«الانفجار الكبير» حل مُجرب لـ«تعنت نتنياهو».. هل يلهم بوش الأب بايدن؟
امتناع عن التصويت على "قرار غزة" بمجلس الأمن، فٌسر "كورقة ضغط" بيد أمريكا على إسرائيل، لكنها ليست السابقة الأولى في علاقاتهما.
إذ رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أنه يمكن لإدارة الرئيس جو بايدن أن تستفيد من النفوذ الأمريكي الهائل على إسرائيل، والاستفادة من موقف سابق في العلاقات بين البلدين، لترجمة الضغط إلى فعل.
المجلة قالت إن على الإدارة الأمريكية أن تقتدي بموقف الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش الأب ووزير خارجيته جيمس بيكر عام 1991 اللذين ربطا حصول إسرائيل على حزمة مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار على شكل ضمانات قروض، بتوقف تل أبيب عن استخدام الأموال الأمريكية لبناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية.
وكانت المواجهة التي تلت هذا الضغط، بين البيت الأبيض والحكومة الإسرائيلية، وتضمنت تهديدات رئاسية باستخدام الفيتو وضغوطا غاضبة في الكونغرس من قبل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، واحدة من أكثر الفترات المشحونة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
وعلى عكس بايدن وبلينكن، كان بوش الأب وبيكر حازمين في ربط المساعدات المقدمة لإسرائيل باحترام القانون الدولي. وأكد الرئيس الأمريكي للصحفيين في عام 1992 أنه "لن يتراجع قيد أنملة".
فورين بولسي علقت، قائلة: "هذه السابقة التاريخية، تٌوجب على واشنطن أن تشترط موقفا مماثلاً اليوم".
توتر التسعينيات
بدأت العلاقات المتوترة بين البلدين - والتي وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق شامير لاحقًا بأنها "انفجار كبير" - في مايو/أيار 1991، عندما قال سفير إسرائيل في واشنطن لإدارة بوش إن إسرائيل ستطلب 10 مليارات دولار كضمانات قروض، لاستيعاب اليهود السوفيات، وهي مهمة ستتضمن دون شك بناء المزيد من المساكن في الأراضي المحتلة كجزء من سياسة التوسع الاستيطاني المتشددة التي تنتهجها الحكومة في ذلك الوقت.
رغم ذلك، رأى بيكر أن تقديم ضمانات القروض لإسرائيل في ذلك الوقت، ولهذا الغرض، سيضر بمصالح الولايات المتحدة.
وكان قد تم الاتفاق على قرض أمريكي بقيمة 400 مليون دولار في العام السابق على بداية الأزمة، بشرط عدم استخدامه لبناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، لكن الإسرائيليين انتهكوا هذا الالتزام بمجرد الإفراج عن القرض.
والواقع أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية كانت تتقدم بسرعة مذهلة؛ ففي عام 1990 وحده، في عهد وزير الإسكان والبناء آرييل شارون، استقر ما بين 6000 و7000 إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لكن بيكر كان يعمل بجد أيضًا على تمهيد الطريق لعقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط في مدريد في أكتوبر/تشرين الأول ١٩٩١، وكان يعلم أن احتمال الحصول على مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية لتمويل المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، سيؤدي بالتأكيد إلى غضب الدول العربية.
وخرج الرئيس بوش على شاشة التلفزيون الوطني في 12 سبتمبر/أيلول، ليؤكد أن إصرار إسرائيل على طلب القرض يشكل تهديداً للسلام، وأنه مستعد لاستخدام حق النقض ضد مشروع قرار لتسليم هذه الأموال لتل أبيب، إذا أقره الكونغرس.
وأشار أيضًا إلى مخاطرة الجنود الأمريكيين بحياتهم في حرب الخليج دفاعًا عن إسرائيل ضد صواريخ سكود التي أطلقها الرئيس العراقي (آنذاك) صدام حسين، وكيف قدمت الحكومة الأمريكية في تلك السنة المالية وحدها ما يعادل 1000 دولار كمساعدة لكل رجل وامرأة وطفل إسرائيلي.
وأكد بوش الأب أنه لن يغير السياسة الوطنية الأمريكية من أجل النفعية السياسية.
ورغم الغضب العارم الذي انتاب إسرائيل ومؤيديها، حيث وصف أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية، الرئيس الأمريكي بأنه "معادٍ للسامية" و"كاذب"، إلا أن بوش الأب كانت له الغلبة في النهاية.
وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول 1991، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي رسميًا على طلب بوش تأجيل القرض لمدة 120 يومًا. علاوة على ذلك، وبسبب تصميم شامير على توسيع المستوطنات، لم يتم الإفراج عن القروض إلا بعد فترة التأجيل، بعد انتخاب حكومة إسرائيلية أكثر اعتدالا بقيادة إسحاق رابين.
وتصميم إدارة بوش في التسعينيات، متناقض مع الموقف المتساهل لإدارة بايدن، التي تحولت فقط من الدعم الصريح إلى التوبيخ المعتدل بعد مقتل 32 ألف فلسطيني، كثير منهم من النساء والأطفال.
سياق متشابه
رغم ذلك، هناك أوجه تشابه تاريخية ملحوظة. ففي عام 1991، كان عدوان صدام على الكويت هو الخلفية؛ واليوم، هناك الحرب الأوكرانية ونفس التصور في الجنوب العالمي حول معايير مزدوجة لا تطاق لصالح إسرائيل.
وفي التسعينيات، كان النظام العالمي الجديد على المحك؛ والآن أٌعيد تنشيط التزام الغرب بالدفاع عن الديمقراطية وسيادة القانون.
وقالت كاتبة المقال، علياء الإبراهيمي، زميلة غير مقيمة في برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، إنها سألت بيكر في عام 2003 عن دوافعه لحجب ضمانات القروض، على الرغم من كل المخاطر، كانت إجابته "لأنها السياسة الصحيحة".
ومع ارتفاع المخاطر بشكل كبير الآن، لم تظهر إدارة بايدن بعد علامات على نفس "الوضوح الأخلاقي"، وفق الإبراهيمي.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yMzEg
جزيرة ام اند امز