8 مليارات دولار حصيلة ترشيد الاستيراد العشوائي في مصر
الترشيد في الاستيراد أحد أهم البدائل التي لجأت إليها الحكومة المصرية للحد من الطلب على النقد الأجنبي.
الترشيد في الاستيراد أحد أهم البدائل التي لجأت إليها الحكومة المصرية للحد من الطلب على النقد الأجنبي، من خلال ترشيد منظم يحدد اختيارات لا تمس حاجات المستهلك اليومية والسلع ذات المعدل الاستهلاكي الأعلى والأساسي.
وأفادت مصادر أن الحكومة تعتزم التوسع في قائمة ترشيد الواردات غير الضرورية، والعمل على الوقف الكلي للاستيراد العشوائي، وكل منتج له بديل محلي يغطي حاجة السوق، والسلع الصناعية الوسيطة، وذلك في ضوء تجربة الفترة الماضية من يناير/ كانون الثاني إلى نوفمبر/ كانون الأول 2016، والتي حققت نتائج جيدة.
وكشفت مصادر رسمية لـ"بوابة العين" الإخبارية عن أن تطبيق قرارات ترشيد الواردات خلال الـ 11 شهراً الماضية، وفرت لمصر ما يناهز الـ 8 مليارات دولار، وفقاً للتقديرات المبدئية، مع توقعات بارتفاع أكبر في الحصر النهائي، وهو ما خفف من الطلب على النقد الأجنبي، ومن المتوقع أن تصل الأرقام إلى الضعف "20 مليار دولار" على أقل تقدير في العام المقبل 2017، مع توقف معظم أشكال الاستيراد العشوائي، فيما تشير التوقعات إلى توفير ما بين 12 إلى 13 مليار دولار في الحسابات النهائية لواردات العام الجاري 2016 بالكامل.
وزير الصناعة والتجارة المصري طارق قابيل، أكد أن مصر تمر بمرحلة مهمة لا يمكن التهاون فيها مع أي شيء يوقف أو يحد من مسيرة الإصلاح الاقتصادي، كما لا يمكن السماح لأحد أن يعمل على تحويل مصر إلى سوق للسلع مجهولة المصدر، ومن هنا فقرارات ترشيد الاستيراد واضحة وهدفها التصدي لقيام مستوردين بجلب سلع ومنتجات رديئة إلى البلاد، ليس هدفها سوى استنزاف النقد الأجنبي دون أي فائدة للمواطن والدولة.
وشدد الوزير في اجتماع اليوم الصناعي مؤخراً، على أن الأولوية في هذه المرحلة توفير النقد الأجنبي للمنتجين المحليين والمصانع، وتوفير المواد الخام لتعزيز القيمة المضافة للمنتجات الوطنية، ولا يعني تطبيق السوق الحرة، فتح الباب لدخول منتجات تستنزف الاحتياطي النقدي، والمضاربة على سعر الدولار، والإضرار بالاقتصاد الوطني، وأهلاً بكل محاولة لتشغيل المصانع المتوقفة في البلاد.
وسبق للوزارة أن أكدت على دعم تصدير المنتج المصري بما سيعود بشكل إيجابي على الاقتصاد ككل عبر توفير عملة صعبة، في الوقت الذي تواصل زيادة دعم الصادرات ليصل إلى 6 مليارات دولار، لدعم مختلف مستويات المصدرين.
وكانت قرارات للبنك المركزي للحد من فوضى الاستيراد العشوائي، وتشجيع المنتج المصري أمام المنتجات الأجنبية، في ظل شح موارد البلاد من العملة الصعبة، قد بدأت من يناير/ كانون الثاني 2016، وتم تعزيزها مع تعويم الجنيه في 3 نوفمبر/ كانون الثاني الماضي، وطلبت من رؤساء البنوك ضرورة الحصول على تأمين نقدي بنسبة 100%، بدلاً من 50% على عمليات الاستيراد التي تتم لحساب الشركات التجارية أو الجهات الحكومية، وهو يخضع عمليات استيراد منتجات تجارية استهلاكية تامة الصنع لرقابة البنك المركزي، فيما عدا عمليات استيراد الأدوية والأمصال والمواد الكيماوية الخاصة بها وألبان الأطفال فقط.
وتتم عمليات استيراد السلع التجارية الاستهلاكية من خلال مستندات تحصيل واردة للبنوك مباشرة عن طريق البنوك في الخارج، فيما لا يتم قبول مستندات التحصيل الواردة مباشرة للعملاء، مع عدم السماح بإعادة تمويل العمليات الاستيرادية لأغراض التجارة، من خلال منح حد تسهيلات مؤقتة بالعملة الأجنبية، واستهدف البنك المركزي وقت صدور القرارات توفير 20 مليار دولار من فاتورة الاستيراد غير البترولية، والذي يمثل القطاع الأكبر من احتياجات مصر للنقد الأجنبي بما يوازي بـ67 مليار دولار.
الدكتور مصطفي منصور مرعي أستاذ الاقتصاد في جامعة أسيوط، يشير إلى أن ترشيد استخدامات النقد الأجنبي خصوصاً في الاستيراد العشوائي أمر ملح جداً ويجب أن يستمر، وتتبعه كل دول العالم، لتحسين ميزان المدفوعات، وفي مصر أصبح ضرورة أكبر مع تراجع السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، وكأساس لتشجيع المنتجات والصناعات المحلية.
وأفاد أن ترشيد استيراد السلع غير الأساسية، تستطيع الحكومة الاستمرار فيها، ولكن لا يمكن منعها كلياً، نظراً لوجود سلع يتم استيرادها ضمن اتفاقيات دولية، وفي نفس الوقت يمكن أن تطبق الدولة نصوص في اتفاقيات الجات لحماية منتجاتها، وهذا يتوقف على قدرة المفاوض المصري، وفي ظل وجود استراتيجية تستهدف تعزيز الصناعة وتحجيم الواردات وزيادة الصادرات.
ولفت إلى أن تجربة مصر نحو عام من ترشيد الاستيراد مؤشر مهم جداً، على أن السوق لم تتأثر بمنع استيراد سلع غير ضرورية، وهو ما يمثل حافزاً لتوسيع دائرة هذه السلع، والعمل على وقف الاستيراد العشوائي، الذي يستنزف النقد الأجنبي من البلاد.
- السيسي يوجه بمزيد من الدعم لمحدودي الدخل والأكثر احتياجا
- مصر.. المستوردون ضحايا "دوامة" الدولار والجمارك
العمل على إيجاد بدائل محلية للسلع والمنتجات الوسيطة في الصناعات المحلية، يحتاج إلى رؤية أعمق للحد من استيرادها، وهو ما تؤكد عليه بثينة الشامي الباحثة في وحدة البحوث في مركز الدراسات الصناعية، مشيرة في ورقة عمل، إلى أن الحكومة المصرية تعمل على وضع رؤية تنفيذية من عام 2017 في مجال توفير وتحديد احتياجات المصانع القائمة من المنتجات الوسطية، على أن تبدأ في عدد من المحافظات والمناطق الصناعية بها، وذلك بدلاً من استيراد هذا المنتجات، وهو ما سيخفف من فاتورة الاستيراد.
ولفتت "من المهم تحديد الاحتياجات الفعلية للمصانع وتوفيرها، بشكل لا يعطل من عجلة إنتاجها، وتطبيق فعلي لمنظومة إحلال المنتجات المصرية محل الواردات.
وتشمل عمليات ترشيد الاستيراد تطبيق ضوابط واضحة، بينها زيادة الجمارك على مجموعات سلعية، لتجنب التداعيات السلبية للمنع النهائي، وهو أمر يسهم في الحد من استيرادها، والتوجه للبديل المحلي، وبشكل يمكن تجنب قيام دول أخرى بفرض قيود على الصادرات المحلية.
ونوهت الورقة إلى وجود مخاوف من قيام الدولة باتخاذ قرارات منع الاستيراد في ظل التزامات مصر تجاه منظمة التجارة العالمية، إلا أن هذا يمكن من خلال بنود تتيح للدولة حماية منتجاتها، دون المساس بحقوق الآخرين، واتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع العديد من الدول، والترشيد أحد أهم المخارج.
وتستهدف الحكومة المصرية زيادة الصادرات بنسبة 10% لتصل إلى 30 مليار دولار، وتخفيض الواردات غير البترولية إلى 54 مليار دولار من 67 مليار دولار بنهاية العام الجاري.