«الهازجة الصفراء» نموذجا.. الضوضاء تثير غضب الطيور

تواجه الطيور تحديات متزايدة نتيجة الأنشطة البشرية التي تؤثر على بيئتها الطبيعية، حيث أظهرت دراسة حديثة أن الطيور القريبة من الطرق تصبح أكثر عدوانية عند تعرضها لضوضاء المرور.
لا يكف الإنسان عن إزعاج الحياة البرية بأنشطته المتنوعة، ويتجلى هذا في التغيرات الطارئة على سلوكيات الكائنات الحية؛ فلدينا "طائر الهازجة الصفراء" (Setophaga petechia aureola) الذي أظهر بعض السلوكيات العدوانية، يعيش ذلك الطائر في جزر غالاباغوس، التابعة لدولة الإكوادور.
ويجدر الذكر أنّ جزر غالاباغوس عبارة عن أرخبيل من الجزر البركانية في المحيط الهادئ. وكانت غير مكتشفة من البشر حتى القرن السادس عشر. الأمر الذي جعلها مثالية لعالم الأحياء الشهير "تشارلز داروين" من أجل دراسة تطور الأنواع هناك في رحلته الشهير إلى جزر غالاباغوس. حتى اليوم، تُعد تلك الجزر بمثابة كنز علمي يستكشف العلماء من خلاله قدرات الأنواع على التكيف والتطور تزامنًا مع التغيرات البيئية من حولها.
لكن اليوم، صارت تلك الجزر أكثر عرضة للأنشطة البشرية. ما دفع مجموعة بحثية دولية لدراسة سلوكيات الطيور هناك، واختاروا طائر الهازجة الصفراء، الذي عاش على جزر غالاباغوس قبل 300 ألف سنة مضت.
ووجد الباحثون أن الطائر قد أظهر بعض السلوكيات العدوانية استجابة للضوضاء الناتجة عن حركة المرور حول غالاباغوس، وتظهر تلك السلوكيات في زيادة مدة أغانيها والحد الأدنى لتردداتها. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "أنيمال بيهافير" (Animal Behaviour) في 20 مارس/آذار 2025.
ضوضاء
أراد الباحثون دراسة مدى تأثر الطيور بالضوضاء من خلال عملية محاكاة؛ فقاموا بتشغيل أغاني الطيور عبر مكبر صوت، واستخدموا مسجل فيه ضوضاء مرورية مسجلة في 38 موقعًا يسكنها طائر الهازجة الصفراء. كان هناك 20 موقعًا على بُعد 50 مترًا من أقرب طريق، و18 موقعًا على بُعد أكثر من 100 متر.
بعد ذلك، قاس الباحثون استجابة الطيور للضوضاء الدخيلة. وركزوا على عدة عوامل لإجراء ملاحظاتهم، مثل: الاقتراب من مكبر الصوت، والقيام برحلات متكررة عبره، والزمن الذي تقضيه في التغريد.
عدوانية
وجد الباحثون أنّ طيور الهازجة الصفراء التي تعيش في المواقع القريبة من الطريق أظهرت سلوك أكثر عدوانية، مقارنة بتلك التي تعيش بعيدًا عن الطرق. كما وجدوا أنّ الطيور التي تعيش أدنى تجربة لحركة المرور أيضًا تتأثر بالضوضاء. إضافة إلى هذا، لاحظ الباحثون أنّ الطيور التي تعيش تجربة الضوضاء تزيد مدة تغريدها بناءً على مستوى الضوضاء؛ فقد كانت الطيور القريبة من المناطق المكتظة بالسكان أطول في زمن التغريد.
تعيش الأنواع الحية اليوم العديد من التغيرات من حولها؛ خاصة في ظل التغيرات المناخية التي تهدد الحياة على سطح الأرض، وتُجبر الأنواع على تطوير قدراتها للتكيف مع تلك التغيرات. لذلك، من المهم اتخاذ إجراءات خفض الانبعاثات وحماية الحياة البرية بقدر المستطاع؛ فهي تُشكل النظام البيئي على سطح الأرض، وانقراضها أو تقليل أعدادها قد يقود إلى أضرار وعواقب وخيمة.