دماء ومرتزقة وتهديدات.. السجل الأسود لوزير دفاع أردوغان
حالة الهذيان التي أصيب بها أكار مؤخرا أو يصطنعها يبدو أنها وسيلته في تلك الظروف لتبرير فشله وفشل رئيسه رجب طيب أردوغان
الهذيان هو اضطراب خطير في القدرات العقلية يؤدي إلى التفكير المشوش وتراجع القدرة على فَهم وإدراك الأوضاع والبيئة المحيطة.
تلك الحالة يبدو أن وزير دفاع تركيا خلوصي آكار أصيب بها مؤخرا، فبدأ يهذي ويهدد الإمارات ويروج مزاعم باطلة بشأن دور الإمارات في ليبيا التي أغرقتها بلاده، وبإشرافه المباشر، بمرتزقة وإرهابيين في محاولة بائسة لسرقة البلد الغني بالنفط.
حالة الهذيان التي أصيب بها أكار مؤخرا أو يصطنعها يبدو أنها وسيلته في تلك الظروف لتبرير فشله وفشل رئيسه رجب طيب أردوغان وغرقهم في بحور من دماء الأبرياء أينما حلت رحالهم.
والمتتبع لسيرة خلوصي آكار، يجد نفسه أمام سجل أسود مليء بالجرائم، لرجل كان طريقه للترقي في الجيش هو الوشاية بزملائه، وعندما وصل أردوغان للحكم وجد فيه ضالته للسيطرة على الجيش والتخلص من جميع معارضيه.
ومن اعتاد بالوشاية بزملائه للترقي، لم يجدد غضاضة في أن يشترك مع أردوغان في مسرحية الانقلاب المزعومة في 15 يوليو/ تموز 2016 للحصول على منصب جديد، قبل أن تفضح وثائق مؤخرا مؤامرته مع أردوغان.
وبعد عامين من مسرحية الانقلاب المزعومة، كافأه أردوغان بمنحه منصب وزير الدفاع، ليتحول إلى ذراع أردوغان الدموية لتنفيذ مخططاته في الخارج.
السيرة الدموية لخلوصي آكار وسجله الأسود تستعرضها "العين الإخبارية" في التقرير التالي:
ترقٍّ على حساب المبادئ
ولد آكار عام 1952 بولاية قيصرين تخرج في مدرسة الحرب البرية عام 1972، وفي مدرسة المشاة عام 1973، وفي أكاديمية الحرب البرية عام 1982، وفي أكاديمية القوات المسلحة عام 1985.
تولى العديد من المناصب منها منصب قائد لواء الأمن الداخلي في تونجالي ـ هوزات، ومدير الخطط والمبادئ في القيادة الإقليمية الجنوبية لقوات الحلفاء في نابولي ـ إيطاليا ، قبل أن يتم ترقيته إلى رتبة لواء عام 2002.
تولى آكار قيادة المدرسة الحربية البرية، والأكاديمية الحربية البرية، وحين حصل على رتبة فريق، تولى القيادة اللوجيستية للقوات البرية عام 2007.
في عام 2011 حصل على رتبة فريق أول، فتولى رئيسا ثانيا للأركان، وقيادة القوات البرية.
وبعد تولي أردوغان الرئاسة عام 2014، كانت الرئاسة منصبا شرفيا، وهو أمر لم يرق لطبيعة أردوغان الديكتاتورية، الذي كان يريد دائما السيطرة على كل السلطات في يده، في أي منصب حل به، وكان يدرك جيدا أن الجيش سيقف عقبة أمامه لتنفيذ أطماعه.
وكان أردوغان يعرف أكار جيدا ووشايته بزملائه حينما كان الأول يتولى منصب رئيس الوزراء خلال الفترة من (2003 إلى 2014)، ويعرف أطماعه هو الآخر، واستعداده لأي عمل، فوجد فيه ضالته لتنفيذ مخططاته للسيطرة على الجيش، فتم تعيين آكار رئيسا للأركان العامة عام 2015.
فضيحة مسرحية الانقلاب
في تلك الفترة تم التدبير لمحاولة الانقلاب المزعومة التي شهدتها تركيا يوم 15 يوليو / تموز 2016، وكان لأكار دور كبير في حبك مسرحية الانقلاب المزعومة.
فلجعل تمثيلية الانقلاب المزعوم أكثر إقناعًا، ادعى آكار، اختطافه خلال الانقلاب، وكان وقتها رئيس الأركان .
وقبل يومين، كشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي عن تورط آكار في تلك المسرحية المفبركة، وفقًا لشهادة الرائد عدنان أريكان، الذي جرى تكليفه بتوفير الأمن لآكار عندما طار بطائرة هليكوبتر من مقر هيئة الأركان العامة إلى قاعدة أكينجي الجوية، بعدما زُعم أن الانقلابيين استخدموها كمركز قيادة.
وتحت مزاعم الانقلاب، ساعد أكار ، أردوغان في السيطرة على الجيش عبر التخلص من كل أفراد الجيش المعارضين له بفبركة الاتهامات والتهديدات وتحويلهم لمحاكمات وسجن كثير منهم.
وهو الأمر الذي مهد لأردوغان تحقيق هدفه بإجراء استفتاء مشكوك في نزاهته على دستور جديد في أبريل/نيسان 2017، أيد فيه 51 في المئة من الأتراك منح الرئيس سلطات واسعة.
جرائم حرب
وكمكافأة له على دوره، عين أردوغان، أكار، في يوليو/ تموز 2018 وزيرا للدفاع.
فور تولي أكار وزارة الدفاع أتم تصفية الجيش، وواصل التخلص من جميع معارضي أردوغان، إضافة إلى السماح لخريجي المدارس الدينية والمنتمين لحزب العدالة والتنمية الالتحاق بالجيش.
عقب ذلك أوكل أردوغان لآكار تنفيذ أطماعه ما وراء الحدود، فتحول إلى ذراع أردوغان الدموية لتنفيذ مخططاته في سوريا والعراق وليبيا.
وفي الملف السوري، كلف أردوغان أكار بالإشراف على العمليات التركية في سوريا، فأقام المذابح للأكراد في عفرين، وكون شبكة قوية من العلاقات مع تنظيم داعش الإرهابي.
كما اعتادت تركيا اختراق الأجواء العراقية بزعم ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، غير أن تلك الهجمات كثيرا ما تسقط ضحايا من المدنيين.
وبعد عام من تعيينه وزيرا للدفاع، اتهمت منظمة العفو الدولية، في أكتوبر 2019، القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها بارتكاب "جرائم حرب" في هجومها ضد المقاتلين الأكراد شمال شرقي سوريا.
وذكرت المنظمة في تقرير أن " القوات العسكرية التركية، وتحالف الجماعات المسلحة السورية المدعومة من تركيا، قد أبدت ازدراء مشيناً لحياة المدنيين؛ حيث ارتكبت انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، بما في ذلك القتل العمد، والهجمات غير القانونية التي قتلت وجرحت مدنيين؛ وذلك خلال الهجوم على شمال شرق سوريا.".
وتحت إشرافه، تم إنشاء مليشيات مسلحة في سوريا، واستخدم هذه المليشيات لكي يحولها إلى مرتزقة تخوض حربه الأخرى في ليبيا.
ونشرت أنقرة في ليبيا الآلاف من المرتزقة السوريين، الذين يمثل بعضهم بقايا تنظيمي القاعدة وداعش، ويشتهرون بارتكابهم جرائم حرب.
وتواصل تركيا بالتدخل العسكري غير المشروع في ليبيا، وعرقلة الوصول لحل سياسي، وتغذية الصراع عبر تسليح المليشيات التابعة لحكومة فايز السراج الإخوانية غير الدستورية، ونقل مرتزقة وجماعات إرهابية لدعمه، بهدف إطالة أمد الصراع سعيا للسطو على ثروات الشعب الليبي.
ليبيا فشل ذريع لأكار
وفضحت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون)، تركيا، عبر نشر تقرير يكشف أن تركيا أرسلت ما بين 3500 و3800 مرتزق إلى ليبيا لدعم مليشيات فايز السراج، الأمر الذي مثل إحراجا دوليا لأنقرة.
وفي اليوم التالي لنشر التقرير، زار أكار الدوحة في 19 يوليو/ تموز الماضي والتقى أمير قطر تميم بن حمد، وفي اليوم التالي عقد اجتماعا في أنقرة لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار ونظيره القطري خالد العطية ووزير داخلية حكومة الوفاق الليبية غير الدستورية فتحي باشاغا، وسط ترجيحات أن المباحثات تم خلالها بحث توفير ونقل مرتزقة لليبيا، بعد تزايد الانتقادات الدولية لقيام تركيا بإرسال مرتزقة من سوريا.
وكشف تقرير للمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس، النقاب، عن أن تركيا وقطر تخططان لإرسال مرتزقة صوماليين إلى ليبيا.
وقال التقرير إن التوجه هو أبرز مخرجات زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى العاصمة القطرية الدوحة .
أيضا لا تزال أصداء استهداف قاعدة الوطية الجوية في ليبيا، جنوب غرب طرابلس، الخاضعة لسيطرة مليشيات الوفاق وتركيا، تشعل صداعا لأكار، في ظل استمرار نواب المعارضة بتقديم استجوابات له عن خسائر تركيا في هذا القصف الذي جاء بعد يومين فقط من زيارة وزير الدفاع التركي لليبيا.
وكان الجيش الوطني الليبي كشف، في 6 يوليو/تموز الماضي، أن عملية استهداف قاعدة الوطية الجوية، تمت عبر استهداف 9 مواقع تركية في القاعدة، وأن نسبة تدمير التجهيزات بالقاعدة بلغت نحو 80% تقريبًا.
ويمثل هذا القصف رسالة شديدة اللهجة لأنقرة بأنها مهددة، ليس فقط في حال تقدمها نحو سرت أو الجفرة وصولًا للهلال النفطي الليبي شرق البلاد، ولكن حتى في أماكن تمركزها في الغرب الليبي.
ووجّه آيدين سزغين، النائب البرلماني عن حزب "الخير" التركي المعارض، قبل أيام، عدة تساؤولات، لخلوصي آكار حول استراتيجية بلاده في ليبيا بعد قصف قاعدة الوطية.
وقبل نحو أسبوع كان النائب نفسه قد قدم استجوابًا بالبرلمان لوزير الدفاع، للوقوف حول الهجوم الذي شنته "طائرات مجهولة الهوية" على قاعدة "الوطية".
أضف إلى ذلك كله موافقة البرلمان المصري بالإجماع على إرسال عناصر من القوات المسلحة في مهام قتالية خارج حدود البلاد للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي ضد أعمال المليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبي، الأمر الذي أربك أردوغان وأكار وحساباتهما.
درس جديد من الإمارات
أمام تلك الصدمات المتلاحقة، بدأ أكار يهذي ويهدد الإمارات ويروج مزاعم باطلة بشأن دور الإمارات في ليبيا التي أغرقتها بلاده، وبإشرافه المباشر، بمرتزقة وإرهابيين في محاولة بائسة لسرقة البلد الغني بالنفط، قبل أن يلقنه الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، درسا جديدا في الدبلوماسية .
وأكد قرقاش أن "التصريح الاستفزازي لوزير الدفاع التركي سقوط جديد لدبلوماسية بلاده".
وأكد قرقاش في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "منطق الباب العالي والدولة العليّة وفرماناتها مكانه الأرشيف التاريخي".
وشدد على أن: "العلاقات لا تدار بالتهديد والوعيد، ولا مكان للأوهام الاستعمارية في هذا الزمن، والأنسب أن تتوقف تركيا عن تدخلها في الشأن العربي".
aXA6IDE4LjIyMy4xMjUuMjM2IA== جزيرة ام اند امز