع تأكيد الحاجة إلى قوة دولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة تليها سلطة فلسطينية متجددة تتولى السلطة على المدى الطويل.
وتشمل الأجزاء الرئيسية من الخطة زيادة المساعدات المتعلقة بالأمن التي يقدمها مكتب الشؤون الدولية لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون التابع لوزارة الخارجية للسلطة الفلسطينية.
كما تشمل السماح بدور أكبر للمنسق الأمني الأمريكي الذي يتمتع بسجل حافل في تقديم المشورة لقوات الأمن الفلسطينية.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: "في النهاية، نريد أن يكون لدينا هيكل أمني فلسطيني في غزة بعد الحرب".
وأكد المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أن هذه الأفكار تخضع للعديد من المتغيرات التي لا يمكن التنبؤ بها وسط توقعات باستمرار الحرب لعدة أسابيع أخرى.
لكن أي استراتيجية أمريكية ستواجه عقبات عديدة، بما في ذلك الشكوك الإسرائيلية والإحباط العربي رغم اتفاق اللاعبين والمحللين الإقليميين على ضرورة أن تلعب واشنطن دورا حاسما في مرحلة ما بعد حرب غزة، بحسب "بوليتيكو".
ويقود عملية التخطيط المسؤول الكبير في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، ويساعده تيري وولف، وهو من قدامى المحاربين في وزارتي الدفاع والخارجية، ويعمل الآن في مجلس الأمن القومي.
كما يشارك كل من باربرا ليف، ودان شابيرو، وهادي عمرو، الذين يشغلون مناصب رئيسية في إدارة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأمريكية.
وتشارك أيضا وحدات وزارة الخارجية التي تتعامل مع الشرق الأوسط وتخطيط السياسات، لكن أجزاء أخرى من الحكومة تجري تقييمات حسب الحاجة.
وكان نتنياهو قد دعا في بعض الأحيان إلى إنشاء هيكل حكم فلسطيني جديد في غزة، واقترح أيضًا أن يكون لإسرائيل نوع من السيطرة الأمنية العامة.
ولعل التحدي الأكثر صعوبة هو معرفة من الذي سيلعب دوراً في تحقيق الاستقرار في غزة في المرحلة الانتقالية التي تعقب القتال حيث بدت الدول العربية غير راغبة في إرسال قوات.
وقال مسؤول أمريكي، إن الأمم المتحدة يمكن أن تلعب دورا في غزة بعد الحرب على الأقل في المجال الإنساني، لكن هذا الاقتراح لا يلقى قبولا في إسرائيل التي تعتبر المنظمة الدولية متحيزة ضدها.
وترى مجلة "بوليتيكو" أن المفتاح لإقناع العديد من الزعماء العرب بالتخطيط الجاد لمرحلة ما بعد الحرب قد يكون التأكيد على أن الهدف النهائي هو إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.