إنفلونزا الطيور.. شبح جائحة 2003 يخيم على أوروبا
بعد سنوات من الهدوء عادت أزمة إنفلونزا الطيور (H5N8) للسطح وتصدرت أخبارها وسائل الإعلام بعد هجمة شرسة شنها الفيروس على دول أوروبية.
عودة إنفلونزا الطيور (H5N8)، تضيف عبئا جديدا على الأنظمة الصحية التي أنهكتها الحرب المحتدمة ضد فيروس "كوفيد-19" منذ مطلع العام.
التفشي الجديد ظهر جليا في عدد من دول أوروبا خاصة ألمانيا وهولندا وبريطانيا مع بعض دول آسيا كاليابان، ما دفع السلطات لإعدام عشرات الآلاف من الحيوانات مثل الأوز والبط البريان والكروان والنورس؛ منعا لاتساع رقعة الإصابات ووضع باقي الدول المجاورة في حالة تأهب خوفا من الطيور المهاجرة.
وإنفلونزا الطيور مرض فيروسي معد يصيب الطيور لا سيما المائية، وقد ينتقل إلى الدواجن ويحدث فاشيات وخيمة على نطاق واسع، وينتشر عبر مسافات طويلة عن طريق الطيور المهاجرة.
ورغم أن المرض يعتبر منخفض الخطورة على الإنسان، خاصة إذا تجنب لمس الطيور المريضة أو النافقة واهتم بطهي لحوم الطيور جيدا، فإن التقارير تشير إلى إمكانية انتقال العدوى غير المصحوبة بأعراض سريرية بين البشر أو الثديات الأخرى.
هجوم شرس
في أوروبا، حيث تخشى دول القارة العجوز من تكرار سيناريو التفشي الضخم الذي شهده العالم عام 2003، تسابق السلطات الزمن لاحتواء إنفلونزا الطيور، ويُعتقد خبراؤها أن سلالة H5N8 شقت طريقها إليها على متن الطيور المهاجرة من روسيا وكازاخستان.
هولندا، أكبر مصدر في أوروبا للحوم الدجاج والبيض، اتخذت إجراءات صارمة لاحتواء فيروس إنفلونزا الطيور وأمرت بإعدام 200000 دجاجة في مزرعتين حتى الآن؛ خوفا من تفشي المرض وتحوله لجائحة مثل عام 2003 حيث اضطرت لإعدام أكثر من 30 مليون طائر.
أما في ألمانيا وعلى بعد 30 كيلومترا من المزارع الهولندية المتضررة ظهرت العدوى. وقالت الإذاعة العامة الألمانية (إن دي آر) إن السلطات عثرت على أكثر من 2700 طائر بري نافق، معظمها من الأوز والبط، على ساحل نوردفريزلاند كانت مصابة بإنفلونزا الطيور.
وكان أسوأ تفش لإنفلونزا الطيور في ألمانيا خلال عامي 2016 و2017، عندما أعدمت السلطات أكثر من 900 ألف طائر.
وسارعت السلطات البريطانية، التي أعلنت عن خلو المملكة المتحدة من المرض عام 2017، لإعدام 13 ألف طائر بمزرعة دواجن في فرودشام خوفا من العدوى، فضلا عن أمرها بتنفيذ عملية ذبح أصغر في مزرعة بمنطقة كينت سجلت إصابات جديدة.
ورغم عدم الإبلاغ عن أي إصابات بإنفلونزا الطيور في فرنسا، فإن السلطات رفعت مستوى الخطر إلى "مرتفع" في 45 مقاطعة، وفرضت قيودًا إضافية لتقليل انتشار الحيوانات المهاجرة للمرض.
وخلال أكتوبر/تشرين الأول، اكتشف فيروس H5N8 في الطيور المهاجرة من روسيا، وأجريت عملية إعدام ضخمة في مزارع بمنطقة كوستروما بغرب البلاد لاحتواء تفشي المرض.
أسباب إنفلونزا الطيور
لا توجد أسباب واضحة لظهور هذا المرض بين الحين والآخر، لكن الأمر يرتبط بشكل أساسي بموسم هجرة الطيور وانتقالها بين البلدان، حيث يكثر ظهور الحالات الحاملة للعدوى التي تنشر الفيروس بين الدواجن والطيور الأسيرة في المزارع، وأيضا الأسواق المفتوحة حيث يُباع البيض والطيور في ظروف مزدحمة وغير صحية، تعد بؤر للعدوى ويمكن أن تنشر المرض في المجتمع الأوسع.
وتنتقل العدوى من خلال الاتصال المباشر مع الطيور المصابة سواء ميتة أو حية، إذ تفرز الفيروس في فضلاتها وإفرازات عينها ولعابها، ولا تظهر الأعراض على كل الحيوانات المصابة لكن في كل الحالات ستنشرها للآخرين.
أيضا يمكن أن تنقل لحوم الدواجن غير المطبوخة جيدًا أو بيض الطيور المصابة إنفلونزا الطيور؛ لذا يجب طهي الأول في حرارة قدرها 74 درجة مئوية، والثاني حتى يتماسك الصفار والبياض.
أما عن انتقالها للإنسان، فغالبا يأتي الخطر الأكبر من الاتصال المطول والوثيق بالطيور المصابة، ما يعني أن المزارعين الذين يتعاملون مع الدواجن هم أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
هيئة الصحة العامة في إنجلترا (PHE) قالت إن الخطر على الصحة العامة من الفيروس "منخفض للغاية" حتى الآن، مشيرة إلى أن منتجات الدواجن والدواجن المطبوخة بشكل صحيح آمنة للأكل، بما في ذلك البيض.
تجنب العدوى
نصح الخبراء مربي الطيور بحمايتها من خطر إنفلونزا الطيور في أشهر الشتاء، من خلال:
- الحفاظ على منطقة تربية الطيور نظيفة ومرتبة.
- التحكم في الجرذان والفئران.
- تنظيف وتطهير أي أسطح صلبة بانتظام.
- تجنب الاحتفاظ بالبط والأوز مع أنواع الدواجن الأخرى.
- تنظيف الأحذية قبل وبعد الزيارات.
- وضع علف الطيور والمياه في مناطق مغلقة بالكامل محمية من الطيور البرية.
- وضع سياج حول المناطق الخارجية التي تترك فيها الدواجن والطيور.
هل تتحول إلى جائحة؟
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن جوائح الإنفلونزا تمثّل ظواهر لا يمكن توقّعها إلا أنها تتكرّر ويمكن أن تنطوي على عواقب صحية واقتصادية واجتماعية، مشيرة إلى تسجيل نحو 455 حالة وفاة بسبب H5N1.
وذكرت المنظمة، في تقرير سابق عبر موقعها الإلكتروني، أن جائحة الإنفلونزا تحدث عندما تجتمع عوامل رئيسية على النحو التالي: تظهر فيروسات إنفلونزا الطيور ذات القدرة على الانتقال إلى الإنسان مع انخفاض مناعة الناس أو عدم تكونها ضد هذا الفيروس، ومع نمو التجارة والطيران على الصعيد العالمي، يمكن لوباء محلي أن يتحوّل إلى جائحة بسرعة، ما يجعل الوقت ضيقاً لتحضير استجابة صحية عمومية.
وأعربت عن مخاوفها من استمرار سريان بعض أنماط فيروسات إنفلونزا الطيور لدى الدواجن ما يثير القلق في مجال الصحة العمومية؛ خوفا من خضوع الفيروسات لطفرة تجعلها أكثر قدرة على الانتقال للإنسان.
تجدد الأزمة
منظمة الصحة العالمية تحدثت عن أزمة تجدد ظهور مرض إنفلونزا الطيور مرارا، وقالت إن من المستحيل القضاء على المرض نظراً لوجود مستودع الفيروسات الصامت الشاسع لدى الطيور المائية، معتبرة أن تقليل المخاطر إلى أدنى حد هو التصرف الأمثل، من خلال ترصد الحيوان والإنسان والتقصي الشامل لكل حالة عدوى والتخطيط للجوائح القائم على المخاطر.
والمرض الذي أُبلغ عنه لأول مرة عام 1997 إبان ظهور فاشية لدى الدواجن في منطقة هونغ كونغ وقتل نحو 60% من المصابين، توسعت رقعته خلال 2003 حيث أبلغ عن ملايين حالات العدوى بين الدواجن ومئات الإصابات والوفيات البشرية في أكبر تفش أثر على سبل العيش والاقتصاد والتجارة الدولية في البلدان المتضررة.
وتصيب عدوى إنفلونزا الطيور الإنسان بأمراض تبدأ من التهاب الملتحمة الخفيف وصولا إلى الالتهاب الرئوي الوخيم وحتى الوفاة، وتتراوح فترة حضانة المرض بين يومين و5 أيام في المتوسط وتصل إلى 17 يوما، وفقا لبيانات منظمة الصحة.
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OCA= جزيرة ام اند امز