انقطاع الكهرباء عن نيس الفرنسية.. تعرف على أسباب الظلام الغامض

شهد جنوب فرنسا سلسلة من الانقطاعات في التيار الكهربائي بدأت الجمعة الماضي، وتسببت في اضطرابات واسعة النطاق.
وفي صباح الأحد، تعرضت مدينة نيس الفرنسية لانقطاع كهربائي واسع النطاق، حيث انقطعت الكهرباء عن نحو 45,000 منزل في مناطق نيس، كاجن-سور-مير، وسان لوران دو فار.
أسباب انقطاع الكهرباء عن نيس الفرنسية
ووفقا لتقرير نشره موقع "كونيكسيون فرانس" فإن ثمة اشتباها بأن انقطاعات الكهرباء في نيس الفرنسية ناجمة عن هجمات استهدفت البنية التحتية للطاقة، وتسابق السلطات الزمن لتحديد الجناة.
بدأت الانقطاعات بوقوع ثلاثة حوادث منفصلة في أقل من 48 ساعة، وأدت إلى انقطاع الكهرباء عن أكثر من 200,000 منزل في منطقتي الألب-ماريتيم وفار، ما أثّر على الحياة اليومية، ووسائل النقل العامة، وحتى على اليوم الأخير من مهرجان كان السينمائي.
وأحدث تلك الحوادث وقع فجر اليوم الأحد، حيث اندلع حريق في محطة فرعية للكهرباء في حي مولان بمدينة نيس، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن نحو 45,000 منزل في المدينة والبلدات المجاورة، بما في ذلك سان لوران دو فار وكانيه سور مير.
وتأثرت شبكة الترام والمطار لفترة وجيزة، إلا أن التيار الكهربائي أُعيد بالكامل بحلول الساعة 06:00 صباحًا.
"تخريب متعمد"
وصرّح المدعي العام في نيس، داميان مارتينيلي، بأن الحريق يُعامل على أنه "تخريب متعمد"، مشيرًا إلى العثور على دلائل تدل على اقتحام موقع المحطة. وقد فُتحت تحقيقات جنائية تحت إشراف الشرطة القضائية المحلية بتهمة الحرق العمد المنظم.
من جانبه، ندّد عمدة نيس، كريستيان إستروسي، بالحادث واصفًا إياه بأنه "عمل خبيث"، وأكد أن المدينة ستتقدم بشكوى رسمية.
وأشار إلى أن تسجيلات كاميرات المراقبة من مركز المراقبة البلدية تم تسليمها للمحققين، وأنه سيتم تعزيز الإجراءات الأمنية في المواقع الكهربائية الحساسة.
تأثير على "كان"
ووقع الحريق بعد أقل من 24 ساعة من وقوع هجومين أخريين في المنطقة: إضرام النار في محطة كهرباء عالية الجهد في فار، وقطع عمود كهرباء عمدًا في الألب-ماريتيم.
وتسببت تلك الحوادث السابقة بانقطاع التيار عن نحو 160,000 منزل، من بينها منازل في مدينة كان خلال اليوم الختامي لمهرجان كان السينمائي الدولي.
وسمحت المولدات الكهربائية الاحتياطية باستمرار المراسم دون اضطراب كبير.
ورغم عدم وجود صلة رسمية مؤكدة بين هذه الأحداث، قال محافظ الألب-ماريتيم، لوران هوتيو، إن "عدة عوامل تشير إلى أن الأمر يتجاوز مجرد الصدفة".
وأضاف أنه رغم عدم وجود تهديد مباشر للمهرجان، إلا أن التدابير المضادة للإرهاب لا تزال سارية.
وقال نائب عمدة نيس، غايل نوفري، إن باب المحطة الفرعية في حي مولان قد تم خلعه، بحسب معلومات من رجال الإطفاء، مشيرًا إلى أنه سيتم تكثيف المراقبة في أرجاء المدينة.
ووصف النائب إريك سيوتي هذه الحوادث بأنها "بالغة الخطورة"، محذرًا من أن مثل هذه الأعمال "يمكن أن تعرض الأرواح للخطر وتتسبب في اضطرابات جسيمة في الحياة اليومية".
ولا تزال التحقيقات جارية بشأن ما تعتبره السلطات هجمات متعمدة على شبكة الكهرباء.
سوابق في الظلام
تسبب انقطاع كهربائي واسع النطاق، هو الأكبر في أوروبا منذ أكثر من 20 عاماً، في فوضى استمرت ساعات في إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا، قبل عودة التيار تدريجياً في أواخر أبريل/نيسان الماضي. ورغم تطمينات المسؤولين الأوروبيين بموثوقية الشبكات، حذّر خبراء من أن مثل هذه الانقطاعات قد تتكرر، حتى مع كونها نادرة.
ووفقا لتقرير سابق نشرته صحيفة الغارديان، تعود أسباب الانقطاعات الكبرى إلى ثلاثة عوامل رئيسية: الظواهر الطبيعية مثل العواصف والزلازل، والهجمات الإلكترونية، والأعطال غير المتوقعة في البنية التحتية. وأكدت تقارير أولية أن تغيراً مفاجئاً في درجة الحرارة قد يكون وراء الانقطاع في إسبانيا، لكن مشغّل الشبكة نفى ذلك.
كما أثيرت تساؤلات حول دور الطاقة المتجددة في الانقطاع، إذ فقدت منطقة غنية بالطاقة الشمسية كميات كبيرة من التوليد في ثوانٍ، مما زعزع استقرار الشبكة. ويواجه تشغيل الشبكات المتجددة تحديات أكبر مقارنة بالمحطات التقليدية، لغياب "القصور الذاتي" الذي يساعد في استقرار التردد.
ورغم استبعاد وجود هجوم إلكتروني، يرى خبراء الأمن السيبراني أن هذه التهديدات حقيقية، مشيرين إلى تجارب سابقة في أوكرانيا. ويؤكد الخبراء أن الوصول إلى نظام كهربائي خالٍ من الانقطاعات بالكامل غير واقعي اقتصادياً، ما يستوجب التوازن بين الكلفة والاستعداد للمخاطر.
وقبل تلك الأحداث بنحو شهر، وبالتحديد في أواخر مارس/آذار الماضي، تعرض مطار هيثرو في لندن لوقف عملياته بكامل طاقته بعد يوم من الفوضى التي سببها انقطاع التيار الكهربائي نتيجة حريق في محطة كهرباء فرعية قريبة، ما أدى إلى إغلاق واحد من أكثر مطارات العالم ازدحامًا. وكان الحريق قد اندلع في محطة "نورث هايد" الفرعية بعد الساعة 11 مساءً بقليل يوم 20 مارس/آذار، مما أدى في نهاية المطاف إلى انقطاع الكهرباء عن مباني الركاب في المطار، إضافة إلى آلاف المنازل، لعدة ساعات.
وتسبب الحريق في توقف الأنظمة الحيوية داخل المطار، ما تطلّب إيقافها ثم إعادة تشغيلها بطريقة آمنة ومنهجية، بحسب إدارة المطار.
وأوضح الرئيس التنفيذي للشبكة الوطنية، جون بيتيجرو، أن وجود محطتين فرعيتين قادرتين على تغذية المطار يثبت مرونة شبكة الكهرباء. وقال المحققون إن سبب الحريق الذي اندلع في محطة الكهرباء الفرعية وتسبب في انقطاع التيار الكهربائي في مطار هيثرو لا يزال مجهولًا بعد أكثر من شهر على وقوعه.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA== جزيرة ام اند امز