جولة بايدن.. هل تستعيد العلاقات الأمريكية- الخليجية توازنها؟
على مدار عقود، صمدت العلاقات الأمريكية- الخليجية بالرغم من توترات واختلافات شابتها في عدد من المنحنيات السياسية.
ولم تتزعزع أسس العلاقات الأمريكية الخليجية لقناعة الطرفين بأهميتها للدولتين بل للمنطقة وللعالم، وهو ما قد يكون دافعا هذه المرة أيضا لإعادة التوازن في العلاقات، بحسب مراقبين عرب.
ويتوقع خبراء عرب ممن تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، أن تنجح زيارة بايدن، الجمعة، للسعودية وحضوره قمة جدة، في إعادة التوازن للعلاقات العربية الأمريكية والخليجية بشكل خاص.
وخلال زيارته لجدة، التي تبدأ اليوم، يلتقي بايدن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وكذلك ولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
ويشارك بايدن في اليوم الثاني بقمة جدة التي تضم قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
ترميم العلاقات
يرى المحلل السعودي خليل الخليل أن "العلاقات الخليجية- الأمريكية، والسعودية- الأمريكية خاصة، تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل منذ بداياتها، وترتكز هذه المصالح على التعاون الوثيق في مكافحة آفة الإرهاب الدولي، ومواجهة ما يزعزع أمن واستقرار المنطقة من تهديدات إيرانية ومليشيات متطرفة، وكذلك محاولات التفكك أو التصدع في عدد من دول المنطقة".
ويعتبر الخليل، وهو عضو سابق في مجلس الشورى السعودي، أنه "من أهداف زيارة بايدن الأولى للسعودية (منذ تقلده منصبه) اليوم وحضوره قمة جدة، إعادة مستوى العلاقات السعودية الأمريكية إلى المستوى السابق قبل رئاسته وإلى المستوى المرغوب لمصلحة الدولتين بعد أن شاب العلاقات بعض الهزات واختلاف المواقف".
ومحددا أسباب تغيير الموقف الأمريكي، يقول: "الرغبة الأمريكية تغيرت نتيجة متغيرات عالمية وإقليمية، أبرزها الأوضاع الاقتصادية في الداخل الأمريكي بعد غلاء أسعار الطاقة والبنزين والمعيشة، إلى جانب مواجهة انعكاسات جائحة كورونا واندلاع الحرب الأوكرانية وما نتجت عنه مع الشك في التزامات الإدارة الحالية مع حلفائها تسبب في القلق من تأثير ذلك على الانتخابات الأمريكية القادمة".
وإعادة التوازن في العلاقات الخليجية- الأمريكية تستهدف بُعدا آخر أمنيا وفق المحلل السعودي، يوضحه: "قمة جدة سيكون لها دور في إرساء أمن المنطقة الإقليمي واستقرارها والسعي لصنع نسخة حديثة لعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع دول المنطقة خاصة مع السعودية ومع دول مجلس التعاون لدول الخليج".
أهمية كبرى
أسباب عدة تمنح زيارة بايدن للسعودية اليوم وحضوره القمة العربية الأمريكية أهمية كبرى بحسب الخليل، أهمها أن "أمريكا هي القوة العظمى بالعالم اقتصاديا وعسكريا، وأن السعودية ودول المنطقة تحتل الصدارة في المواقع الاستراتيجية لأمن الطاقة واقتصاد العالم، وبالتالي للحفاظ على الاستقرار والسلام، سيكون هناك حاجة ملحة لوجود تكتل سياسي استراتيجي يكفل للمنطقة وللدول المشاركة أمنها ومكتسباتها ومصالحها في الحاضر والمستقبل".
ويؤكد المحلل السياسي السعودي أن "التوترات السابقة بين الرياض والإدارة الأمريكية، تظهر من وقت لآخر، لكن يتم التعامل معها باستقلالية من خلال الحوارات وتبادل الزيارات بين القيادات والأجهزة المعنية والدبلوماسية النشطة".
ويستطرد: "لم تقطع العلاقات ولو مرة واحدة منذ بداياتها إلى اليوم، لذلك في تقديري أن الزيارة المرتقبة اليوم خطوة إيجابية لسد الفجوه وتقريب وجهات النظر وصناعة نسخة محدّثة لعلاقات بناءة تكفل استمرارية ومتانة العلاقات السعودية الأمريكية الاستراتيجية وصيانتها لما في ذلك من مصلحة مشتركة للدولتين ولدول مجلس التعاون وللمنطقة".
وحول أهم الضمانات في تقدير الخليل وهي التصدي للتهديد الإيراني، قال إن طهران "لن تكون غائبة عن أهداف الزيارة بعد أن فشلت المحادثات في فيينا للتوصل لاتفاق أممي مع طهران حول الحيلولة دونها ومشروعها النووي مما يضع أمريكا ودول المنطقه أمام تهديد إيراني يجب مواجهته".
ضمانات
من جانبه، يفصل المحلل السياسي الكويتي فهد الشليمي، بين مرحلة ما قبل الزيارة وما بعدها، قائلا: "هناك حاجز من عدم الثقة في تقلب المواقف الأمريكية إزاء المنطقة والخليج، لكن لدى دول الخليج عوامل ضغط إيجابية، مثل عنصر المناورة وهو سلاح الطاقة والسلاح السياسي (...)".
ويضيف الشليمي، وهو رئيس مركز الشرق للاستشارات السياسية والاستراتيجية، أن "دول الخليج ستكون أكثر حرصا وأكثر تطلبا لضمانات حقيقة وفي رأيي ستأخذها الإدارة (الأمريكية) الحالية بعين الاعتبار وتعمل على تقديمها".
وعن مخرجات القمة المنتظرة، يتوقع الشليمي أن تسفر عن بيان مشترك يتضمن اتفاقا على أسعار الطاقة، والأهم تعاهدات أمريكية حقيقية إما زيادة النشاط البحري أو النشاط الاستطلاعي والمعلومات الفنية.
كما سيؤكد بيان القمة، على أمن الخليج، برأي الشليمي الذي يتوقع أن "تكون لغة البيان قاسية فيما يتعلق بهذا الخصوص تحديدا، فستكون ضد إيران وتحثها على العودة لقواعد القانون الدولي وعدم التدخل".
نقاط أخرى قد يتضمنها البيان، بحسب المحلل السياسي الكويتي، مثل "القضية الفلسطينية والتأكيد على حل الدولتين وإعادة إنعاش المبادرة العربية التي أطلقتها السعودية في ٢٠٠٢ وتستهدف الأمن مقابل السلام".
وفي ٢٠٠٢، أطلق العاهل السعودي الراحل، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مبادرة سلام لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقد تم إقرارها من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
ويتفق كل من الخليل والشليمي على أن قمة جدة ستشهد مواقف إيجابية للطرفين خاصة أن الولايات المتحدة تحتاج دول الخليج وستسعى للوصول إلى تقديم ضمانات حقيقة.
وهذه الضمانات قد تكون بإطلاع القادة العرب علي المفاوضات مع إيران وعبر وجود ضمانات دفاعية عسكرية وأيضا عبر وجود دور سياسي ودفاعي وأمني لإسرائيل.
وتسبق زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية، محطتان هما إسرائيل وفلسطين، حيث بحث خلال الأولى الدعم الأمريكي لأمن الأولى قبل أن يجري مباحثات مع الرئيس الفلسطيني.
وجدّد بايدن خلال وجوده في إسرائيل، الخميس، تأكيد دعم واشنطن "حلّ الدولتَين لشعبَين يملك كلاهما جذورًا عميقة وقديمة في هذه الأرض، ويعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن".
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4yOCA= جزيرة ام اند امز