"بترو بيتكوين".. "سلاح" روسي يطل برأسه في أزمة أوكرانيا
بعد إعلان موسكو اعتزامها بيع الغاز الروسي عبر "بيتكوين"، صعدت قيمة العملة المشفرة الأشهر عالميًا، لتتجاوز 45 ألف دولار.
وعلى الرغم من صعود أكبر عملة مشفرة في العالم فوق مستوى 45 ألف دولار للمرة الثالثة هذا العام، إلا أنه لا يزال أقل بكثير من المستويات القياسية التي حقّقها العام الماضي.
دور غير مسبوق للعملات الرقمية
تسعى موسكو مع احتدام الحرب على أوكرانيا وتدهور الاقتصاد الروسي والعملة إلى مستويات متدنية جديدة، للخروج من مأزق العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول الغربية بسبب الحرب على أوكرانيا.
وأعربت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، منذ أيام عن قلقها من أن العملات المشفرة تُستخدم كثغرة لتجنب العقوبات ضد روسيا.
وقالت لاجارد إنها "قلقة للغاية" بشأن الحجم الكبير من الروبل الروسي الذي يتم تحويله إلى أصول مشفرة.
وانتقد مصرفيو البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم العملات المشفرة غير المنظمة، والتي تتسم بدرجة عالية من عدم الثبات والتقلب ويمكن أن تترك المستثمرين معرضين لخسائر فادحة بالإضافة إلى المكاسب.
أوضح أحد محللي شركة الأصول الرقمية في المملكة المتحدةGlobalBlock، ماركوس سوتيريو، أن الحديث الآن عن "بترو بيتكوين" بدلاً من "بترو دولار"، وهو برأيه بُعدٌ آخر للعملة المشفرة.
أما في أوكرانيا، تؤدي العملات المشفّرة دورًا غير مسبوق يتيح للحكومة جمع ملايين الدولارات لتمويل تصديها الحرب الروسية.
منذ أولى ساعات النزاع فتحت الحكومة الأوكرانية العناوين والمحفظات الخاصة بالعملات المشفّرة مما أتاح لها تلقي هذه العملات اللامركزية بشكل مباشر.
وبإمكان أي شخص يمتلك عمليات مشفّرة أن يرسلها إلى هذه العناوين. وباتت تتدفق على الحكومة العملات المشفرّة من شتى الأنواع من بيتكوين وإيثيريوم وأيضا تيثر المقوّم بالدولار.
وجمعت الحكومة الأوكرانية و"صندوق العملات المشفّرة في أوكرانيا" الذي أنشأته منصة "كونا" الأوكرانية الرئيسية للقطاع والذي أدمج مع الصندوق الحكومي، أكثر من 100 مليون دولار.
وأوضح مؤسس منصة كونا ورئيسها مايكل شوبانيان (37 عاما) لوكالة فرانس برس "لا نزال نجمع عملات مشفّرة ونصرفها لشراء حصص غذائية" للجنود و"سترات مضادة للرصاص وخوذ". وبات شوبانيان يهتم بشكل حصري بجمع التبرعات بالعملات المشفّرة لصالح حكومته.
إمداد الغاز بالروبل والبيتكوين
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن الأربعاء 23 مارس 2022 أن موسكو لن تقبل سوى الروبل لشحنات الغاز إلى "الدول غير الصديقة"، التي تشمل جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي، بعد أن تعرضت موسكو لعقوبات مالية غير مسبوقة أدت إلى تدهور العملة الوطنية.
وكشف الكرملين الجمعة 25 مارس 2022 أنّ بوتين أمر شركة غازبروم بقبول مدفوعات صادراتها من الغاز إلى أوروبا بالروبل وإنه يجب عليها تحديد كيفية تحويل المبيعات التي تقدر بمليارات الدولارات إلى الروبل في غضون الأيام الأربعة المقبلة.
وأشار عضوًا في البرلمان الروسي إن الدول التي لم تفرض عقوبات يمكنها استخدام العملات المحلية وحتى عملة البيتكوين مقابل غازها.
التبرّع بالعملات المشفّرة في أوكرانيا
بينما تعد المبالغ التي يتم جمعها في أوكرانيا من العملات المشفّرة ضئيلة مقارنة بمساعدات بمليارات الدولارات أقرّتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية كبرى، لكنّها تسمح للأفراد بالمساهمة في التمويل.
واعتبرت المنظمة الأمريكية غير الحكومية "ذا جيفينج بلوك" التي تعنى بجمع العملات المشفّرة حول العالم بغية إرسالها إلى أوكرانيا "إنه خيار يلجأ إليه الأفراد الأصغر سنا بشكل متزايد لدعم قضايا مختلفة".
من جهة أخرى، تحوّل الأوكرانيون نحو هذه العملات اللامركزية لحماية أنفسهم من تراجع قيمة عملتهم.
إلى الآن نجح المصرف المركزي الأوكراني في وقف انهيار العملة الوطنية، لكن تداعيات الحرب قد تُفقد الهريفنيا الأوكرانية قيمتها.
وباستخدام العملات المشفّرة المقوّمة بالدولار يتجنّب المانحون قدر المستطاع تقلّبات أسواق الصرف.
ومن مزايا التبرّع بالعملات المشفّرة سرعة التحويلات. ففي حين يمكن أن يستغرق تحويل مصرفي بين بلدين ما يصل إلى 24 ساعة لتنفيذه، عادة ما يستغرق تحويل العملات المشفّرة أقل من ساعة.
مساوئ التبرع بالعملات المشفرة
أما فيما يتعلق بمساوئ التبرع بالعملات المشفرة، ففي قطاع لا يزال قيد البناء، لا يجري التبرّع بالعملات المشفّرة من دون عقبات.
وأراد وزير الصناعة الرقمية الأوكراني مكافأة المانحين بعملة مشفّرة رمزية أنشئت للمناسبة لكنّه عاد وتخلى عن مسعاه.
والأسوأ، أن مجهولين عمدوا إلى وضع نسخة مزيّفة من هذه العملة الأوكرانية المشفّرة، في مسعى منهم لجمع قسم من المبالغ المخصصة للأغراض العسكرية.
وقال شوبانيان الذي بات ينسّق بشكل وثيق مع الوزارة "حصل سوء تواصل" داخل الحكومة، مذكّرا بأنه "كان اليوم الأول للحرب".
من جهة أخرى، من شأن التشجيع على استخدام العملات المشفّرة أن ينقلب في المدى الطويل ضد الحكومة، من خلال حض الأوكرانيين على استخدام نظام مالي مواز.
وبحسب مركز "تشايناليسس"، التحويلات في أوروبا الشرقية توجّه خصوصا نحو عناوين خارج المنطقة "ما يمكن أن يؤشر إلى خروج غير قانوني للأموال"، لغايات قد يكون من بينها التهرّب الضريبي.
وعلى الرغم من النزاع يبدو شوبانيان واثقا ويقول "بعد انتصارنا في الحرب سنعيد بناء أوكرانيا عبر تقنية بلوكتشاين" لتبادل العملات المشفّرة، في إشارة إلى آلية لجمع البيانات تمتاز بقدرتها على توسيعها باستمرار.
اقتصاد موازٍ
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد وقّع خلال مارس الجاري قانونا لتشريع العملات المشفّرة يضع إطارا تشريعيا للمنصات والمستخدمين في بلاد كان هذا القطاع إلى حينه يشكّل اقتصادا موازيا.
وأبعد من الحدود الأوكرانية يجبر النزاع الحكومات على تطوير مفاهيمها للعملات المشفّرة ووضع إطار لها.
وقالت الخبيرة في مركز "تشايناليسس" كارولاين مالكوم لفرانس برس "نأمل أن يؤدي ذلك إلى سياسات تنظيمية متناسبة وفاعلة".
في الولايات المتحدة أطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن مشروعا لإصدار "دولار رقمي" وطلب من وكالات فيدرالية عدة إعداد تقارير حول المخاطر المرتبطة بالعملات المشفّرة وكيفية التصدي لها.
aXA6IDMuMTM1LjIxNC4xMzkg
جزيرة ام اند امز