الطريق إلى تعز اليمنية.. مدنيون يصارعون الموت في ظل الحصار الحوثي
"العين الإخبارية" ترصد المأساة الإنسانية في طرق إمدادات سكان محافظة تعز الخاضعة لحصار حوثي مشدد منذ 4 سنوات ونصف السنة.
يواجه المدنيون العابرون إلى محافظة تعز اليمنية طرقا محفوفة بمخاطر الموت، وذلك لكسر الحصار المشدد التي تفرضه مليشيا الحوثي المدعومة من إيران منذ ما يقارب 4 أعوام ونصف العام.
ومنذ تمركز مليشيا الحوثي في المنافذ الرئيسية لمدينة تعز وفرض حصار لا إنساني، بات طريق "هيجة العبد" الواقعة في منحدر جبلي سحيق جنوب مدينة التربة جنوبي تعز، المنفذ الحيوي الوحيد الذي يصل العاصمة المؤقتة عدن، لكنه مؤخرا تعرض لانهيارات خطيرة جراء الأمطار.
وأدت التشققات، لشل حركة النقل والإمدادات الحياتية للسكان، وهو ما دفع بالحكومة اليمنية، الأربعاء الماضي، إلى التوجيه العاجل ببدء إجراءات إصلاح الطريق باعتباره المنفذ الوحيد حالياً، وحددت مسار الصحى-القريشة كطريق بديل خلال فترة أعمال الصيانة التي تنتهي نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
واخترقت "العين الإخبارية" طريق "الصحى" المسار البديل، ورصدت الأضرار التي خلفتها الأمطار بطريق "هيجة العبد" باعتبارهما طوق نجاة المواطنين وممرهما المصيري في ظل الحصار الجائر والحرب الغاشمة التي تشنها مليشيا الحوثي بحق كبرى مدن البلاد كثافة سكانية.
وأغلق الانقلاب الحوثي في وجوه المسافرين نحو 9 منافذ رئيسية تصل تعز بالمحافظات الحيوية المجاورة، أهمها عدن والحديدة، وذلك في حصار داخلي يستهدف عزلها وحرمان السكان من الإمدادات المعيشية في عقاب جماعي يمنع دخول المواد الغذائية والقوافل الإغاثية والمشتقات النفطية والبضائع التجارية.
وأواخر العام الماضي أحبط الحوثيون زيارة رسمية لوفد تابع لبرنامج الغذاء العالمي من دخول مدينة تعز عبر منفذ "جولة القصر" الرئيسي بهدف الاطلاع على تدهور الوضع الإنساني ورصد حالة الحصار الإرهابي.
- مغامرة مصيرية
في بلدة النجيشة التابعة لمديرية المقاطرة شمالي محافظة لحج الحدودية مع تعز، تذوب استغاثة المسافرين بصافرات السخط التي تنطلق من أبواق مقاود السائقين عند منعطفات تقع على حافة الهاوية، كتجسيد آخر لآلة القتل الحوثية الرامية لهدم وتمزيق جغرافيا البلد الواحد، عبر حظر التجوال في النقاط الآمنة بين الأجزاء الخاضعة لسيطرتها والمناطق المحررة.
محمد هزاع الصبري، سائق شاحنة تقل إمدادات نفطية خاصة بمستشفيات المدينة المحاصرة، يقول: "إن حركة النقل من وإلى تعز أصبحت أشبه بمغامرة مستحيلة تواجه خلالها الموت الفعلي حتى في تلك المنافذ الرابطة بالمحافظات الجنوبية".
وأوضح أنه حاول اختراق مناطق سيطرة الحوثيين والانتقال إلى عدن عبر الطرق الرئيسية، قبل أن تعتقله المليشيا وتزجه في سجونها لأكثر من 6 أشهر، لافتا إلى أن النقاط الأمنية للانقلابيين اختطفت العديد من المسافرين وابتزتهم ماليا في طرقات استحدثت لكسر الحصار المفروض.
وأضاف الصبري لـ"العين الإخبارية": "نعاني في تعز من عدم وجود منافذ لطرق السير، لا سيما في مواسم الأمطار التي قطعت طريق "هيجة العبد" الواصلة بعدن، فيما طريق الضحى-القريشة، ممر غير مصمم للشاحنات ولا يتسع لأكثر من مركبة صغيرة في خط سير واحد.
وناشد هزاع، الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بإنقاذ تعز والضغط للتدخل العاجل بترميم طريق هيجة العبد كممر إنساني وحيد، مطالبا بكسر حصار الحوثيين وحسم المعركة عسكريا وفتح كافة المنافذ الإنسانية.
- خطورة منافذ الحصار
تتكدس مئات الناقلات والمركبات المدنية في أرض نائية شديدة الوعورة تنعدم فيها سبل الحياة إلا من قرى متناثرة تعتلي تضاريس ترتفع عما حولها.
هنا في طريق الصحى-القريشة في الحدود الفاصلة بين شمال وجنوب اليمن، يجذبك الصراع مع الطبيعة، وتشدك صور تماسك المجتمع اليمني وسط الحرب الطاحنة، إذ يتدافع أبناء قبائل "النجيشة" و"الصبيحة" من بيوتهم يحملون الغذاء والماء للسائقين والمسافرين، فيما يصطف آخرون لتنظيمها وردم الحفر الأرضية التي تحولت مع حركة المركبات إلى رمال تعيق السير.
ويعد منفذ "الصحى-القريشة" واحدا من 12 منفذا فرعيا حسب رصد أجرته "العين الإخبارية" للطرقات التي استحدثها السكان بالجبال ومجاري السيول، في محاولة منهم لكسر الحصار الحوثي، لكنها تمثل خطورة كبيرة على حياتهم.
فحسب تقارير حقوقية، فإن سيول الأمطار حصدت أرواح نحو 21 مدنيا و3 أسر أخرى بالكامل في منفذي هيجة العبد والأقروض فقط، وكبدت القطاع التجاري خسائر فادحة، فيما لم تورد أي تقارير تفاصيل عن ضحايا حوادث السير في منافذ الحصار الحوثية.
aXA6IDUyLjE0LjE2Ni4yMjQg
جزيرة ام اند امز