"العين الإخبارية" تحقق.. هذا الوقود يدمر نساء مصر
تقنية "البيوجاز" في مواجهة تجفيف روث الحيوانات
أكثر من عشرين عامًا قضتهم هناء عبد الستار (37 عاما) في تجفيف روث الحيوانات لصناعة أقراص دائرية من الروث.
وتسمى في الثقافة الشعبية (أقراص الجلة)، لتستخدمها كوقود في إشعال الأفران البلدية لصنع الخبز الشمسي لعائلتها المقيمة في قرية السماحة التي تبعد 120 كيلو عن محافظة أسوان "جنوب مصر".
طوال هذه المدة تحملت هناء الانبعاثات الكثيفة والدخان الشديد الناتج عن عملية إشعال أقراص الروث من أجل عائلتها. لتدفع فاتورة ذلك لاحقا من صحتها، إذ تم تشخيصها بحساسية صدر شديدة، جعلتها لم تعد قادرة على الجلوس أمام الفرن مرة أخرى.
حال هناء كحال معظم السيدات الريفيات في قرى وصعيد مصر، إذ يشير مقال بحثي إلى أن 76.4٪ من إجمالي الطاقة المستهلكة في الريف المصري مصدرها مخلفات المحاصيل وأقراص الروث.
تؤكد دراسة منشورة عام 2021، إنه لا يزال ما يقرب من 2.4 مليار شخص في جميع أنحاء العالم يعتمدون على الكتلة الحيوية التقليدية، مثل الحطب والمخلفات الزراعية والروث المجفف لاحتياجاتهم في الطهي والتدفئة.
ويؤدي الاحتراق غير الكامل للكتلة الحيوية في هذه المواقد أيضًا إلى إطلاق انبعاثات سامة وخطيرة، مثل أول أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز والميثان والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والمركبات العضوية الأخرى.
والتعرض طويل الأمد لهذه الانبعاثات وتحديدا الجسيمات المحمولة جواً (PM) تزيد من معدلات التهابات الجهاز التنفسي الحادة ومرض الانسداد الرئوي المزمن والسرطان، وذلك وفقا لمقال بحثي منشور في مجلة علم سموم الجسيمات والألياف.
فاتورة مضاعفة
زينب علي (32 سنة) جارة هناء عبد الستار، عانت أيضا من التهاب في الجهاز التنفسي بسبب استخدام أقراص الروث في الطهي. فضلًا على أن الاثنتين تعانين من حساسية جلدية شديدة إثر اعتيادهن جمع الروث بدون أي وسائل الوقاية ثم خلطه مع الماء والقش لصناعة اقراص الروث (الجلة).
يؤكد سبيروس فوتونيس، الباحث في المركز الدولي لبحوث المياه بجامعة قبرص، والذي درس المناطق الريفية في مصر في دراسة مع مجموعة من الباحثين من جامعة القاهرة، أن تلوث الهواء المنزلي أو الداخلي، مشكلة تودي بحياة النساء في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بما في ذلك مصر، لأنه عادة تقوم الإناث في الريف المصري بالطهي والأعمال المنزلية الأخرى في غرف صغيرة وسيئة التهوية باستخدام وقود ملوث مثل روث الحيوانات، مما يؤثر بشكل كبير على صحتهن ورفاههن.
ليس هذا فحسب، بل تشكيل ومعالجة وقود الروث الجاف بشكل أساسي من قبل النساء باستخدام الأيدي العارية، يعرضهن لمسببات الأمراض ويؤدي إلى ظروف صحية سيئة.
ولكن زينب وهناء وجدتا حلًا لمشكلتهن منذ عام مضى. عندما أعلنت الجمعية الزراعية التعاونية في قريتهن عن بدء قيامها بتلقي طلبات لإنشاء وحدات من البيوجاز بشكل مجاني للنساء في القرية بشروط محددة. فأسرعتا للتقديم لها وذلك بسبب تطابق الشروط عليهن.
تشرح م. شيماء عمر، مؤسسة شركة بيوميكس لحلول الطاقة الجديدة المتجددة لـ "العين الإخبارية"، أن البيوجاز هو غاز طبيعي يتم إنتاجه من خلال عملية التحلل اللاهوائي للمواد العضوية مثل النفايات الزراعية والحيوانية والصناعية، وتتم هذه العملية في مفاعلات خاصة تسمى المفاعلات الحيوية أو المفاعلات اللاهوائية حيث يتم تحويل المواد العضوية إلى غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى. يستخدم البيوجاز كبديل صديق للبيئة للغاز الطبيعي في توليد الطاقة الحرارية والكهربائية، إضافة أن وحدات البيوجاز تقوم بتوفير سماد عضوي عالي الجودة قادر على تحسن صحة التربة.
مع بداية عام 2023، استطاعت كل من هناء وزينب التخلص الجزئي من حرق روث الحيوانات لإشعال الأفران من أجل صناعة الخبز، كما تخلوا جزئيًا عن اسطوانات الغاز، إذ عوضتهم وحدات البيوجاز بغاز نظيف وآمن كما يخبرون "العين الإخبارية" في حديثهم معها.
تقول هناء: "بدلا من استخدام ثلاث اسطوانات غاز تقليدية شهريًا، أصبحت الآن بحاجة أنبوبة واحدة فقط، لأن وحدة البيوجاز عوضتني بالبقية".
ساعدت وحدة البيوجاز أيضا هناء في التخلص من الحشرات التي لازمت منزلها لسنوات بسبب الروث. فالآن بدلا من وضع جمع الروث بيديها العاريتين كل صباح وتجفيفها أو حملها للأرض الزراعية، أصبحت العملية أبسط، فبمجرد تغذية وحدة البيوجاز بالروث، يحدث عملية تخمر وفي خلال ساعات محدودة يخرج الغاز والسماد العضوي، كما تقول هناء لـ "العين الإخبارية".
زينب أيضا تقول لـ"العين الإخبارية"، توفر لنا وحدات البيوجاز ما يقارب من برملين من السماد العضوي أسبوعيًا، وإنتاجية الأرض زادت بعد استخدام هذا السماد الطبيعي بدلا من الكيماويات، كما توفر غاز طبيعي يمكن أن يجعل البوتوجاز يعمل لثلاث ساعات متواصلة في اليوم.
يشرح د.محمد فتحي سالم، أستاذ الزراعة الحيوية بجامعة السادات لـ "العين الإخبارية" مراحل عمل وحدات البيوجاز قائلًا: "تتضمن عملية وحدات إنتاج البيوجاز، عدة مراحل والتي قد تختلف اعتمادًا على التكنولوجيا المحددة المستخدمة. ومع ذلك، فإن معظم عمليات إنتاج الغاز الحيوي تتضمن مراحل محددة ومنها المعالجة المسبقة للمواد الخام والتي تتضمن تحضير المواد الخام(الروث)، والتي قد تشمل التقطيع أو الطحن أو التقطيع لزيادة مساحة السطح وتحسين كفاءة عملية الهضم اللاهوائي.
يلي ذلك عملية الهضم اللاهوائي (AD) نفسها، وتعتبر هذه هي المرحلة الرئيسية لإنتاج الغاز الحيوي، حيث تقوم الكائنات الحية الدقيقة بتفكيك المادة العضوية في حالة عدم وجود الأكسجين لإنتاج الغاز الحيوي، وعادة تتضمن مرحلتين وهما تكوين الحمض وإنتاج الميثان.
بعد ذلك تبدأ عملية تنقية الغاز الحيوي المنتج في مرحلة الهضم اللاهوائي، من أي شوائب مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين، والتي يجب إزالتها قبل استخدام الغاز الحيوي كوقود وقد تتضمن هذه المرحلة عدة خطوات، بما في ذلك الضغط والتبريد والغسيل.
ثم تأتي مرحلة استخدام الغاز الحيوي المنقى كوقود للطهي، واخيرًا تأتي مرحلة المعالجة اللاحقة للهضم والتي يمكن استخدام البقايا المتبقية بعد عملية التخمر، كسماد للتربة. قد تشمل المعالجة اللاحقة للهضم نزح المياه أو التسميد أو مزيد من العلاج لإزالة مسببات الأمراض والملوثات الأخرى.
وفقًا لـ د. سمير الشيمي، رئيس بحوث معهد بحوث أراضي المياه والبيئة، فإن القيمة الحرارية للبيوجاز تتراوح بين 3170 إلى 6625 كيلو كالورى/م3 تبعا لمحتواه من غاز الميثان والذي تختلف نسبته بالمخلوط الغازي تبعا لنوع المواد المتخمرة وكفاءة تشغيل وحدة البيوجاز.
تم تركيب وحدات البيوجاز لكل من زينب وهناء ولإحدى عشر سيدة أخرى في قرية السماحة، في يناير الماضي ضمن مشروع الاستثمارات الزراعية المستدامة "سيل" والذي تنفذه وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والممول من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "إيفاد".
يقول د. مجدى علام، منسق برنامج تغير المناخ بمشروع الاستثمارات الزراعية المستدامة (سيل)، إن الغرض الرئيسي من البرنامج هو تمويل وخدمة صغار المزارعين والريفيات، لذلك كان الشريك الرئيسي في المشروع هي الجمعيات التعاونية في 30 قرية مصرية لتنفيذ مشروعات البيوجاز، فهي المسؤولة عن اختيار المستفيدين والتنسيق معهم وتركيب الوحدات.
بدأ المشروع عام 2019 و مستمر حتى منتصف 2024، ونجح في بناء 22 وحدة بيوجاز حتى هذه اللحظة، تم تسليمهم بشكل مجاني للنساء في القرى، وتتحمل النساء فقط رسوم الصيانة.
يقول سبيروس فوتونيس، الأستاذ بالمركز الدولي لبحوث المياه، جامعة قبرص والمشارك في دراسة "تقييم دورة حياة إنتاج الغاز الحيوي المنزلي في مصر" والمنشورة Journal of Cleaner Production عام 2020 لـ "العين الإخبارية"، إن استبدال وقود الروث الجاف بالغاز الحيوي له تأثير بيئي إيجابي ولكنه يحسن أيضًا صحة ورفاهية المرأة في المناطق الريفية في مصر، لأنه سيتم تصريف روث الماشية مباشرة إلى جهاز البيوجاز، وستتجنب النساء الحاجة إلى التجفيف والتعامل معه لإنتاج وقود الروث الجاف.
لذلك بإمكانه تحسين الظروف الصحية للمرأة الريفية لأن النساء في ريف مصر لن يُطلب منهن التعامل مع روث الحيوانات مباشرة، وبالتالي لن يتعرضن لمجموعة واسعة من الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض التي تعيش على الروث.
مبادرات أخرى
في 2020، قام الحاج مشهور وزوجته، بتركيب وحدة بيوجاز في قرية قاوغرب التابعة لمحافظة سوهاج، ضمن برنامج لوزارة البيئة المصرية بالتعاون مع بنك الكويت الوطني.
كان المشروع ذو فائدة كبيرة لزوجته الذي وفر لها غاز حيوي تستخدمه في عملية الطبخ، وبدلا من استخدام ثلاث أنابيب شهريًا، أصبح الاعتماد الكلي على الغاز الناتج من مشروع البيوجاز واستخدام أنبوبة واحدة كاحتياطي، مما وفر لهم ما يقارب من 160 جنيه شهريًا.
ولكن الاستفادة الأكبر لهم كانت في التوقف عن شراء سماد ومبيدات لتسميد الأرض الزراعية، حيث وفر لهم سماد عضوي يكفي لفدانين بما يوازي 3000 آلاف جنيه مصري، وساهم هذا السماد الطبيعي في رفع إنتاجية أرض الحاج مشهور وزوجته.
يقول د. سمير الشيمي، رئيس بحوث معهد الأراضي والمياه والبيئة في مقال منشور له بمجلة "شبكة إتصال التنمية الريفية والزراعية" إن التجارب الحقلية أوضحت زيادة فى انتاجية المحاصيل المُسمدة بسماد البيوجاز عن المحاصيل المُسمدة بالأسمدة البلدية والكيماوية.
وفقا له: بلغت الزيادة فى محصول الذرة الشامية بنسبة 35.7%، والقمح بنسبة 12.5%، التبن 20%، وزيادة محصول الأرز بنسبة 5.9%، والفول البلدي بنسبة 6.6%، القطن بنسبة 27.5% والخضر بنسبة تتراوح بين 14.1-20.5%.
ويضيف الشيمي أن سماد البيوجاز يحتوي على مادة عضوية تماثل 5-7 أضعاف ما يحتويه السماد البلدي العادي لذلك يجب الاخذ في الاعتبار هذا التفوق عند استخدام سماد البيوجاز للمحاصيل المختلفة.
تم تركيب وحدات الحاج مشهور، ضمن برنامج لوزارة البيئة المصرية، وهناك مؤسسات أخرى كثيرة تقوم ببناء وحدات البيوجاز في مصر وهي مؤسسة الطاقة الحيوية من أجل التنمية المستدامة "BASD" وهي منظمة غير حكومية، بدأت في تعزيز تطبيقات تكنولوجيا الكتلة الحيوية في مصر منذ عام 2009، وهي مدعومة مؤسسيًا من قبل وزارة البيئة المصرية.
تتولى مؤسسة الطاقة الحيوية معظم مشروعات البيوجاز في مصر، وتقوم بالتركيب للمستفيدين بشكل مجاني أو مقابل رسوم ويمكنها تقديم تسهيلات للمزارعين عن طريق قروض صغيرة. كل ذلك يتوقف على كل حالة وعلى الدعم المقدم من الجهات الدولية.
يؤكد وائل رضوان، المدير التنفيذي لمؤسسة الطاقة الحيوية، لــ "العين الإخبارية" إن مؤسسة الطاقة الحيوية، قامت بتنفيذ ما يقرب من 1843 وحدة بيوجاز موزعين على 15 محافظة في مصر منذ 2009 وحتى الآن وبدعم من الإتحاد الأوروبي.
وفقا لرضوان، فإن وحدة البيوجاز الأصغر حجما التي تصل سعتها من 2 إلى متر مكعب قادرة على توفير 3 متر مكعب يومي من البيوجاز الذي يمكن استخدامه من قبل خمس أفراد في الأسرة الواحدة وبالتالي توفير حوالي من 2 إلى ثلاث أنابيب بوتاجاز شهريًا.
عالجت هذه الوحدات ما يقرب من 50 ألف طن من المخلفات سنويًا، وما يقرب من 1.9 مليون متر مكعب من الغاز سنويا والتي تعادل حوالي 65 ألف اسطوانة غاز بوتوجاز. كما أنتجت حوالي 45 ألف طن من السماد العضوي الذي يكفي لتسميد حوالي 6 آلاف طن سنويًا.
تقول م. اسراء عبد الستار، المدير التنفيذي لشركة إيكو تك لحلول الطاقة الجديدة والمتجددة والمسؤولة عن تركيب وحدات البيوجاز في قرى صعيد مصر، لـ "العين الإخبارية"، إن الروث الناتج عن ثلاث رؤوس ماشية أي كان نوعها يمكنه توليد 3 متر مكعب يومي من البيوجاز وتسميد ثلاث فدادين تقريبا.
وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن عدد رؤوس الماشية في مصر( 7575035) رأس ماشية (حوالي 8 مليون) عام 2020 موزعين على المحافظات وبإمكان الروث الناجم عن هذه المخلفات إنتاج ما يقرب من 8 مليون متر مكعب من البيوجاز.
فضلا عن هذه المبادرات ولتطبيق مفهوم التعافي الأخضر بعد كوفيد-19 وقعت وزارة البيئة المصرية اتفاقية تعاون مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر لإطلاق حزمة تمويلية مبتكرة قيمتها مليون دولار وتهدف الاتفاقية لتوفير تمويل لتنفيذ وتركيب وحدات البيوجاز فى القرى المصرية وبدعم من منحة من مرفق البيئة العالمي من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ويشرف على التنفيذ مؤسسة الطاقة الحيوية للتنمية الريفية المستدامة.
يوفر الصندوق دعم 40% على سعر الوحدة الواحدة، ويمكن المستفيدين من الحصول على قرض 60% من سعر الوحدة على أن يسدد على مدار خمس سنوات وبفائدة لا تزيد عن 8%.
تحسين جودة الهواء
وفقا لمقال بحثي منشور في المجلة الأفريقية للتكنولوجيا الحيوية، فإن الماشية وحدها تساهم بنسبة 18٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. بصرف النظر عن الانبعاث المعوي، فإن تحلل روث الماشية في ظل الظروف اللاهوائية هو أيضًا مصدر للميثان.
تتسبب نفايات الماشية أيضا في غاز آخر من الغازات الدفيئة وهو أكسيد النيتروز (N2O). نفايات الماشية، الأبقار و حظائر التسمين مسؤولة عن 26٪ من انبعاثات أكسيد النيتروز.
وفقا لـ Climate Watch، فإن نسبة انبعاثات ثاني أكسيد النيتروز من قطاع الزراعة فقط في مصر عام 2019 يساوي 67% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد النيتروز في مصر من إجمالي القطاعات وهي الطاقة والصناعة والزراعة والنفايات والحراجة، انبعاثات الميثان في نفس العام من قطاع الزراعة يساوي 22% من إجمالي انبعاثات الميثان من جميع القطاعات.
يقول سبيروس فوتونيس، المشارك في دراسة "تقييم دورة حياة إنتاج الغاز الحيوي المنزلي في مصر" لـ "العين الإخبارية" إنه في ظل الظروف اللاهوائية، يُنتج الروث ويطلق مواد كيميائية في الهواء مثل الميثان وثاني أكسيد النيتروز التي تضر بالبيئة وصحة الإنسان.
يضيف سبيروس، تتأثر أيضًا رائحة الهواء المحيط الخارجي، في حين أن التعرض لرائحة الكريهة لغازات الروث يمكن أن يكون ضارًا للأشخاص، وخصوصا للنساء لأنهن الأكثر عرضة لذلك لأن غالبا ما تكون حظائر الماشية ملاصقة للمنازل أو جزء منه في الريف المصري، وبسبب أن مهنة تنظيف الحظائر هي للنساء في مصر، وكذلك بسبب جلوسهن في المنزل لفترات طويلة.
يؤكد سبيروس على المدى القصير، سيتأثر الأشخاص الذين يعانون من حساسية للروائح بالتركيزات الضئيلة لهذه المواد الكيميائية التي تخرج من الروث، ويمكن أن يؤدي ذلك من بين أمور أخرى إلى تسمم مزمن.
ولذلك فإن مشروعات البايوجاز تعتبر حلاً أمثل لتجنب إطلاق هذه الغازات والتعرض لها لأنها مغلقة تماما، فلا يتم إطلاق الغاز الحيوي مباشرة في الهواء. لذلك، يمكن أن يصلح إنتاج الغاز الحيوي معظم المشكلات المرتبطة بالانبعاثات غير المنضبطة من إدارة نفايات الماشية في مصر والتي تتحملها النساء، وسيكون إدخالها على نطاق واسع مفيدًا بشكل كبير للتخفيف من آثار تغير المناخ وأمن الطاقة.
تحديات
تتفق المهندستان شيماء عمر وإسراء عبد الستار، أن عملية إقناع النساء الريفيات بتركيب وحدات البيوجاز غالبا ما تكون صعبة، لأن معظم هذه النساء غير متعلمات و يعتقدن أن البيوجاز يؤذيهن أثناء عملية الطهي، ولكن بمجرد إقناع السيدة الأولى بالقرية وتظهر تجربتها للآخرين، يكون الأمر سهلًا للأخريات.
أما وائل رضوان يرى أن أكثر الصعوبات التي تواجه إنشاء مشروعات البيوجاز في مصر هو التمويل، خصوصا للوحدات الكبيرة التي تتطلب على الأقل 3 مليون، ولكن المؤسسة بالتعاون مع وزارة البيئة استغلت الإغلاق الذي سببه كوفيد 19 في الفترة بين 2020 و 2022، للحصول على تمويلات من المؤسسات الدولية والترويج لمشروعات البيوجاز.
توافق إسراء عبد الستار على أن التمويل يمكن أن يكون في بعض الأحيان أزمة، خاصة بالنسبة لصغار المزارعين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف إنشاء وحدة الغاز الحيوي ما لم تكن هناك منحة حكومية متاحة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حالات لا تملك فيها النساء عددًا كافيًا من الماشية لإطعام وحدة الغاز الحيوي، تؤكد زينب ذلك بالفعل ، قائلة لـ "العين الإخبارية" إنها تلجأ إلى جمع السماد من حظائر جيرانها لتغذية وحدة الغاز الحيوي الخاصة بها لأنها لا تملك ما يكفي من الماشية لتوفير ما يكفي من المواد الأولية اليومية لوحدة الغاز الحيوي.
وفقًا لـ سبيروس فوتونيس، يمكن أن يكون توافر المياه هو التحدي الرئيسي في العديد من المناطق الريفية في مصر، إلى جانب الحواجز المالية للبناء الأولي.
تواجه مصر أزمة شديدة في ندرة المياه بسبب عدة عوامل، بما في ذلك تغير المناخ والنمو السكاني وسوء إدارة المياه. حيث تواجه البلاد عجزًا سنويًا في المياه يبلغ حوالي سبعة مليارات متر مكعب، وتشير التقديرات إلى أن المصريين قد يقتربون من حالة ندرة مائية "مطلقة" بحلول عام 2025.
أما هناء، فلم تواجه أي مشاكل مع وحدة الغاز الحيوي الخاصة بها حتى الآن. ومع ذلك، فإن الغاز الناتج منه لا يحل تمامًا محل الحاجة إلى أسطوانات الغاز التقليدية وبالتالي، فهي تأمل في نهاية المطاف القضاء على اعتمادها على الوقود التقليدي (روث الحيوانات) وتجنب الإزعاج والمشاكل الصحية المرتبطة باستخدام موقد عادي.