"دم الأخوين".. صرخة من أجل وقف القتال
يجمع بين نصوص كتاب "دم الأخوين العنف في الحروب الأهلية" للبناني فواز طرابلسي موضوع العنف الأهلي في علاقاته المتبادلة مع الأدب والفن
يجمع بين نصوص هذا الكتاب "دم الأخوين.. العنف في الحروب الأهلية"؛ الصادر أخيرا عن دار رياض الريس للكاتب اللبناني فواز طرابلسي، موضوع مشترك: "العنف"، و"العنف الأهلي" خصوصا، في علاقاته المتبادلة مع الأدب والفن.
توسل المؤلف دراسة أعمال متباينة تشمل شيعة مسيحية في جنوب فرنسا من القرن الثاني عشر؛ الحرب والتضحية بالأبناء في رسوم كاثي كولفتس؛ الذبح في فن الإيطالي كارافاجيو؛ الندم والعيب والذاكرة والنسيان في الحروب؛ عدوان الأدب والفن على الواقع في مسرح هاينر موللر، الحرب الأهلية اللبنانية في طقوسها وملصقات الميليشيات فيها؛ الأطفال في مسرحية لمحمد الماغوط، وفي فيلم عن الحرب الأهلية في يوغسلافيا، استخدامات جدارية بيكاسو في التعبير التشكيلي عن الحروب العربية.. إلخ.
ولم يخل الأمر من نبذات تاريخية متفرّقة عن نشوء وتطوّر استخدام الطيران لقتل المدنيين على الأرض، من قمع الطيران البريطاني لـ"ثورة العشرين" في العراق وقصف الطيران الفرنسي لدمشق خلال الثورة السورية العام 1925 مروراً بولادة "الحرب الشاملة" التي تستهدف المدنيين في الحرب العالمية الثانية وذروتها المروّعة في هيروشيما وصولا إلى آخر الأسلحة المستخدمة في الحروب العربية: الطائرة بدون طيّار والبرميل المتفجّر.
عنوان الكتاب "دم الأخوين" مستوحى من اسم شجرة نادرة في جزيرة سقطري اليمنية، يقال إنها إشارة إلى قتل قايين لأخيه هابيل: الأسطورة التأسيسية لولادة الحضارة الإنسانية التي قوامها قتل الأخ، في هذه النصوص يولد القاتل - القتيل، الثنائي المسخ الذي تتمخض عنه الحروب الأهلية. سوف نلتقيه في حصار سراييفو، أو في لوحة لكارفاجيو، أو جدارية لبابلو بيكاسو، أو في مأساة عضو في خلية حزبية صينية عند هاينر موللر، أو في قول مأثور لزعيم ميليشيا في الحرب الأهلية اللبنانية.
ولم تتطرّق نصوص هذا الكتاب إلى أنماط العنف التي تتم لا من السماء وإنما على الأرض باسم السماء. وعندها يصير القتل -وقتل الأخ خصوصا- واجبا دينيا إيمانيا، في طور التوحّش هذا قد استكمل انتقال الإنسان من دور الضحية والأضحية الى دور الضاري، أراد طرابلسي لهذه النصوص أن تكون صيحات مدوّية من أجل وقف القتال والقتل والحروب.