قصة "هرمجدون" في يوميات بايدن.. هل أزفت الحرب النووية؟
شهد الأسبوع الماضي تصعيدا سريعا في الخطاب النووي، مع تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام "كافة القوى والسبل" للدفاع عن الأراضي التي تم ضمها حديثا في أوكرانيا، وانتهاء بتحذير الرئيس الأمريكي جو بايدن من "هرمجدون" حال خطت موسكو هذه الخطوة.
ومع ذلك، تعتبر الوقائع الكامنة وراء كلمات التهديد منطقة أكثر رمادية مما يوحي به الوعيد؛ فمن غير المؤكد أن بوتين سيكون مستعدا لأن يكون أول زعيم يستخدم الأسلحة النووية في وقت الحرب منذ 1945، بسبب طموحاته الإقليمية في أوكرانيا، وفق ما تقول صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وعلى الجانب الأمريكي، وبالرغم من حديث الرئيس الأمريكي عن نهاية العالم (هرمجدون) مساء الثلاثاء، الماضي، ليس من المحتم على الإطلاق أن ترد واشنطن على استخدام بوتين للنووي بانتقام مماثل، إذ تشير ألعاب محاكاة الحرب إلى أنه ستكون هناك مناقشات قوية داخل الإدارة على أقل تقدير، قبل قرار مثل هذا.
ما قصة هرمجدون؟
في نصوص الديانة المسيحية؛ وطبقا لسفر رؤيا يوحنا في العهد الجديد، من الكتاب المقدس، تعتبر "هرمجدون" الموقع المتنبأ به لتجمع الجيوش لمعركة كبرى خلال وقت النهاية، والتي يتم تفسيرها بشكل مختلف، إما على أنها موقع فعلي أو رمزي.
ويستخدم هذا المصطلح بشكل عام للإشارة إلى سيناريو نهاية العالم. وفي التراث الإسلامي، تذكر "هرمجدون" أيضًا في الحديث باسم "الملحمة الكبرى".
و"جبل" مجدو الذي يرتبط به مصطلح "أرمجدود"، يقع في شمال إسرائيل، وهو ليس في الواقع جبلًا، لكنه تل أنشأته أجيال عدة من الناس الذين يعيشون ويعيدون البناء في نفس المكان، حيث تم بناء حصون لحماية طريق البحر، وهو طريق تجاري قديم يربط مصر مع الإمبراطوريات الشمالية من سوريا، والأناضول، وبلاد ما بين النهرين.
وكان "مجدو" موقعا مختلفا للمعارك القديمة، بينها معركة في القرن الخامس عشر قبل الميلاد وأخرى في 609 قبل الميلاد. ومجدو الحديثة القريبة هي كيبوتس بمنطقة نهر كيشون.
"هرمجدون النووي"
انتشرت كلمة "هرمجدون" مؤخرًا بسبب الوضع الجيوسياسي العالمي، وأصبحت الآن مجددًا ذات صلة بالموضوع بسبب كلمات بايدن، في إشارة إلى زيادة احتمال خيار الحرب النووية.
وتحذر كلمات الرئيس الأمريكي من نوايا نظيره الروسي، باستخدام الأسلحة النووية ضد أعدائه، بسبب استنزاف جيشه، بحسب صحيفة "ماركا" الإسبانية.
وفي عالم الحرب، -بحسب "ماركا"- يستخدم "هرمجدون النووي" للإشارة إلى السيناريو الافتراضي بحرب نووية شاملة.
وفي مثل ذلك الوضع، سيقود استخدام إحدى الدول للسلاح النووي إلى رد فعل مشابه من جانب دول أخرى، سلسلة ردود أفعال ستؤدي إلى تدمير مؤكد مشترك وقد تعني دمار البشرية.
وحذر بايدن من اقتراب "هرمجدون نووي" محتمل؛ حيث أكد أن سير البشرية حاليا إلى هرمجدون محتمل، وهو تهديد يتطلب من الجميع العودة إلى أزمة الصواريخ الكوبية في 1962 لإيجاد أقرب سابقة له.
أزمة الصواريخ الكوبية
واستمرت أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962 على مدار حوالي أسبوعين عندما نقل الاتحاد السوفياتي صواريخ نووية إلى كوبا، على مسافة 100 ميل من الأراضي الأمريكية.
وقبل تهدئة الرئيس جون إف كينيدي والسكرتير الأول للحزب الشيوعي نيكيتا خروتشوف للتوترات، شعر ملايين من البالغين والأطفال الأمريكيين بمخاوف مبررة من أنهم قد يموتون في مواجهة نووية بين القوى العظمى، بحسب موقع "بوليتي فاكت" التابع لمعهد "بوينتر للدراسات الإعلامية"، ومقره ولاية فلوريدا الأمريكية.
ولم يتضح فورًا ما إذا كان بايدن يحذر من أن روسيا قد تستخدم الأسلحة النووية، مما سيمثل انتهاكا للمحظورات الدولية القائمة منذ 77 عاما، أو ما إذا كان يقول إن مثل هذه الضربة الروسية ستتحول إلى دمار نووي وعالمي.
بوتين لن يفعلها
وقال خبراء إن استخدام أسلحة نووية "تكتيكية"، أو في ساحة المعركة، لن يؤدي بالضرورة إلى اندلاع حرب مدمرة للحضارة، بالرغم من أنها ستسبب المزيد من المشاكل المحدودة.
وتحدث بوتين كثيرًا عن حجم القوة المستعد لاستخدامها، ورجح أن الأسلحة النووية ليست غير مطروحة.
وقال بوتين في 21 سبتمبر/أيلول: "إذا تعرضت سلامة بلادنا للتهديد، بلا شك سنستخدم جميع الوسائل المتاحة لحماية روسيا وشعبنا – هذه ليست خدعة".
وخلال احتفالية في 30 سبتمبر/أيلول ضم فيها بوتين أربع مناطق من أوكرانيا إلى روسيا، قال إن روسيا "ستحمي أرضها باستخدام جميع القوات والوسائل المتوفرة لديها".
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أكد مسؤولون أمريكيون، الجمعة، أنهم لم يروا أي أدلة على أن روسيا اتخذت التدابير الضرورية لاستخدام ترسانتها النووية وأن الولايات المتحدة ليس لديها سبب لتغيير وضعها النووي.
لكن قال عدة مسؤولين إنهم يأخذون تهديدات بوتين بجدية، وإن الولايات المتحدة تشارك في محادثات مباشرة عبر القنوات الخلفية مع الروس بشأن تداعيات اتخاذ خطوات مثل استخدام الأسلحة النووية، أو الكيماوية، أو البيولوجية.
ورأى مسؤولون أمريكيون وخبراء خارجيون أن تعليقات بايدن عكست انعدام الثقة الذي يشعر به منذ فترة طويلة تجاه بوتين وفهمه لما يرغب الرئيس الروسي في القيام به لتحقيق أهدافه.
وبدأت شكوك الرئيس الأمريكي في بوتين قبل فترة طويلة على وصوله إلى الرئاسة، وقبل أن يصبح بوتين أحد أكبر خصوم الولايات المتحدة.
ويرجع تقييم بايدن القاتم بشأن بوتين إلى 2001 على الأقل، عندما التقى الرئيس جورج دبليو بوش مع الرئيس الروسي للمرة الأولى بعد فترة قصيرة على وصوله إلى السلطة.
وفي حين أشاد بوش به، ووصفه بـ"الواضح والمباشر والجدير بالثقة"، اختلف بايدن وهو حينها سيناتور عن ديلاوير، مع الرئيس الأمريكي الأسبق، قائلًا إنه "لا يثق في بوتين".
وفي حين كان ذكر بايدن لـ"هرمجدون" أوضح تحذير له حتى الآن، كان رئيس الولايات المتحدة يدق ناقوس الخطر لأسابيع، بشأن تصرفات بوتين في أوكرانيا، بما في ذلك الاستفتاءات الصورية بأربع مناطق أوكرانية وضمها إلى روسيا.
aXA6IDE4LjIyNy4xMTQuMjE4IA== جزيرة ام اند امز