إنفلونزا الطيور تثير رعباً.. خبراء يكشفون "الموقف المصري" (خاص)
أقدمت دول على إعدام عشرات الملايين من الطيور المصابة بإنفلونزا الطيور خلال الفترة الماضية، فهل يعود المرض لإثارة الذعر عالمياً من جديد؟
أحدث الدول التي أعلنت عن إعدام عدد ضخم من الطيور كانت اليابان بإجمالي 10 ملايين طائر، وسبقتها دول أوروبية بإجمالي 50 مليون طائر في القارة العجوز.
ووفقاً لصحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن موجات إنفلونزا الطيور المتعددة أدت إلى نفوق وإعدام أكثر من 300 مليون دجاجة وبطة وإوز وعدد غير معروف من الطيور البرية بين عامي 2005 و2021.
وذكرت الصحيفة أن "أجزاء من أوروبا وأمريكا الشمالية في خضم أسوأ انتشار على الإطلاق لمرض إنفلونزا الطيور حالياً"، مشيرة إلى أن مجموعة عالمية من الباحثين تراقب الوضع بحذر وسط مخاوف بشأن تأثير المرض على البشر أو حدوث جائحة.
إنفلونزا الطيور مرض تسببه فيروسات تنتشر بشكل طبيعي بين الطيور المائية البرية في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن تصيب الطيور الداجنة وأنواع مختلفة من الطيور وحيوانات أخرى.
"العين الإخبارية" تحدثت إلى خبراء ومختصين عن المخاوف من تفشي إنفلونزا الطيور عالمياً، وموقف مصر من استيراد الدواجن حالياً.
مصر لا تستورد دواجن من الخارج
الدكتور يوسف ممدوح شلبي، رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطري الأسبق في مصر، كشف عن أن هناك بعض حالات إنفلونزا الطيور التي تظهر في البلاد من فترة إلى أخرى لكن الأمور "تحت السيطرة".
وشرح شلبي لـ"العين الإخبارية"، أن وصف الأمر بأنه "تحت السيطرة" يعني أن حالات الإصابة بالمرض لا تتعدى 5%، مضيفاً: "لا نستطيع القول إن مصر خالية من إنفلونزا الطيور لكن الأمور مُسَيطر عليها".
وأوضح أن مصر نجحت في تحجيم المرض ووضعه تحت السيطرة بفضل التحصينات، مشيرا إلى أن البلاد شهدت فترة صعبة من المرض في 2008 وحتى 2010 حيث بلغت نسبة إصابات الطيور بالإنفلونزا 60% من العدد الإجمالي وهو ما يقدر بملايين، فضلا عن الإصابات البشرية.
ووصف برنامج التحصينات الذي تطبقه مصر بـ"المشدد جدا جدا"، واستعرض باقي الإجراءات التي تطبقها مصر للسيطرة على المرض منذ عام 2008، قائلا: "من ضمن الإجراءات الأخرى المنفذة البعد الوقائي بين المزارع وعدم نقل الطيور بين المزارع".
ورأى أن إحدى النقاط المضيئة في أزمة إنفلونزا الطيور حاليا هي درجة الوعي التي وصل إليها مربو الطيور، مضيفا: "هم مَن يبحث الآن عن التحصينات ويلتزم بمواعيدها".
وعن مخاطر عودة المرض لمصر بعد سلسلة إعدامات نفذتها بعض الدول، أوضح شلبي أن مصر لا تستورد دواجن من الخارج، وإذا حدث واستوردت يكون من مصدر واحد خال من المرض وهو البرازيل.
أسباب تجدد أزمة إنفلونزا الطيور
الدكتور خالد حسانين، الأستاذ بكلية الطب جامعة أسيوط المصرية "قسم الميكروبيولوجيا والمناعة"، أوضح أن ميكروب إنفلونزا الطيور من الفيروسات التي تشهد حدوث طفرات جينية (التغيرات الإندينية).
وقال حسانين لـ"العين الإخبارية" إن الفيروسات التي لا تشهد حدوث طفرات يكون لها تطعيم وبالتالي يتم السيطرة على المرض، لكن الأخرى التي يطرأ عليها تغير في تركيبها نتيجة الاندماج الجيني مثل إنفلونزا الطيور يكون التحكم فيها صعباً وحتى التطعيم لا يكون تأثيره 100% (full effect) بل يكون بحد أقصى 70%.
وأضاف: "فيروسات الإنفلونزا بشكل عام يطرأ عليها التغيرات الإندينية والطفرات، بحيث تتغير التركيبة الجينية لها، بمعنى أن من الوارد بعد الإصابة الأولى بعدة أشهر أن يصاب الشخص بالفيروس ثانية لكن يدخل هذه المرة بصورة مختلفة عن الصورة الأولى في تركيبته، وبالتالي فإن الأجسام المضادة لو كانت موجودة لن تتمكن من صد الهجوم الجديد".
وأوضح أن هناك نوعين من التغيرات الجينية التي تطرأ على فيروسات إنفلونزا الطيور، الأولى صغيرة (طفرة) تحدث باستمرار والثانية تغيرات كبيرة تحدث نتيجة اندماج بين أنواع من الفيروسات وتسبب جوائح عالمية لكن الأخيرة لا تحدث إلا كل 10 أو 20 عاماً.
إجراءات تطبقها مصر للوقاية من إنفلونزا الطيور
المهندس محمد الليثي، استشاري دواجن ومدير أكبر مشروع "أمهات" دواجن في مصر، شرح باستفاضة الإجراءات التي تطبقها المزارع والشركات الكبرى في البلاد لحماية الثروة الداجنة من إنفلونزا الطيور.
وقال الليثي لـ"العين الإخبارية" إن "على حد علمي لم تظهر إنفلونزا الطيور على الدواجن سواء الأمهات أو التسمين في مصر، وذلك بفضل برامج التحصين المعتمدة القوية وإجراءات أخرى".
وأوضح أن الشركات الكبرى في مصر تطبق خطة أمن حيوي وبرنامج تحصين قوي جدا فضلا عن الرعاية البيطرية والمتابعة الدورية، وهناك شركات كثيرة في البلاد مسموح لها بتصدير الدواجن للخارج لأنها (free zone)، أي خالية من الأمراض خاصة الإنفلونزا.
وشرح المسؤول عن المشروع المعتمد من الاتحاد الأوروبي الإجراءات المطبقة في مزارع وشركات الثروة الداجنة، موضحا أن هذه الإجراءات يطلق عليها "الأمن الحيوي" أو "الأمن الوقائي".
وقال: "أولها أن تقام المزرعة في مكان معزول وتطبق شروط التباعد والحفاظ على المسافات، بحيث لا تقام بجوارها مزارع أمهات أو تسمين أو بياض"، وضرب مثالا بالمشروع الذي يقوده والمقام على مساحة 13 فدانا: "بين كل قطاع وآخر 7 كيلومترات وبين مزرعة وأخرى 3 كيلومترات وهذا كله داخل مشروع واحد للحفاظ على الأمن الحيوي".
وأضاف: "قبل دخول المزرعة يظل الشخص في الحجر الصحي من 24 لـ48 ساعة حيث يخلع جميع ملابسه ويخضع للتعقيم ثم يدخل للعزل، بعد ذلك يدخل الشخص إلى المزرعة ويخلع ملابسه مرة ثانية ويرتدي أخرى معقمة".
وشدد على أن كل شيء أو شخص يدخل المزرعة يخضع للتعقيم والتطهير حتى الطعام والمعدات والسيارات لمنع دخول أي شيء يحمل ميكروبات، فضلا عن رش المطهرات حول المزرعة لقتل أي ميكروب قد يحمله الهواء للمكان، مع تطبيق برامج مقاومة للحشرات والقوارض والتخلص من المخلفات بشكل أمن.
aXA6IDMuMTI4LjIwMS4yMDcg جزيرة ام اند امز