كل ما تريد معرفته عن الحرب البيولوجية.. أحد أضلاع "الدمار الشامل"
اتهمت روسيا الولايات المتحدة باستخدام أوكرانيا لإجراء أبحاث الأسلحة البيولوجية غير القانونية عن الأمراض الفتاكة مثل الطاعون وغيره.
وقالت موسكو إنها نفذت عملية الشهر الماضي لتدمير مخزونات من "العوامل المسببة للأمراض الخطيرة للطاعون، والجمرة الخبيثة، والكوليرا وغيرها من الأمراض الفتاكة".
لكن البيت الأبيض نفى الادعاءات الروسية بخصوص المشاركة الأمريكية المزعومة في مختبرات للأسلحة البيولوجية وتطوير أسلحة كيماوية في أوكرانيا، واصفا إياها بـ"مزاعم كاذبة".
ما هي الحرب البيولوجية؟
وتعتبر الحرب الكيمياوية والبيولوجية والإشعاعية النووية جزءًا متأصلا في تاريخ الصراعات العالمية.
يمكن تتبع الأسلحة البيولوجية إلى ما قبل الميلاد بعشرة آلاف عام عندما استخدم مجتمع "سان" في جنوب أفريقيا سموما طبيعية من الثعابين على أطراف رماحهم لصيد الظباء.
وطبقًا لموقع "ساينس دايركت"، وهو عبارة عن قاعدة بيانات علمية وبيلوغرافية، تعرف الحرب البيولوجية، أو كما تعرف بالحرب الجرثومية أو الميكروبية، بأنها الاستخدام المتعمد لكائنات حية، أو سموم مشتقة منها، تتسبب في الأمراض لدى البشر أو الحيوانات، أو النباتات، خلال صراع أو هجوم إرهابي. ولذلك، تشمل الأسلحة البيولوجية كائنات حية وسموما تنتجها.
وتتضمن الحرب البيولوجية الإطلاق المتعمد لمسببات الأمراض الحية سواء في شكلها الطبيعي، على سبيل المثال جثث الحيوانات المريضة، أو في شكل كائنات حية معدلة (وتعرف في هذا السياق أيضا بـ"الحرب الجرثومية)، وقد يتضمن ذلك بكتيريا أو فيروسات، أو أي مسببات للأمراض.
ويكون الهدف إما قتل وإما إعاقة الأشخاص الذين يفتقرون للحماية من الوصول إلى منطقة ذات أهمية تكتيكية.
وعندما يكون مثل هذا العامل غير حي (بالرغم من أن كائنا حيا بيولوجيا ينتجه)، على سبيل المثال أحد السموم، يعتبر هذا عاملا كيماويا بموجب شروط معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية.
تاريخ الحرب البيولوجية
وتاريخيا، كانت الأسلحة البيولوجية هي الشكل الأول للحروب غير التقليدية.
وخلال القرن السادس قبل الميلاد، سمم الآشوريون ينابيع مياه الأعداء باستخدام فطر الإرجوت من أجل إرباك العدو.
وخلال القرن الرابع قبل الميلاد، استخدم الرماة السكوثيون رماحا مغطاة ببراز الحيوانات من أجل أن تتلوث إصابات أعدائهم بالعدوى.
وفي عام 204 قبل الميلاد، استخدم حنبعل شكلا من الحرب البيولوجية عندما وجه جنوده بإلقاء الأواني الفخارية الممتلئة بالثعابين السامة على أسطح سفن الأعداء البيرغامون.
وخلال العصور الوسطى، غالبا ما كان يستخدم ضحايا الطاعون الدبلي في الهجمات البيولوجية، حيث كانت الجيوش المحاصرة تلقي بالجثث والفضلات المصابة بالمرض على جدران القلعة باستخدام المقاليع.
وتسبب الانتشار غير المتعمد (وإن كان يزعم أنه متعمد في بعض الحالات) للأمراض من أوروبا في ضرر هائل للسكان الأصليين في أمريكا الشمالية والجنوبية خلال مرحلة استكشاف وغزو الأوروبيين لتلك الدول في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
وخلال الحرب الأهلية الأمريكية، كان يعرف عن القوات الفيدرالية إطلاق النار على الحيوانات في المزارع عن عمد ووضع الجثث في البرك التي تعتمد عليها القوات للحصول على مياه الشرب.
أول استخدام للحرب البيولوجية
وبحسب موقع "ساينس دايركت"، يمكن العثور على أحد أول استخدامات مشتبه فيها للعوامل الكيماوية في الحرب بين الفرس والرومان عام 256.
وطبقًا للأدلة الأثرية، عرض الجيش الفارسي الجنود الرومان إلى غازات سامة، مما أسفر عن مقتلهم قبل مواجهتم في المعركة.
وخلال الصراع بين الرومان والفرس، لوحظ أن الفرس استخدموا غازا كبريتيا مشتبها فيه داخل نفق، مما أسفر سريعا عن مقتل 20 جندي روماني جراء الاختناق.
وربما كان هذا الشكل البدائي باشتعال بلورات الكبريت داخل مكان مغلق أول مادة كيماوية أو بيولوجية تستخدم كسلاح هجومي خلال صراع.
وكان ذلك قبل قرون على تقديم بروتوكولات جنيف عام 1925، التي حظرت استخدام المواد الكيميائية المستخدمة كسلاح خلال أوقات الحرب.
وتطورت الأسلحة البيولوجية، وفي النهاية الأسلحة النووية، مع التطور التكولوجي.
الحرب العالمية الأولى
وفي الواقع، شهدت الحرب العالمية الأولى إفراطا في استخدام العوامل الكيميائية كأسلحة هجومية، وتضمنت تلك العوامل غازات الفوسجين والكلور والخردل، خلال المواجهات بين عامي 1915 و1918.
وكانت الأسلحة الكيماوية فعالة للغاية وكان لإطلاق تلك الغازات خلال المعركة تأثير كبير وتسبب في وقوع عدد كبير من الضحايا.
وأدت هذه الهجمات الشنيعة ضد القوات غير المستعدة إلى أن تعتبر الحكومة البريطانية الأسلحة الكيماوية والبيولوجية أسلحة دمار شامل؛ لأنها تسفر عن خسارة كارثة ومفجعة للأرواح.
وخلال الحرب العالمية الأولى، تواصل استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية الأكثر تطورا، مما أسفر عما يقدر بـ1.3 مليون ضحية مرتبطة بتلك الأجهزة المتفجرة، ولذلك يعتبر كثير من المؤرخين الحرب العالمية الأولى "حرب الكيميائي".
لكن لم يكن من الممكن تطوير أول عوامل بيولوجية حقيقية إلا بعد التطور التكنولوجي والميكروبيولوجي في القرن العشرين.
الحرب العالمية الثانية
خلال الجزء الأول من الحرب العالمية الثانية استخدم جيش الإمبراطورية اليابانية أسلحة بيولوجية ضد الجنود والمدنيين الصينيين على حد سواء. وواجهت "الوحدة 731" سيئة السمعة اتهامات بعمليات حرب بيولوجية، بما في ذلك إلقاء براغيث ملوثة بالطاعون على مدينة تشانغده، متسببة في تفشي الطاعون.
وردًا على تطوير الأسلحة البيولوجية في ألمانيا واليابان، بدأت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا برنامجا لتطوير الأسلحة البيولوجية، أسفر عن تحويل التولاريميا، والجمرة الخبيثة، وداء البروسيلات، والتسمُّم السُّجقي إلى أسلحة.
وتسبب الاختبار الميداني الذي أجرته المملكة المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية في تلويث جزيرة جرينارد بالجمرة الخبيثة على مدار النصف قرن التالي.
وتوقف تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية بفاعلية مع معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية عام 1972، التي وقعت عليها حتى الآن 137 دولة وما زالت سارية المفعول.
ومنذ ذلك الحين، تابعت عدة دول أبحاثًا "دفاعية" عن الأسلحة البيولوجية (للتطبيقات الدفاعية أو الوقائية)، وهو أمر لا تحظره اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية.
وتكمن المشكلة العسكرية الرئيسية في الهجوم البيولوجي أنه، وعلى عكس الهجوم النووي أو الكيماوي، قد يستغرق أياما حتى يصبح فعالا وبالتالي لن يوقف قوة معادية فورًا.
aXA6IDMuMTUuMTQ4LjU3IA== جزيرة ام اند امز